قال الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز، مساعد وزير البترول والثروة المعدنية لشؤون البترول، إن التطور الاقتصادي والصناعي المتسارع في السعودية أدى إلى زيادة الاستهلاك المحلي للطاقة، مضيفا أن التقديرات تشير إلى نمو استهلاك بمعدل يُراوح بين 4 و5 في المائة سنويا حتى عام 2030. الأمير عبد العزيز بن سلمان وأضاف الأمير عبد العزيز، أن هذا النمو في الطلب وإن كان بصورة أساسية يُعزى إلى النمو الصناعي وتنامي الرفاهية الاقتصادية في المملكة، فإن جزءا كبيرا منه نتج من عدم الكفاءة في الاستهلاك ما أدى إلى هدر الطاقة ويجعل النمو المتسارع أمرا غير قابل للاستدامة. جاء هذا في مقال نشرته مجلة "منتدى أكسفورد للطاقة" الصادرة من معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، في عددها الصادر في أيار (مايو) الماضي، حول أهمية كفاءة استهلاك الطاقة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة. وقال: إنه بدأ أول برنامج وطني لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة في عام 2003 كبرنامج مؤقت مدته ثلاث سنوات يهدف إلى تحسين إدارة الأحمال الكهربائية ورفع الكفاءة في مجال توليد الكهرباء واستهلاكها في المملكة، وانتهى هذا البرنامج في عام 2006. وأضاف، أنه استنادا إلى الخبرات المستفادة من البرنامج السابق ومواصلة وتوحيد الجهود لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة تحت مظلة واحدة ودائمة؛ أوصت وزارة البترول والثروة المعدنية في 2007، بتأييد من جهات حكومية أخرى، بتأسيس مركز وطني دائم لكفاءة الطاقة، ونتج عن هذا إنشاء المركز السعودي لكفاءة الطاقة في عام 2010. وأوضح، أن المركز يتبع بصورة مؤقتة مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وله مجلس إدارة يضم ممثلين لأكثر من 20 جهة من وزارات وجهات الحكومية وشبه الحكومية وقطاع الخاص معنية بقطاع الطاقة. وتابع الأمير عبد العزيز بن سلمان، أن من أهم أهداف المركز وضع برنامج وطني لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة والخطط اللازمة لذلك، واقتراح النظم واللوائح التي تحقق ذلك، ومتابعة تنفيذ التشريعات والسياسات والخطط، والتوصية بالخطوات اللازمة لتنفيذها، ووضع مؤشرات لترشيد ورفع كفاءة الاستهلاك في القطاعات المختلفة، وإعداد التقارير الدورية لرصد التقدم. وقال: "تحقيقا لهذه الأهداف أطلق المركز في عام 2012 البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة لترشيد ورفع كفاءة الاستهلاك من خلال تصميم وتنفيذ برامج متنوعة في القطاعات المستهدفة وما يتعلق بها من عوامل ممكنة". وتابع: "تركز نطاق عمل البرنامج بصورة أساسية في ثلاثة قطاعات رئيسة هي المباني والنقل والصناعة، لاستحواذها على 90 في المائة من إجمالي استهلاك الطاقة في المملكة، وعلى خمسة عوامل ممكنة هي الأنظمة وشركات خدمات الطاقة والتمويل والحوكمة والتوعية. وأوضح أيضا، أن البرنامج يقتصر على إدارة جانب الطلب على الطاقة فقط ولا يتضمن سياسات التعديل في أسعارها، كما يقوم بتصميم برامج ترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة في القطاعات المستهدفة آخذا في الاعتبار الآثار المترتبة على المستهلك النهائي. وأشار إلى عمل 120 مختصا في البرنامج يمثلون 20 جهة معنية بالطاقة، يقومون بإعداد وتنفيذ البرنامج بصورة مباشرة، إضافة إلى مئات الموظفين الحكوميين العاملين على تنفيذ مختلف برامج ترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة. وقال: "تم تقسيم البرنامج إلى فرق عمل تخصصية حسب القطاعات وعوامل التمكين، واستخدمت تلك الفرق الفنية نفس منهجية البرنامج القائمة على العمل من القاعدة وصولا إلى المستويات الأعلى، بهدف تحديد استراتيجية العمل وبرامج القطاعات والعوامل الممكنة وخطة التنفيذ". وأضاف: "هذه المنهجية تمثلت في اتباع خطوات، الأولى منها تحليل الطلب على الطاقة، وتتألف من جمع وتحليل معلومات الطلب على الطاقة حسب قطاعات الاستهلاك النهائي في المملكة، والتعرف على أهم محددات استهلاك الطاقة في كل قطاع، ترتيب القطاعات والمحددات حسب الأولوية". والخطوة الثانية تشكيل فرق فنية من الجهات المعنية، وتشمل تحديد الجهات الحكومية وشبه الحكومية والقطاع الخاص التي تمثل الأطراف المعنية في كل قطاع، وتأسيس فريق فني لكل قطاع يضم ممثلين لجميع الجهات المعنية ومختصين فنيين والتنسيق مع المنظمات الدولية والمختصين العالميين وتأسيس علاقات شراكة. أما الخطوة الثالثة من المنهجية فتتمثل في التركيز على تصميم وتخطيط برامج للقطاعات المستهدفة وعوامل التمكين، وتتألف من مقارنة برامج ترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة مع المستويات العالمية وتقييم إمكانية تطبيقها في المملكة وتقديم اقتراحات للبرامج الممكن تطبيقها إلى اللجنة المشرفة على البرنامج "في الاجتماعات الشهرية. والرابعة يتم فيها تنفيذ برامج ترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة وعوامل التمكين الخاصة بها، وتتمثل في التأكد من توافر عوامل التمكين كالميزانية والموارد البشرية بالنسبة للجهات الحكومية والبنية التحتية للقطاع الخاص والأنظمة والمواصفات القياسية، وإسناد برامج الترشيد ورفع الكفاءة إلى الجهات ذات الاختصاص لتنفيذها. وقال مساعد وزير البترول والثروة المعدنية لشؤون البترول: "الجهات المختلفة تقوم بتنفيذ برامج ترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة وفقا لصلاحيات ومهام كل منها، ويوفر البرنامج مساندة مؤقتة لإطلاق تلك البرامج ومراقبة تنفيذها إلى حين تمكين الجهات عبر تخصيص موارد جديدة لها". وأشار إلى أن البرنامج الوطني لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة ركز جهوده المبدئية على رفع الحد الأدنى لمعايير كفاءة الطاقة في أجهزة التكييف ومنتجات الإضاءة والأجهزة المنزلية الأخرى "مثل الغسالات والثلاجات والنشافات"، وعلى إلزام استخدام العزل الحراري في المباني الجديدة، وتم التعاون مع اللجنة الوطنية لكود البناء السعودي بهدف تحسين وتنقيح الإجراءات وآليات التطبيق الإلزامي في المباني الجديدة. كما سيتم إعادة تأهيل المباني الحكومية القائمة لرفع كفاءة استهلاك الطاقة فيها، فيما يتم دراسة تقديم حوافز للأسر المقيمة في المباني السكنية القائمة من خلال برامج تحفيزية لاستبدال أنواع المنتجات الكهربائية الحالية المفتقرة إلى الكفاءة بمنتجات أعلى كفاءة. وذكر الأمير عبد العزيز بن سلمان، أن تبريد المباني يستحوذ على نحو 50 في المائة من الكهرباء المستهلكة في المملكة، ومع ذلك، فمنذ بداية تطبيق البرنامج، كان الحد الأدنى لمعايير كفاءة الطاقة الخاص بأجهزة التكييف منخفضا وغير مطبق بصورة مناسبة. وقال: "البرنامج قد تعاون مع كل من هيئة المواصفات والمقاييس والجودة السعودية والجمعية الأمريكية لمهندسي التدفئة والتبريد وتكييف الهواء ومعهد تكييف الهواء والتدفئة والتبريد وشركات مكيفات الهواء "الشركات المصنعة والمستوردون والموزعون" من أجل رفع الحد الأدنى لكفاءة استهلاك المكيفات بما يتفق مع أفضل الممارسات العالمية". كما تم إشراك جميع الأطراف التنفيذية ذات الصلة، مثل وزارة التجارة والصناعة وهيئة الجمارك السعودية، في وضع آلية للتحقق من تطبيق المواصفات الجديدة لأجهزة التكييف وفرض مستوى مرتفع من الالتزام بالحد الأدنى الجديد، كما تم إشراك المختبرات الخاصة المحلية والعالمية في هذا الأمر من أجل ضمان جاهزية البنية التحتية في المملكة لإجراء الاختبار والفحص والتأهيل. وفي السابع من أيلول (سبتمبر) 2013 تم رفع الحد الأدنى لمعايير كفاءة الطاقة الخاصة بأجهزة التكييف المنفصلة "سبليت"، بحيث زاد معدل كفاءة الطاقة فيها من 7.5 إلى 9.5، علما بأن هذا المعدل ستتم زيادته مرة أخرى إلى 11.5 في بداية عام 2015، بما يحقق وفرا في الكهرباء يُراوح بين 30 و35 في المائة في مجال التبريد. وكشف الأمير، أنه حتى تاريخ كتابة المقال في نيسان (أبريل) الماضي، أعلن نحو 50 مورد أجهزة تكييف الهواء عن أكثر من 800,000 وحدة تكييف "ارتفع هذا الرقم إلى 920 ألف مكيف في أيار (مايو) الماضي" غير مستوفية المعايير، سيتم إعادة تصديرها أو تفكيكها لتحويلها إلى قطع غيار أو إعادة تأهيلها بحيث تستوفي الحد الأدنى لمعايير كفاءة الطاقة. وأفاد أيضا أن البرنامج ركز على صناعات البتروكيماويات والأسمنت والحديد، التي تستحوذ على نحو 80 في المائة من الاستهلاك الصناعي من الطاقة في المملكة. ووضع البرنامج للمصانع القائمة في هذه القطاعات مستويات طموحة مستهدفة من كثافة استهلاك الطاقة مبنية على أساس متوسط المستويات العالمية، ويستهدف تحقيقها خلال فترة زمنية محددة، ويتم الآن العمل على تحقيق التوافق التام بين الأطراف المعنية في الصناعة لضمان عدم تأثير هذه المستويات على قدرة تلك الصناعات على المنافسة. أما ما يخص المصانع الجديدة فأوضح الأمير أن تصميمها وبناءها قائم على أفضل المعايير العالمية لكفاءة استهلاك الطاقة من أجل الحصول على مختلف التراخيص والتصاريح المطلوبة للعمل في المملكة. أما في قطاع النقل، فأوضح الأمير عبد العزيز بن سلمان أن النقل البري يستحوذ على 90 في المائة من إجمالي الطاقة المستهلكة في القطاع، وأن البرنامج ركز أغلب جهوده المبدئية على المركبات الخفيفة من أجل تحقيق هدفين: رفع معدل اقتصاد الوقود في المركبات الجديدة، وخفض استهلاك الوقود في المركبات المستخدمة حاليا. وفيما يخص المركبات الخفيفة الجديدة التي ستدخل إلى هذا القطاع مستقبلا، سيشترط اعتبارا من آب (أغسطس) المقبل وضع ملصق يبين مستوى اقتصاد الوقود في المركبة. كما سيتعين على شركات تصنيع المركبات الالتزام بمعيار المملكة الجديد الخاص بمتوسط اقتصاد الوقود للمركبات الخفيفة الجديدة، اعتبارا من النصف الثاني من 2015 أو أوائل 2016. أما ما يتعلق بالمركبات الخفيفة منخفضة الكفاءة المستخدمة حاليا، فالبرنامج يعمل على إيجاد حوافز لملاك هذه المركبات لاستبدالها بمركبات تتسم بالكفاءة، كما يتعاون البرنامج مع جهات حكومية متعددة لإنشاء أنظمة نقل جماعي مؤقتة إلى حين الانتهاء من تنفيذ مشاريع النقل العام المقرة. في حين أن المركبات الثقيلة لم يتم إغفالها، حيث إنها تستحوذ على نسبة كبيرة من استهلاك الطاقة، وتخضع في الوقت الحالي إلى عدة برامج لهذا النوع من المركبات، هي لوائح لمنع إبقاء المحركات تعمل مع توقف المركبات، والإضافات في مجال الديناميكية الهوائية، وبرامج التقاعد المبكر للمركبات القديمة. وأضاف الأمير عبد العزيز بن سلمان، أن البرنامج تعاون مع وزارة المالية لوضع آلية تتضمن معايير كمية تستخدم في اختيار البرامج التي تحتاج إلى حوافز مالية، وسيتم تركيز هذه البرامج على إيجاد حوافز للأسر للتعجيل باستبدال الأجهزة الكهربائية القديمة منخفضة الكفاءة. ونوه بأنه يتم حاليا العمل على إعداد مشروع نظام كفاءة الطاقة، حيث يعمل الفريق القانوني في البرنامج، بالتعاون مع مكتب قانوني عالمي ومع الممثلين القانونيين للجهات الحكومية المعنية، لصياغة هذا النظام.
مشاركة :