سياسة المالكي وآثارها الطائفية

  • 6/20/2014
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

العراق, المالكى, بغداد, ثوار, داعش أصبح من المؤكد أن السياسة تقوم بدور كبير في تغذية الطائفية والعنصرية وكل الوسائل التي تفرق بين مكونات الشعب الواحد، فالسياسي لا يهمه في الغالب، إلا تحقيق مصالحه ومصالح المقربين منه، ولو كان ذلك على حساب دماء شعبه أو تقدّم بلده أو أمنها واستقرارها، وتحقيق الرفاهية لأبنائها. والشعوب في الغالب تنساق وراء الدعوات المضللة التي يسوقها الإعلام المسيّس، وليس هناك من وسيلة تفرق بين الشعوب مثل الطائفية والمذهبية والعنصرية والتحزب لهذا الفريق أو ذاك، ولأن الساسة يدركون ذلك فقد استغلوا هذه المسألة في تحقيق مكاسبهم المادية والمعنوية. ونحن في الخليج العربي لم نعرف التحزب الطائفي إلا بعد ثورة إيران، لأن الإيرانيين أعلنوا آنذاك بأنهم سيصدرون ثورتهم خارج حدودهم، وهنا دخلت السياسة في الدين، ومن هنا بدأ الخلاف المذهبي يدبّ في الجسد الخليجي حتى استشرى فيه ومازال يتزايد فترةً ويقل فترةً أخرى، بحسب التطورات السياسية في عالمنا العربي على وجه الخصوص. ونعرف جميعاً أن أحداث العراق إبان الغزو الأميركي أثارت بعض الآثار الطائفية لكن وجود الاحتلال الأميركي المباشر للعراق جعل البعض يعزو ذلك كله للأميركان، ولكن الأمر اختلف كثيراً أثناء وجود رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على سدة الحكم منذ 2006 وحتى الآن. فقد كانت سياسته شديدة الوضوح وكان لها انعكاسات سلبية على دول الخليج. ثم جاءت أحداث سورية لتخيّم بأحداثها المأساوية على المنطقة كلها بل وعلى العالم الإسلامي، حيث أصبح الانقسام الطائفي هو الأساس وما عداه استثناء، وضعفت أصوات المصلحين والعقلاء لأن لغة القتل والتجييش كانت هي الأعلى صوتاً والأكثر تأثيراً. وفي هذه الأحداث كانت السياسة والمصالح الفردية للبعض وراء معظم تلك الانقسامات التي أنهكت الجسد العربي والجسد المسلم على السواء. عاد المالكي إلى اللعب على الوتر الطائفي كما كان يفعل قبل ذلك، لعله يحقق فوزاً في الانتخابات البرلمانية القادمة المقرّرة في أبريل/ نيسان القادم، فهو يظن أن الضغط على السنة في الأنبار وقتل العديد منهم تحت مظلة الإرهاب والتكفير سيجعل الشيعة المترددين في الوقوف إلى جانبه يقفون معه خوفاً من بطش السنة. كما أنه في الوقت نفسه سيرضي حلفاءه الأميركان والإيرانيين وهو في أشد الحاجة إلى مساندتهم، فهو من دونهم لن ينجح على الإطلاق. فالإيرانيون يعرفون أن أهالي الأنبار ليسوا مع الأسد، بل إنهم حاولوا مراراً إيقاف المساعدات التي يرسلها المالكي إلى سورية، ولأن مصلحتهم في بقاء الأسد فلابد لهم من العمل على فوز المالكي في الانتخابات، ليبقى الطريق إلى سورية مفتوحاً لهم. والأميركان هم أيضاً أعلنوا مراراً، أنهم سيقفون إلى جانب المالكي في حربه على الإرهاب طبعاً بحسب مقاييسهم ولأنهم يخشون من المجموعات الإرهابية في سورية التي قد تصل إلى الحكم وبالتالي قد تؤثر على إسرائيل، فقد وجدوا أن مصلحتهم في الوقوف إلى جانب المالكي الذي يحارب الإرهاب في بلده ويحاربه في سورية، لأنه حسب قوله يخشى أن تنتصر الجماعات المتطرفة في سورية! موقف المالكي طائفي بامتياز، حتى وإن غلفه بالحديث عن محاربته للإرهاب والتكفير، وقد فطن إلى ذلك مجموعة من مراجع الشيعة وعلمائهم؛ فالسيد السيستاني المرجع الأعلى للشيعة في العراق وجّه رسالة إلى المالكي حذّره فيها من أن هجومه على الأنبار سيشعل حرباً أهلية، وسيكون القادة الدينيون والسياسيون عاجزين عن فعل أي شيء إزاءها. وللسيد مقتدى الصدر موقف مشابه لموقف السيد السيستاني، بالإضافة إلى أن مجموعة من علماء الشيعة أكّدوا أن سورية وإيران هما المستفيدتان من هذه الحرب المالكي حكم ثماني سنوات وبيده الأمن والدفاع وكل مقاليد الأمور التي كان من واجبه أن يسخّرها لتحقيق الأمن والرفاهية للعراقيين جميعاً، لكنه لم يفعل شيئاً من ذلك. فالعراق هي ثاني أسوأ دولة في العالم من حيث انتشار الفساد فيها، وذلك بحسب تصنيف منظمة الشفافية الدولية، وهي أيضاً أسوأ دولة في العالم من حيث دخل الفرد فيها حيث يبلغ هذا الدخل خمسين دولاراً شهرياً، ويماثلها في ذلك الصومال وجيبوتي! ومن يعرف ثروة العراق ودخلها الكبير من البترول وكذلك الدخول الأخرى، يدرك حجم الفساد فيها، ذلك الفساد الذي حرم العراقيين من أبسط احتياجاتهم مثل الكهرباء والصحة والتعليم الجيد، ولو أن المالكي وضع أمام عينيه مصلحة العراقيين وابتعد عن الطائفية لكان له وللعراق شأن آخر. وهنا بودي أن أذكر السيد المالكي بواثق البطاط الذي أعلن على قناة الشرقية أنه هو الذي أطلق صواريخ جراد على السعودية، وأنه يعتقد أن دول الخليج كافرة، وأنهم مثل القطط والجرذان، ألا يصنف هذا المخلوق بأنه إرهابي وتكفيري لاسيما وقد اعترف بذلك على الملأ؟ لماذا لم يقبض عليه ويري العالم كله ماذا يصنع به؟ أليس صمته عنه وعن سواه إنما يؤكد طائفيته المقيتة؟ وفي هذه الظروف التي لا يقيم فيها بعض السياسيين وزناً لشعوبهم، على تلك الشعوب أن تكون أكثر وعياً وحرصاً على إبعاد شبح الطائفية عنها. وهنا يبرز دور العلماء والمثقفين وأصحاب الوعي ليحموا أنفسهم ومجتمعهم من خطر ماحق قد لا يبقي عليهم ولا يذر. وعلى الشعوب التي تتصارع بسبب الطائفية أن تدرك أن السياسيين يسخرونها لمصالحهم، أما الشعوب فهي التي تكتوي بنارها. .. صحيفة الوسط البحرينية

مشاركة :