جدل بين الأمني والطائفي والعنصري حول اللاجئين السوريين في لبنان

  • 7/4/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

اللاجئون يشكلون ثقلا ديموغرافيا لا تحتمله التركيبة اللبنانية، و1.5 مليون لاجئ مسلم سوري يقلقون مسيحيي وشيعة لبنان.العرب  [نُشر في 2017/07/04، العدد: 10681، ص(1)]تباين لبناني في مقاربة المسألة السورية بيروت - أعادت العملية الأمنية الاستباقية التي قام بها الجيش اللبناني مؤخرا في أحد مخيمات اللاجئين السوريين في منطقة عرسال في البقاع في لبنان، الجدل الداخلي اللبناني حول الوجود السوري في البلد، والأساليب التي تستخدمها القوى الأمنية اللبنانية لمكافحة الإرهاب المتغلغل داخل هذه المخيمات لجهة اتساقها مع معايير حقوق الإنسان. وبثت وسائل التواصل الاجتماعي صورا لعمليات اقتحام الجيش اللبناني للمخيم السوري اعتبرها ناشطون منتهكة لحقوق اللاجئ السوري فوق الأراضي اللبنانية. وحذر الناشطون من الخلط الجاري بين مكافحة الإرهاب من جهة وارتكاب ممارسات طائفية عنصرية من جهة ثانية، فيما غرّد الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط غامزا “الظلم الذي يولد الإرهاب” قبل أن يسحب تغريدته حتى لا يساء تأويلها. وقتل قبل أيام ثلاثة أشخاص جراء حريق هائل نشب داخل مخيم للاجئين السوريين بمحيط بلدة قب إلياس في سهل البقاع شرق البلاد. وذكرت وسائل الإعلام المحلية أن الحريق في مخيم الرائد الذي اندلعت فيه النيران نجم، على الأرجح، عن درجات الحرارة المرتفعة، التهم أكثر من مئة خيمة. بيد أن هذا الجدل بين الأمني والإنساني يكشف تباينا في مقاربة المسألة السورية لدى الفرقاء اللبنانيين. ففيما يعتبر فريق من التيارات السياسية اللبنانية أن اللاجئين السوريين هم ضحية نظام استبداد في سوريا وضحايا حرب همجية يدفع المدنيون ثمنها، ما يستوجب رعايتهم إنسانيا وسياسيا، يرى فريق آخر أن مخيمات اللاجئين هي قواعد للإرهاب، وأن الإرهابيين يدخلون لبنان بصفتهم مدنيين لكنهم يخفون نوايا عدوانية خبيئة ضد لبنان. وبين هذا وذاك تكمن خصوصية لبنانية مستترة تعتبر أن هؤلاء اللاجئين يشكلون ثقلا ديموغرافيا لا تحتمله التركيبة اللبنانية وهو إضافة إلى تشكيله ضغوطا أمنية، يهدد التوازن الداخلي اللبناني ببعديه الاجتماعي والمذهبي.حريق ناجم عن ارتفاع درجات الحرارة وكانت الحكومات اللبنانية قد توجهت إلى المجتمع الدولي لضخ المساعدات لمواجهة أزمة اللجوء السوري. ورغم تجاوب المجتمع الدولي مع طلب لبنان من خلال مؤتمرات دولية عديدة عقدت لمناقشة مسألة اللاجئين السوريين في العالم، إلا أن وعود المساعدات لم تتحول إلى حقيقة شافية وبقيت أدنى مما تتطلبه المشكلة من إمكانيات، ناهيك عن أن مقاربة المسألة السورية في لبنان لا تتعلق فقط بمعالجات تقنية توفرها أموال المنظمات الدولية، بل إن لها جوانب هوياتية أخرى. وكان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري قال في تصريحات سابقة إن بلاده تقترب من “نقطة الانهيار” بسبب ضغوط استضافة 1.5 مليون لاجئ سوري، وأضاف أنه يخشى اضطرابات قد تندلع بسبب التوتر بينهم وبين اللبنانيين. وتعتبر بعض الجهات اللبنانية أن المقاربة الأمنية لمخيمات اللاجئين السوريين هدفها تحويل الوجود السوري برمته إلى عامل عداوة مما يعطي مسوغا شرعيا ومنطقيا لتنامي ظواهر العنصرية ضد “الغريب” السوري. فيما ترى جهات أخرى أن مخيمات اللجوء السوري تشكل حالة إنسانية مأساوية فرضت على البلد، وأن على لبنان حكومة ومنظمات أهلية العمل على إيجاد حلول تخفف من معاناة هؤلاء بانتظار جلاء الأزمة السورية وعودة السوريين إلى ديارهم. ويأخذ الوجود السوري في لبنان بعدا مختلفا عما هو في الأردن وتركيا، ذلك أن تواجد 1.5 مليون لاجئ سوري في لبنان يضخ حضورا أغلبه من المسلمين وهو هاجس يقلق المسيحيين في لبنان، كما أن الأغلبية داخل هذه الكتلة الاجتماعية السورية الوافدة هي من الطائفة السنية وهو أمر يقلق الشيعة في لبنان. ووفق هذه الهواجس يتحرك التيار العوني بقيادة وزير الخارجية جبران باسيل للمطالبة بإعادة اللاجئين إلى سوريا من خلال التنسيق مع النظام السوري وهو يسعى بذلك إلى تسويق مسألة احتكار الدفاع عن حقوق المسيحيين في لبنان قبل عام من الانتخابات التشريعية، فيما يسعى حزب الله إلى إعادة هؤلاء من خلال مفاوضات جرت مؤخرا بين الحزب وفصائل سورية معارضة للبدء بإعادة اللاجئين السوريين إلى بعض المناطق التي تسمح بعودتهم. والمفارقة أن حزب الله الذي تدخل عسكريا إلى جانب النظام السوري بغية تقوية نفوذه داخل النظام السياسي اللبناني تفاجأ بأن الأمر أدى إلى ارتفاع مقلق لعدد السنّة في البلد.

مشاركة :