أزمات الهيئات العليا في تونس تهدد استقرار هياكلها وانتظام أعمالها

  • 7/4/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

استقالة رئيسة هيئة الوقاية من التعذيب. وطرحت الاستقالة تساؤلات حول مدى استقرار هياكل هذه الهيئات وقدرتها على الإيفاء بالتزاماتها.العرب وجدي بن مسعود [نُشر في 2017/07/04، العدد: 10681، ص(4)]على خطى صرصار تونس - طفت على السطح مرة أخرى في تونس أزمات الهيئات العليا مع إعلان رئيسة هيئة مقاومة التعذيب لاستقالتها من منصبها. ويأتي هذا الإعلان بعد فترة وجيزة من إعلان رئيس هيئة الانتخابات لاستقالته من منصبه بدوره. وأعلنت حميدة الدريدي رئيسة الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب في تونس، نهاية الأسبوع الماضي، استقالتها من رئاسة الهيئة مع الإبقاء على عضويتها ضمنها مبررة القرار بالرغبة في التفرغ للعمل الميداني. وأفادت هيئة الوقاية من التعذيب في بيان أصدرته، الجمعة الماضي، أنها قبلت استقالة الدريدي، وكلفتها بمهام تصريف أعمال رئاسة الهيئة إلى حين انتخاب رئيس جديد. وأرجعت مصادر مطلعة قرار الرئيسة المتخلية إلى الصعوبات الإدارية والتنظيمية الكبيرة التي واجهتها خلال تركيز الهيئة وتنظيمها وعدم تدخل الجهات الحكومية لإيجاد حلول للصعوبات القانونية وتوفير الإمكانيات المالية والبشرية الضرورية. وقالت حميدة الدريدي، في تصريح لـ”العرب”، إن قرار الاستقالة جاء بسبب تراكم الصعوبات التي واجهتها طوال أكثر من سنة كاملة ونتيجة لعدم اهتمام الحكومة بمتابعة ملف تركيز الهيئة ومواكبة نشاطها وتوفير الاحتياجات اللوجيستية والمالية اللازمة. ولفتت الدريدي إلى المشاكل التي حفت بانطلاق النشاط نتيجة غياب أي مخصصات مالية أو طاقم إداري كان يفترض وضعه على ذمة الهيئة من طرف رئاسة الحكومة بالتنسيق مع الوزارات المعنية. وأوضحت الدريدي أن تأسيس المقر المركزي للهيئة وتجهيزه جاء بفضل منحة بقيمة 600 ألف دينار من برنامج الأمم المتحدة للتنمية في ظل اضطرار الأعضاء للتنقل على حسابهم الخاص والعمل بإمكانياتهم الذاتية. ولم يمنع غياب الإمكانيات، بحسب الدريدي، من إجراء 19 زيارة طوال الأشهر الماضية شملت عددا من السجون التونسية ووزارة الدفاع وثكنة العوينة ومراكز إصلاح الأطفال. كما تم رصد عدد من التجاوزات وصياغة جملة من التوصيات في إطار مهام وصلاحيات الهيئة.استقالة رئيسة هيئة مقاومة التعذيب تأتي بعد فترة وجيزة من إعلان استقالة رئيس هيئة الانتخابات ووجدت الهيئة تعاونا كبيرا من جانب وزارتي الدفاع والداخلية لتسهيل مهامها، لكن عملها قوبل بعدم اكتراث الجهات الرسمية بخصوص متابعة تقارير الهيئة وبرامجها على الرغم من مراسلة كل من رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب في هذا الشأن. وأكدت الدريدي أن الهيئة تقدمت بدراسة ميزانية قدرت في حدود 13 مليون دينار كان يفترض صرفها، وفق قانون الهيئات الدستورية المستقلة بعد إقرارها من مجلس نواب الشعب. وأضافت الدريدي “الهيئة فوجئت بتخصيص مبلغ هزيل لا يتجاوز مليون دينار من جانب رئاسة الحكومة بشكل مباشر بما يخالف القانون”. وبينت الدريدي أن تنازلها عن منصب رئيسة الهيئة يأتي بهدف التفرغ للعمل الميداني بعيدا عن الضغوطات الإدارية التي فرضتها النقائص والصعوبات المتراكمة. ويعد إحداث الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب في تونس، في شهر مارس 2016، أول تجربة عربية لمكافحة الظاهرة. وتضاف معضلة هيئة الوقاية من التعذيب إلى الأزمات التي تعيشها الهيئات العليا في تونس. وتعاني الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهيئة الحقيقة والكرامة مشكلات تسييرية وصعوبات داخلية حادة. وقدم شفيق صرصار، رئيس هيئة الانتخابات، استقالته من منصبه صحبة عضوين آخرين في شهر مايو الماضي. وأرجع صرصار أسباب استقالته إلى خلافات داخلية مع باقي أعضاء الهيئة والافتقاد إلى التنسيق بشأن طريقة العمل خاصة في ما يتعلق بالإعداد للانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في ديسمبر القادم. ويطرح الغموض الذي يحيط بمسألة خلافة صرصار على رأس الهيئة تساؤلات وتخوفات من الإرباك الذي قد يخلقه تكليف رئيس جديد على مسار الإعداد الحالي للموعد الانتخابي، خاصة في ظل استمرار الرئيس المتخلي في تصريف الأعمال بشكل مؤقت. وكان انسحاب صرصار، بحسب المراقبين، انعكاسا لأزمة مستفحلة بين أعضاء هيئة الانتخابات بشأن تحديد سلطة القرار وصلاحيات التسيير ما يثير مخاوف من انعكاس هذه الخلافات على إدارة المرحلة الحاسمة من العملية الانتخابية. وتواجه هيئة الانتخابات انتقادات عدة تتعلق بقصر المدة المخصصة لتسجيل الناخبين نتيجة لعدم تحديث السجلات الانتخابية منذ سنة 2014، إلى جانب ضعف الإقبال على التسجيل والذي لم يتجاوز 60 ألف ناخب حتى الآن من إجمالي ما يقرب عن أربعة ملايين ناخب غير مرسم. وتشهد هيئة الحقيقة والكرامة، فضلا عن ذلك، مخاضا عسيرا نتيجة تصاعد الخلافات بين أعضاء الهيئة ورئيستها سهام بن سدرين والذي أدى إلى تعطل أشغالها جراء استقالة عدد من الأعضاء إلى جانب إقالة أعضاء آخرين بشكل غير قانوني. وتزيد حدة الخلافات والاتهامات المتبادلة بين بن سدرين والأعضاء المنسحبين والدعاوى القضائية المرفوعة ضد قرارات رئيسة الهيئة من التشكيك في مصداقية الهيئة واستقلالية عملها عن التجاذبات السياسية خاصة في ظل تمتع بن سدرين بدعم سياسي من حركة النهضة. وأشارت الدريدي إلى أن مشروع القانون المطروح على لجان مجلس نواب الشعب لتنظيم العلاقة مع الهيئات الدستورية سيعمق من صراع الاستقلالية مع الحكومة باعتبار أن البعض من أحكامه يحد من الضمانات التي تم إقرارها ويضعها تحت سلطة الحكومة.

مشاركة :