خمسة أسئلة عن رواية "هوت ماروك" في بروكسل بقلم: عبدالله مكسور

  • 7/4/2017
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

خمسة أسئلة عن رواية هوت ماروك في بروكسل في حي سكاربيك بالعاصمة البلجيكية بروكسل، استضاف مرسم الفنان التشكيلي السوري كيتو سينو، حوارًا ثقافيًا مع الشاعر والكاتب المغربي ياسين عدنان حول روايته “هوت ماروك” التي وصلت إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية “البوكر”. أدار الحوار الروائي المغربي علّال بورقيَّة وسط حضور لفيف من أبناء الجالية المغربية والعربية وأدبائها. “العرب” حضرت الأمسية ونقلت وقائعها.العرب عبدالله مكسور [نُشر في 2017/07/04، العدد: 10681، ص(15)]ياسين عدنان ومحاوره علال بورقية ببروكسل خمسة أسئلة طرحها الروائي المغربي علال بورقية خلال ندوة استمرت ساعة ونصف الساعة تقريبًا، على الإعلامي والشاعر المغربي ياسين عدنان حول روايته “هوت ماروك” التي صدرت بالقاهرة والدار البيضاء في طبعات عدة. بدا واضحًا أن المحاوِر اشتغل جيدًا على تفكيك النص وتحليله، فبدأ الحوار بسؤال عام حول تحوّل الضيف من الشعر إلى الرواية، ليجيب عدنان “كنتُ على الدوام أراوح بين الشعر والقصة، وعادة ما أركز في كل قصة على شخصية بعينها، حتى أن بعض قصصي تحمل منذ العنوان اسم شخصيتها المركزية. هذا الولع برسم بورتريهات لشخصيات متخيلة هو الذي قادني إلى ‘رحّال العوينة‘ الذي كنت أشتغل عليه من خلال قصة قصيرة قبل أن يمارس سطوته عليّ ويستدرجني إلى الرواية. فرغم أن رحّال يبدو شخصا هشا بسيطا خامل الذكر، بل وجبانًا في العديد من المواقف، ترصد الرواية كيف يصير جبّارًا أمام شاشة الحاسب الآلي. إنه شخص يعيش حياتَين؛ الأولى في النور يحمل فيها صفاته سابقة الذِّكر، والأخرى في العالم الافتراضي يصير فيها شخصية اقتحامية عنيفة بل وعدوانية إلى أبعد حد. أما ‘هوت ماروك‘ فليست سوى الفضاء الإعلامي الإلكتروني الذي سيتحوّل إلى منصة يقصف منها رحّال العالمين ويمارس فيها جبروته وطغيانه وافتراءه على الخلق مستفيدا من مناخ حرية التشهير التي يعرفها البلد”.الكاتب غامر بتقديم مدينة مراكش خارج صورتها الأسطورية الساحرة والمبهرة التي رسمها لها الجميع، مستشرقين وعربا الكوميديا الحيوانية ينتقل علّال بورقية إلى سؤال آخر يقول “قرأت تأويلات كثيرة لعنوان الرواية، وقرأت ردود أفعال مختلفة تجاه العنوان الذي يشير في عمقِه إلى أنَّه أكثر من موقع إلكتروني؟”، يرد ياسين عدنان “هناك مجازفة في اختيار اسم هذه الصحيفة الإلكترونية التفاعلية على مدار الساعة ‘هوت ماروك‘ عنوانا للرواية. ومع ذلك فالقراء والأصدقاء تآلفوا اليوم مع هذا العنوان الغريب. مع العلم أنني فكّرتُ أيضا في ‘الكوميديا الحيوانية‘ عنوانا لهذه الرواية نظرًا إلى الحضور القوي للاستعارة الحيوانية بها: بدءا بحيونة الإنسان مع وجود قرين حيواني لأهم شخصياتها وانتهاء بالرموز الحيوانية للأحزاب السياسية خلال فترة الانتخابات، مما رسخ الاستعارة الحيوانية باعتبارها عنصرا محوريا في الرواية”. وردا على سؤال حول أقسام الرواية، التي قسَّمت إلى ثلاثة أقسام وفي كل قسم عدد من الفصول ليبلغ عددها 88 فصلًا وهو عددٌ مقارب لعدد الشخصيات التي أحصاها علال فكانت 85 شخصية، يقول ياسين عدنان “ربما كنتُ أرسطيًّا بالفطرة، وإلا فقد كتبتُ ‘هوت ماروك‘ دون تخطيط مسبق. شرعت في كتابة حكاية رحّال باعتبارها قصة قصيرة، في إقامة أدبية بفرنسا سنة 2011 قبل أن يمارس رحّال سطوته عليّ ويغرّر بي ليورّطني في الرواية. أما القسم الثالث الأخير حول الكوميديا الحيوانية فقد كتبتُه في بروكسل سنة 2015 بوحي من الانتخابات التي عرفها المغرب تلك الصائفة، وبما أنني كنت في بروكسل فقد كانت لديّ المسافة المطلوبة لأتابع سوريالية الانتخابات المغربية بروح نقدية ساخرة. لنتفق على أن هناك الكثير من الزيف في مشهدنا السياسي والإعلامي، والكثير من التلفيق أيضا، التلفيق يبدأ من حياتنا الواقعية ويتكرّس أكثر في حياتنا الافتراضية وعلاقاتنا على الإنترنت. والحقيقة أنني مقتنع بأن لا سبيل لمواجهة هذا العالم الزائف إلا بالسخرية، وعموما فقد كنت حريصا على إبراز هذه النقطة منذ العنوان. فـ‘هوت ماروك‘، عنوان ملفّق يضمّ كلمة فرنسية وأخرى إنكليزية، هذه إشارة واضحة إلى أنَّ الخلط والتلفيق صارا نمط اشتغال وأسلوب حياة. وبما أننا نعيش عصر المعلومة والاتصال، فالرواية تفضح دور الإعلام في خلط الأوراق والتلاعب بالرأي العام وترويج الإشاعات وصناعة الأبطال المزيفين”.الرواية تفضح دور الإعلام في خلط الأوراق والتلاعب بالرأي العام السؤال الرابع طرح فيه علَّال بورقية سؤالًا حول القرين الحيواني الذي رافق كل شخصية من شخصيات هوت ماروك، إذ أن هذه الكوميديا الحيوانية ليست ترفًا فنيًا. يقول عدنان “الكوميديا الحيوانية هي المفتاح الأساسي لقراءة الرواية، بدأت الكتابة عام 2011 وانتهيت من الرواية عام 2015، خلال هذه الفترة تفاعلتُ مع رحّال العوينة، أخذَ مني وأخذتُ منه، لديه موهبة استثنائية في أن يرد كل بشر إلى أصله الحيواني، حيث أن كل إنسي يتخفّى تحت جلده حيوان مضمر. وبالتالي فإن الولوج إلى هذا العالم يكمن في القدرة على فك الشفرة المتحكمة في تمثلات رحّال العوينة ذات المرجع الحيواني. ولأنّ هذه اللعبة تتجاوز المجال الشخصي -العوينة- لكي ترخي بظلالها على المستوى السياسي العام، من خلال الرموز الانتخابية للأحزاب السياسية، أوجدتُ حزب الناقة ذا التوجه الإسلامي، وحزب الأخطبوط ذا التوجه الليبرالي”. مراكش الساحرة يقول علّال بورقية “رحّال هو نموذج للعزوف عن كل ديناميكية في الوطن، والرواية تُكتَب عن الحياة فهي لها علاقة مباشرة وخاصة بذات الكاتب وفي سياق الكتابة”، ليتابع ياسين عدنان حديثه مؤكدًا “حينما فكرت برحّال العوينة كقصة، كان ذلك نتيجة لحظة تأذيتُ خلالها بشبيه لرحّال العوينة ممن يسلطون سهام حقدهم ومن موقع الغفلة على الناس. لكن ليس مهما في الأدب أن تقف على ما قد يلحقه شخص ما بالآخرين من أذى، بل أنت معنيٌّ بلماذا فعلت الشخصية ما فعلته؟ بما يتطلبه ذلك من تحليل نفسي وسيكولوجي ومحاولة للفهم مما يجعل الأحداث مقنعة وقابلة للتصديق”. يواجه المُحاوِر الكاتبَ بسؤال مباشر، يقول علال “هل أنت رحّال العوينة؟”، ليرد ياسين “رغم كل التناقضات القائمة بيننا إلا أن هذا السؤال ليس سهلًا. ربما كان لديّ ثأر شخصي مع هذا النمط من البشر، وكان بإمكاني أن أنكّل به كشخصية عبر فصول الرواية، من خلال الحكم عليه. لكن ضمن منطق التعاطي الأدبي النزيه مع الأشياء عليك أن تسرد الأفعال وتبحث عن الدوافع التي تقف وراء تلك الأفعال”. وعن سؤال مدينة مراكش التي تدور فيها أحداث الرواية يجيب عدنان “كانت مغامرة أن أُقدِّم هذه المدينة خارج صورتها الأسطورية الساحرة والمبهرة التي رسمها لها الجميع، مستشرقين وعربا. فالمدينة التي يتحرّك فيها رحّال العوينة تتراوح ما بين عشوائيات عين إيطّي وحي المسيرة السكني الحديث نسبيا (منتصف الثمانينات من القرن الماضي)، وتقبض بشكل ما على تحوّلات المدينة العربية المعاصرة في ظل الترييف الذي تتعرّض له بسبب سوء الإدارة والتدبير”. أمّا عن احتمال مواصلة عدنان للكتابة عن رحّال العوينة فيقول “العمل الذي امتد عبر 500 صفحة بقي مفتوح النهايات لأن كل شيء غير تامٍّ ولا منتهٍ، بل أصل هذا العالم هو عدم الانتهاء. ورغم أنني لا أخطّط لشيء ملموس على هذا المستوى، إلا أن كل شيء يبقى مفتوحا. ربما قد يستدرجني رحّال العوينة إلى عمل آخر، من يدري؟”.

مشاركة :