وهذه الحفلة توضع فيها الأقنعة على الوجوه، فلا تُعرف الحسناء من الشوهاء، ولا الكريم من اللئيم. الشركات في سوق الأسهم تشبه تلك الحفلات التنكرية، بل هي أسوأ منها وأخطر عواقب.. فإنها قابلة للخداع حيث يقوم بعض المدلسين بإلباس الشوهاء لباس فاتنة حسناء، لزغللة عيون الناظرين، وجرِّ أقدام الجاهلين، حتى يعلقوهم من أقدامهم ويجعلوا رؤوسهم هي الأسفل ويأكلوا أموالهم بالنجش والتضليل، مستعينين بجيوش من المطبلين، واخضرار كالسراب يحسبه الظمآن ماء فإذا جاءه لم يجده شيئاً، وقد خلص ماؤه ورأس ماله.. حينها يكتشف -بعد فوات الأوان- أنه دفع أمواله مهراً غالياً لخضراء الدمن. إن الفرص تتنكر في ثياب العمل الشاق، كما يقول المثل، وقد يبدو للوهلة الأولى أن سوق الأسهم ليس فيها عمل شاق، وهذا غير صحيح، فإن (تمييز) الشركة الأجود من الجيدة يحتاج إلى قراءات كثيرة واعية لتقارير مجالس الإدارات، ومعرفة توجهات الاقتصاد المحلي والعالمي، ومدى ارتباط الشركة بتوجهات الاقتصاد أهي إيجابية أم عكسية، فإن من الشركات من لاتنتعش مبيعاتها وأرباحها إلاّ أوقات الكساد، مثل الشركات التي تنتج السلع الرخيصة، والمصانع التي يكون الطلب على منتجاتها غير مرن، وهناك فحص الميزانيات والقوائم المالية بتمحيص دقيق، لفرز الحسن من السيئ.. الحفلات التنكرية في الحياة تمتاز بالمرح واللهو، ويقوم بها الأطفال عادة، ولكن حفلات سوق الأسهم لا مرح فيها ولا مزح، بل هي (حرب ضروس) للكسب وربما سلب أموال الجاهلين والمخدوعين.
مشاركة :