زكي رستم عاش حياته حزيناً على حبيبته

  • 7/4/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة – خالد بطراوي | كم من مواقف تشهدها الأعمال السينمائية، خلال وبعد تصويرها، تظل عالقة في وجدان أبطالها لما لها من ذكريات، ربما لا يعرف المشاهد الكثير عنها، الصورة تبقى دليلا حيا على الموقف.. نقدمها مع قصة الحدث ليخرج في «حكاية زمان يا فن». في دنيا السيرك هناك لاعب مشهور جدا اسمه «رماح»، كان يعرف باسم «الرجل الكاوتشوك»، وذلك لأن جسمه كان كأنه خال من العظام، أو كأنه من المطاط يفرده ويطويه كأنه منديل، وفي هوليوود كان هناك قديما ممثل ابن ممثل، وكان الأب والابن يحملان اسما واحدا هو «لون شافي»، وكان هذا الممثل يمتلك قدرة الحرباء على التلون، ولقب بالممثل ذي الألف وجه لقدرته الكبيرة على التقمص، وقد عرفت السينما العربية أمثال هذا الممثل، وأشهر هؤلاء زكي رستم ابن الباشا الذي عشق التمثيل وعمل فيه بلا أجر وصال وجال في جميع مناطق الأداء باقتدار مذهل؛ من السياسي الشرس في «نهر الحب»، إلى الباشا الذي يبحث عن حفيدته ويقطر حنانا ورقة في فيلم «ياسمين» إلى زعيم العصابة الذي يتظاهر بالطيبة في «رصيف نمرة 5» إلى غيرها من الشخصيات التي أثبتت أنه كان مدرسة في الاندماج. وقد عرف عن الفنان الكبير زكي رستم طوال مشواره أنه أسد مدرسة الاندماج، فقد كان يستغرق في أدواره وينسى نفسه، إلى الدرجة التي كان يختلط فيها على الجمهور هل كان يمثل أم يتصرف على طبيعته، ولذلك كانت تقع مشاكل عديدة بينه وبين كثير من الممثلين الذين شاركوه افلامه، بسبب اندماجه التام اثناء التصوير. بعيدا عن الشاشة والاضواء، كان باشا الشاشة الاول زكي رستم يعيش حياته بطريقة خاصة جدا، فقد كان يحافظ على اناقة مفرطة في الثياب، فضلا عن انه كان موسوسا، ولأنه عاش عمره عزبا، يقيم بمفرده في شقة فاخرة بعمارة يعقوبيان بشارع سليمان باشا، بوسط القاهرة، فقد كان يتناول طعامه في احد المطاعم، واصبح زبونا دائما له، ليس لأنه يقدم اشهى الاطباق، ولكن لأن صاحبه كان يسمح له بدخول المطبخ وانتقاء الطعام بنفسه، وتجهيزه بيده حتى لا يتعرض للتلوث، ولشدة وسوسته كاد يعتدي بالضرب على مساعد المخرج عبدالرحمن شريف اثناء تصوير فيلم «حكم قراقوش» عام 1953 عندما كان يشرح له حوار احد المشاهد، وعطس مرتين، واكتشف انه مصاب بالزكام. كما عرف عن زكي رستم وفاؤه الشديد لحبيبته التي انتحرت خوفا من رفض والدها زواجها به لأنه «مشخصاتي»، كانت فتاة جميلة، وكان شديد الحب لها، وحدد معها موعدا لزيارة أهلها لطلب يدها، وعندما وصل الى بيتها وجد زحاما شديدا على الباب وعندما سأل عرف انها انتحرت خوفا من رفض ابيها لهذا الزواج. منذ ذلك اليوم اغلق زكي رستم قلبه، وباب بيته، فلم يكن يفتحه إلا لزميل واحد فقط هو عباس فارس، الذي كان جاره في العمارة نفسها، وحدث ذات مرة ان توجه الى بيته مساعد ريجيسير ليبلغه بتأجيل موعد تصوير، فرحب به وادخله، ثم انهال عليه ضربا بالعصا، وكاد يقتله لأنه تجرأ واقتحم عليه خلوته. وفي أيامه الأخيرة عانى زكي رستم الكثير من الألم في أذنيه، ولم يعد قادرا على ان يسمع جيدا، مما دفعه للابتعاد عن التمثيل تدريجيا، فأصبح يرفض العديد من الأدوار بعد آخر فيلم قدمه وهو «إجازة صيف» مع فريد شوقي ونيللي، واخراج سعد عرفه عام 1967، وازداد اعتكافه، وازداد ثقل المرض عليه، وعاش وحيدا مع كلبه الوفي وخادمه العجوز، وحاول ان ينسى ويداوي جراح القلب بإغراق نفسه في العمل، والشيء الذي لم يتحقق هو تنبؤه بأن جنازته لن تشهد حضور أحد، فقد كانت جنازته التي شيعت في الخامس عشر من فبراير عام 1972 جنازة حاشدة، شهدت حضورا كبيرا من الجمهور الذي أحبه، والذي يتذكره الآن بتراثه السينمائي العبقري، الذي يؤكد أنه فنان قل أن يجود الزمان بمثله مرة أخرى.

مشاركة :