هناك كتاب حديث صدر ضمن سلسلة «الإبداع العربي» للكاتب الصحافي اللبناني الشاعر محمد غبريس بعنوان «قبضة جمر»، يتكلم فيه عن دور المثقفين في مواجهة الإرهاب. الكتاب، كما ذكر بتلخيص له نشرته صحيفة الشرق الأوسط السعودية، يتناول رؤية المؤلف حول دور المثقفين في مواجهة الإرهاب والأفكار الظلامية التي باتت تنتشر في مجتمعاتنا كالنار في الهشيم، متقدمة عمن سواها من أفكار ورؤى حضارية وثقافية. غبريس يقول في تقديمه لكتابه «إن كثيراً من الدول العربية والأجنبية تعرضت لأعمال إرهابية بوجوه متعددة وتحت عناوين وشعارات مختلفة، وشعر الجميع بأن الإرهاب لن يوفر أحداً، وانطلقت الحملات في كل مكان، الأمر الذي نتجت عنه ردات فعل دموية وقاتلة». والمشكلة الحقيقية تكمن في أن كل دولة تنظر إلى الإرهاب من وجهة نظرها ورؤيتها الخاصة، وبات الأمر يشكّل كارثة إنسانية حقيقية، فهناك دول تعتبر أن هذا التنظيم أو ذاك تنظيم غير إرهابي، وتعمل على دعمه وتغذيته، وهناك دول أخرى تعتبره كذلك! حيث بتنا في مأزق خطير يهدد الكيانات العربية وينسف الهوية والتاريخ. وإزاء هذه الضبابية في المشهد والتزايد في التعقيد والعنف، يتساءل المؤلف «ماذا يقول المثقفون العرب والإرهاب يضرب تقريباً في كل بلد عربي، والمشروع المذهبي الطائفي يتقدم في المستوى الثقافي؟». *** ونحن نشد على يد الكاتب على هذا التشخيص الدقيق لواقعنا الإقليمي والمحلي المرير، الذي نعايشه يومياً من حكوماتنا ومؤسساتها الأمنية والمالية والثقافية والدينية، فمعظم دول العالم تعتبر بعض التنظيمات «كالإخوان المسلمين» على سبيل المثال لا الحصر هي تنظيمات إرهابية خطيرة، ووصلت هذه المفاهيم الصحيحة إلى معظم دول الجوار الشقيقة، ومع ذلك ظلت جماعتنا – على وجه التحديد – «عمك أصمخ» ما زالوا يخطبون ود تلك الجماعات ويغضون الطرف حتى عمن افتخر بنحره لعائلة كاملة مكونة من أب وأطفاله، وطلب أن يقوم بنحر عشرة آخرين كالخراف كما وصف، منتشياً بتصفيق وصيحات الإعجاب من المحيطين به، وهذا الأمر غريب على مجتمعنا وعاداتنا وتقاليدنا! *** وإذا ما أجهدنا أنفسنا بإيجاد عذر لحكومتنا الرشيدة باحتفاظها «بشعرة معاوية» مع القوى الأصولية، لأنها لا تريد معاداة أو التصدي لقوى متنفذة ومتغلغلة في كل مفاصل الدولة، فما عذر جمهور مثقفينا كأفراد ومؤسسات مجتمع مدني؟! ذلك أننا لا نسمع منهم في الأعوام الأخيرة ولا همسة عما يدور ويجري، ولم يرفع أحد منهم أصبعاً في مواجهة الإرهاب الضارب بجذوره في مجتمعاتنا هذه الأيام، قاذفاً سمومه المذهبية والطائفية في الأفق، مسمماً أجواءنا! وقد تعودنا من مثقفينا ومؤسسات مجتمعنا المدني الحضارية أن يكون لهم رأي وقول قاطع في كل ما يمس مجتمعنا من ظواهر دخيلة وغير مقبولة، ولكنهم الآن يمارسون فضيلة إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب لأسباب غير منطقية وغير مقبولة منهم! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. • هامش: نرجو لزميلنا وشقيقنا الأكبر عبدالله النيباري الشفاء العاجل من الوعكة التي ألمّت به مؤخراً، «وما تشوف شر يا بو محمد». علي أحمد البغلي Ali-albaghli@hotmail.com
مشاركة :