في خطوة أصابت الأوساط السياسية الإسبانية بالصدمة، أعلن الائتلاف الحاكم في إقليم كاتالونيا أن الإقليم سيعلن استقلاله «فوراً» إذا صوتت غالبية المقترعين الكاتالونيين لصالح استفتاء يحذو حذو الطريقة الاسكوتلندية؛ وذلك في إطار الاستفتاء الذي دعت إليه رئاسة إقليم كاتالونيا في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وقالت غابرييلا سيرا، عضو الائتلاف الانفصالي الذي يحكم إقليم كاتالونيا، إنه «في حال تأييد غالبية الأصوات إقامة جمهورية كاتالونيا، فلا بد من إعلان الاستقلال فوراً». وجاءت تصريحات سيرا، بعدما قدم الائتلاف الكاتالوني مشروع قانون يهدف إلى خروج المنطقة الواقعة شمال شرقي إسبانيا من النظام القانوني للمملكة، بهدف الالتفاف على المعوقات العملية والقانونية لتنظيم الاستفتاء. وسيصوت البرلمان الإقليمي، الذي يشكل الانفصاليون فيه غالبية على المشروع، في نهاية أغسطس (آب) القادم، وذلك بعد انتهاء عطلات الصيف في إسبانيا. هذا ويسعى المسؤولون السياسيون المطالبون بالانفصال منذ سنوات للحصول على موافقة الحكومة المركزية الإسبانية على إجراء استفتاء، على غرار ذلك الذي شهدته اسكوتلندا عام 2014 للانفصال عن بريطانيا، وانتهى برفض هذا الأمر. غير أن مدريد تعارض مساعي السلطات الكاتالونية على هذا الصعيد، بحجة أن ذلك لا يتماشى مع الدستور، ومن شأنه أن يهدد وحدة إسبانيا. ورفضت المحكمة الدستورية الإسبانية قراراً للبرلمان الكاتالوني يطالب بإجراء الاستفتاء، وحذرت المسؤولين المنتخبين في الإقليم من عواقب قانونية في حال المضي بأي خطوات في هذا الاتجاه، قد تشمل غلق المدارس التي ستوضع فيها صناديق الاقتراع، وحتى قد يصل الأمر إلى تفعيل مواد دستورية قد تمنع الحكم الذاتي للإقليم، وهو تطور خطير حذرت منه كثير من الأحزاب السياسية الإسبانية. في هذه الأثناء قال خابيير غارسيا البيول، عضو «الحزب الشعبي» الحاكم، إن مشروع القانون الكاتالوني يعتبر انقلاباً ويهدد الديمقراطية الإسبانية. كما أعرب زعيم «الحزب الاشتراكي»، بيدرو سانشيز، عن قيامه بعدد من اللقاءات السياسية مع عدد من الأحزاب من بينها الحزب الحاكم وذلك لاحتواء الأزمة، كما أعرب سانشيز عن حالة القلق التي تنتاب الأوساط السياسية الإسبانية بعد لقاء تم بينه وبين ملك إسبانيا في قصر «لاسارسويلا» الإسباني، وذلك في مساعي من قبل المعارضة الإسبانية لاحتواء الأمر، كما دعا سانشيز رئيس الحكومة ماريانو راخوي إلى البحث عن حل سياسي مع الأحزاب الكاتالونية، والكشف عن سبل لمنع إجراء الاستفتاء. في هذه الأثناء تجمع عدة آلاف من الأشخاص في برشلونة للدفاع عن الاستفتاء حول استقلال كاتالونيا، وقرأ المدرب السابق لفريق برشلونة لكرة القدم بيب غوارديولا أمام قصر «مونجويك» في برشلونة بياناً أمام نحو 30 ألف شخص بحسب البلدية، و47 ألف شخص بحسب المنظمين. وقال باللغات الكاتالونية والإسبانية والإنجليزية، إن عملية التصويت ستتم حتى وإن لم ترد الدولة الإسبانية على مطالبهم. وكان رئيس إقليم كاتالونيا كارل بويغديمون، أعلن عن تنظيم استفتاء حول استقلال كاتالونيا، وذلك رغم حظر المحكمة الدستورية الإسبانية لذلك القرار. ويرى محللون سياسيون أنه في حال فاز مؤيدو الاستقلال في الاستفتاء سيتم الانفصال مباشرة عن إسبانيا. وبحسب استطلاع للمعهد الحكومي الكاتالوني فإن أكثر من 73 في المائة من الكاتالونيين يؤيدون تنظيم الاستفتاء؛ الأمر الذي تعارضه مدريد. وأشار الاستطلاع إلى أن 48.5 في المائة يرفضون استقلال كاتالونيا مقابل تأييد 44.3 في المائة. ومنذ وقت طويل تطالب كاتالونيا، المنطقة الغنية التي يسكنها نحو 7.5 مليون نسمة ولها لغتها وتقاليدها الخاصة، بحكم ذاتي أوسع.
مشاركة :