الخلافات الداخلية بين تيارات حركة النهضة تعود للمشهد في تونس

  • 7/5/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الخلافات الداخلية بين تيارات حركة النهضة تعود للمشهد في تونستمثل الخلافات الداخلية لحركة النهضة الإسلامية مادة مثيرة للجدل بالنسبة إلى وسائل الإعلام المحلية وأيضا في الأوساط السياسية والمدنية. وتؤكد تصريحات قياديين بارزين في الحركة حقيقة الخلافات، لكن الأمر لم يتطور ليتسبب في انشقاقات تهدد استقرار الحزب.العرب نسرين رمضاني [نُشر في 2017/07/05، العدد: 10682، ص(4)]ديمقراطية على المقاس تونس - يعود الحديث مرة أخرى في الأوساط السياسية التونسية إلى خلافات داخل حركة النهضة الإسلامية، بعد تصريح القيادي في الحركة عبداللطيف المكي الذي أقر بوجود خلافات “عميقة” نابعة من اختلاف المواقف. وقال المكي، في تصريحات لعدد من وسائل الإعلام المحلية، إن من أسباب الخلافات الداخلية للنهضة هو التوافق بين الحركة ونداء تونس. وأكد اختلاف الآراء داخل الحركة بشأن التوافق مع نداء تونس باعتبار تباين الأجندات. وأشار المكي إلى أن داخل هياكل الحركة تتم مناقشة الخلافات وتقاطع الرؤى “بهدوء”، ولكنه قال أيضا إن “الديمقراطية الداخلية لم تعد كافية”. وقال علية العلاني الباحث في الجماعات الإسلامية، في تصريحات لـ”العرب”، إن “الخلافات داخل حركة النهضة قديمة قبل أن يصل الحزب إلى الحكم لكنها كانت مخفية ويكفي أن نذكر مثال إبعاد صالح كركر من مركز القرار”. وكان كركر أحد أبرز قياديي حركة النهضة وأحد مؤسسي تيار الاتجاه الإسلامي في تونس. وأضاف العلاني أنه بعد 2011 بدأت الخلافات تتبلور في مؤتمر 2012 ومؤتمر 2016 الأخير للحركة، قائلا “وقد أصبح عبدالحميد الجلاصي وعبداللطيف المكي يجاهران صراحة بخلافهما مع رئيس الحركة” ويريدان أن تكون كل هياكل الحركة منتخبة وغير معينة. ويدعم المكي بشدة ضرورة استبدال النظام الرئاسي بنظام آخر داخلي تكون فيه مشاركة أكبر في اتخاذ القرار، إذ يرى القيادي بالحزب الإسلامي أنه يمكن لرئيس الحركة الاحتفاظ بالعديد من الصلاحيات. وانتقد المكي تمركز القرار السياسي في شخص رئيس الحركة راشد الغنوشي.علية العلاني: الخلافات داخل حركة النهضة قديمة قبل أن يصل الحزب إلى الحكم ولم يخف المكي وجود رغبة لدى قيادات من حركة النهضة في إحداث تغيير، مقرا في الآن نفسه بوجود تيار يقاوم بشدة هذا التوجه من أنصار فكرة الإبقاء على النظام الرئاسي وهم أساسا من المقربين من الغنوشي. وأكد المكي أن التيار الداعي إلى التغيير يتسع مع الوقت داخل النهضة، مشيرا إلى ضرورة أن يفهم الغنوشي رغبة البعض من المنتمين إلى النهضة في التغيير. ولا يشمل انتخاب مجلس شورى حركة النهضة سوى ثلثي أعضائه أما الثلث المتبقي فيعينه رئيس الحركة. أما المكتب التنفيذي، وهو الهيكل الأساسي للحركة، فأعضاؤه معينون بالكامل من طرف رئيس الحزب. وأشار العلاني إلى أن أسلوب النهضة في اختيار أعضاء المكتب التنفيذي ومجلس الشورى يتطابق كليا مع النظام الداخلي والقانون الأساسي لحركة الإخوان المسلمين العالمية. وقال العلاني إن إصرار الغنوشي على عدم انتخاب المكتب التنفيذي يعود إلى أن انتخاب هذا الهيكل يحرمه من اختيار أمين المال “الذي يعرف بمثابة صاحب سر الصندوق الأسود الذي لا أحد يعرف ما بداخله ومن أين تأتي الأموال ولمن تصرف”. ويعتقد العلاني أن الخلافات داخل أجنحة حركة النهضة ستحتد مستقبلا لأسباب عديدة. أولا لأن الجيل القديم في الحركة بدأ يستنكر إبعاده من مراكز القرار. وثانيا لأن حوالي 60 بالمئة من أنصار الحركة سواء في مجلس الشورى أو في المجالس المحلية لا يقبلون باستراتيجية الحركة في عدم توظيف الدين في السياسة وفي التقارب مع الحزب الليبيرالي حركة نداء تونس. ويرجح العلاني أن الانقسام سيزداد أكثر داخل النهضة بعد مغادرة الغنوشي لرئاسة الحزب لأنه لا يوجد إلى حد الآن أشخاص قادرون على لم شمل الحزب وبالتالي على توحيد مختلف الأجنحة. ولم تهدأ النقاشات داخل حركة النهضة الإسلامية منذ المؤتمر العاشر للحزب الذي انعقد في شهر مايو سنة 2016. ويتمحور الخلاف حول كيفية اتخاذ القرار داخل الحركة. ويحدد النظام الداخلي تقسيم المهام بين رئاسة الحزب والمكتب التنفيذي، بالإضافة إلى مجلس الشورى والمجالس المصغرة المنبثقة عنه. واستطاعت حركة النهضة في العديد من المناسبات السيطرة على خلافاتها ومعالجتها بهدوء دون أن تخرج إلى العلن بما يؤثر على تماسك الحزب. ويتحدث العديد من المراقبين عن قرب انفصال البعض من أجنحة الحركة وإعلان استقلالها، لكن ذلك لم يحدث. وقال علية العلاني إن “التناسق داخل حركة النهضة تناسق مؤقت” لأن الأحزاب ذات المرجعية الدينية هي في العادة الأقل انقساما باعتبار مبدأ الخضوع “للأمير أو لرئيس التنظيم الذي ورثوه عن الإخوان والذي يتمثل في أسلوب البيعة”. ويرجع المتابعون استمرار تماسك حركة النهضة رغم ما تحتويه من خلافات بين تيارات مختلفة داخلها إلى شيء من الانضباط أو الالتزام النابع من العقيدة الدينية للمنتمين إلى الحركة. وقال العلاني إن “الحركة غرست في ذهن أنصارها فكرة تقديس مفهوم الجماعة الذي تصبح بموجبه تتمتع بقداسة تضاهي قداسة الدين وهي إحدى خاصيات تيار الإسلام السياسي”. وهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها عبداللطيف المكي عن حقيقة وجود خلافات بين قياديي حركة النهضة، بل سبق وأن أدلى بتصريحات مشابهة. كما أعلن قياديون آخرون من الحزب الإسلامي عن وجود خلافات داخلية بخصوص البعض من المواقف التي أبدتها النهضة بشأن البعض من المسائل السياسية بالأساس والتي لاقت معارضة كبيرة من طرف أنصارها وقياديين بارزين فيها.

مشاركة :