باريس – حاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء التخفيف من حدة تصريحاته التي قال فيها إنه لا يرى بديلا شرعيا للأسد، في انعطافة كبيرة في السياسة الخارجية الفرنسية ازاء الملف السوري وفي قطيعة مع موقف الحكومة الاشتراكية السابقة التي أكدت مرارا أن الأسد جزء من المشكلة ودعت لرحيله. وأثارت تصريحات ماكرون مخاوف وقلق المعارضة السورية كما اعتبرت تأسيسا لمرحلة جديدة من الصراع تتجاهل فيها باريس ما نسب من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية للنظام السوري. لكن ماكرون عاد مجددا لطمأنة جماعات المعارضة السورية بالقول، إنه لم يعد يعتبر رحيل الأسد شرطا مسبقا للتفاوض على تسوية الصراع الذي أودى بحياة مئات الآلاف ودفع أكثر من 11 مليون شخص للفرار من ديارهم. ويصف الرئيس الفرنسي الجديد الأسد بأنه عدو للشعب الفرنسي، لكنه قال إن أولوية بلاده هي محاربة الجماعات الإرهابية وضمان ألا تصبح سوريا دولة فاشلة. وأثارت التصريحات التي حظيت بإشادة البعض في فرنسا، حالة من عدم الارتياح بين المعارضة السورية ومسؤولين سابقين وجماعات تقدم المساعدات الإنسانية. وبدا أن ماكرون وكانه يحاول تخفيف تصريحاته بعد حديثه مع رياض حجاب رئيس الهيئة العليا للمفاوضات لقوى المعارضة السورية التي تمثل مجموعة من المعارضة المسلحة والسياسية في محادثات تعقد في جنيف وتتوسط فيها الأمم المتحدة بين الأطراف المتحاربة في سوريا. وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان إن ماكرون أكد لحجاب أن فرنسا تساند الهيئة العليا للمفاوضات في محادثات السلام السورية التي تجرى تحت إشراف الأمم المتحدة. وقال البيان "أكد الرئيس للسيد حجاب رغبته في التعاون بالكامل وبشكل شخصي من أجل التوصل لحل سياسي يشمل الجميع في إطار جنيف". وكانت تصريحات ماكرون التي أدلى بها يوم 21 يونيو/حزيران تؤكد الموقف الروسي القائل بعدم وجود بديل للأسد. وسعى الرئيس الفرنسي إلى تعاون أوثق مع روسيا ويقول دبلوماسيون فرنسيون إنه يرغب في بناء حالة من الثقة خاصة في ما يتعلق بالملف السوري. وقال مكتب حجاب إنه أبلغ ماكرون خلال حديثهما الثلاثاء "أن بشار الأسد قد فقد الشرعية بعد أن ثبت تورطه عدة مرات في استخدام الأسلحة الكيميائية ضد شعبه". وأضاف المكتب أن بقاء الأسد في منصبه "يعزز الفوضى ويرسخ دور المنظمات الإرهابية ويجلب المزيد من الميلشيات الطائفية ويؤجج التمييز والكراهية". وكان فوز ماكرون في الانتخابات قد أتاح لباريس الفرصة لمراجعة سياستها بشأن سوريا بعد أن اعتبر معارضو سياسة الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند الخارجية موقفه متعنتا للغاية وأنه تسبب في عزل الحكومة الفرنسية. وسيزور وزير خارجية روسيا باريس الخميس لبحث الصراع الدائر في سوريا.
مشاركة :