في الوقت الذي ارتفع حجم الناتج المحلي الخليجي في السنوات الأخيرة توقع تقرير اقتصادي أن يسجل قطاع المقاولات في الدول الخليجية نموا خلال الأعوام المقبلة مما يتيح فرصا استثمارية واعدة للقطاع الخاص خاصة في المشاريع الحكومية التي رصدت ميزانيات ضخمة. لكن التقرير أشار إلى عدد من التحديات التي تواجه قطاع المقاولات بدول المجلس يتطلب معالجتها من خلال التشاور بين القطاعين العام والخاص. واستند التقرير في توقعاته الإيجابية لسوق الإنشاءات في دول مجلس التعاون إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي في دول المجلس بنسب تتراوح بين 5 و6 في المئة. وسيصل حجم الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج إلى 3.6 ترليونات دولار بحلول 2016 في مقابل 2.4 تريليون خلال عام 2012، إضافة إلى النمو السكاني السريع لدول المنطقة وتطور البنية التحتية والحاجة الملحة لزيادة المساكن وتطوير الخدمات. ويتوقع أن يصل حجم المشروعات الإنشائية في المنطقة خلال الخمس سنوات المقبلة إلى نحو 800 مليار دولار تتنوع في مشروعات البنى التحتية والخدمات مما يساهم في نمو القطاعات المساندة لها مثل قطاع التجهيزات والمعدات. وأكد التقرير الذي أعدته الأمانة العامة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي أن القطاع الحكومي الخليجي سيظل المحرك الأول للمقاولات والإنشاءات الجديدة في دول الخليج لاستئثاره بما يزيد على 50 في المئة من المشاريع خصوصا مشاريع البنية التحتية والمرافق الخدمية الحكومية. وأوضح أن دول مجلس التعاون تخصص ميزانيات ضخمة للاستثمار في مختلف قطاعات البنية التحتية لتلبية الطلب المتزايد للتركيبة السكانية لذا فإن هناك عدة شركات عالمية وخليجية تتنافس على هذه المشاريع مما يحسن التنافسية في بيئة الأعمال. وتشمل المشروعات التي تنفذها دول الخليج مشروعات الطرق والموانئ والسكك الحديدية والمطارات مما يحقق نموا في قطاع الإنشاءات والمقاولات يصل إلى 35 في المئة حتى عام 2015 بدعم من الإنفاق الحكومي المتوقع لاستكمال المشروعات التنموية. وكذلك فإن دخول الاستثمارات الأجنبية في البلاد سينعكس بشكل إيجابي على دخل قطاع الإنشاءات والمقاولات في حال تمكن القطاع من تجاوز التحديات المقبلة والمتعلقة بارتفاع أجور الأيدي العاملة. ولفت التقرير إلى تحديات حقيقة تواجه سوق المقاولات الخليجي في مقدمتها المنافسة الشرسة من كبرى شركات المقاولات الأجنبية الأمر الذي يتطلب منح قطاع المقاولين الخليجيين الأولوية لتنفيذ المشاريع أو الدخول في شراكات في المشاريع التي تحتاج إلى الخبرة والتقنية الدولية. كما طالب التقرير بإشراك قطاع المقاولين الخليجيين مع الشركات العالمية بتنفيذ المشاريع ذات القيمة المضافة كالسكك الحديدية وغيرها التي تحتاج إلى الخبرة والتقنية والتكنولوجيا العالمية غير المتوافرة خليجيا، إلا أن جذب الاستثمارات الأجنبية يمثل تحديا آخر بسبب عدم توافر المعلومات وضعف إنفاذ العقود وعدم توافر الحماية لمصالح المستثمرين. كما أن ضعف توفر الأيدي العاملة المحلية الماهرة يزيد من الاعتماد على العمالة الأجنبية بصورة كبيرة وحادة مما يستنزف جزءا كبيرا من القيمة المضافة لهذا القطاع ويحولها للخارج. ويبقى التمويل من أهم التحديات التي تواجه شركات الإنشاءات والمقاولات في المنطقة وذلك لضعف التدفقات النقدية ولمواجهة هذه التحديات فإن المطلوب اندماج الشركات العاملة في المقاولات والتشييد لخلق كيانات أكبر قادرة على المنافسة خصوصا مع احتدام المنافسة مع الائتلافات العالمية. كما أن شركات المقاولات في دول مجلس التعاون مطالبة بالإسراع في مواءمة استراتيجياتها العامة ونماذجها التشغيلية مع متطلبات البيئة الجديدة التي تتسم بإدخال وسائل التكنولوجية المتقدمة وبنفس الوقت الصديقة للبيئة. ودعا التقرير إلى وجود برامج حكومية لتحفيز شركات المقاولات الخليجية عبر توجيه البنوك الوطنية بدول المجلس على تشجيع طرح الأدوات المالية وتبني برامج وطنية تسهم في تشجيع العمالة الوطنية للدخول في هذا القطاع الحيوي، خاصة أنه يوفر عشرات الآلاف من الوظائف التي يمكن أن تستوعب العمالة الوطنية من مهندسين من مختلف التخصصات وفنيين ومشرفين وعمال مهرة وغيرها من الوظائف. وأكد التقرير أهمية تأسيس اتحاد خليجي للمقاولين يعمل على تطوير قطاع المقاولات الخليجي ومواجهة التحديات ومتابعة المصالح المشتركة لمنشآت المقاولات في دول المجلس، وكذلك أهمية دراسة ومراجعة الأنظمة والقرارات ذات العلاقة بالقطاع والصادرة عن مختلف دول مجلس التعاون الخليجي ورصد آثار تطبيقها على منشآت القطاع.
مشاركة :