الأزمة الخليجية على أعتاب تصعيد جديد

  • 7/6/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

انتهت المهلة الممنوحة لقطر يوم الاثنين كي تلبي مطالب الدول الأربع، من دون أن تستجيب الدوحة لهذه الشروط. ويفتح ذلك الباب واسعاً أمام تصعيد جديد في الأزمة الخليجية، التي اتخذت طابعاً صفرياً منذ لحظاتها الأولى. والصراعات ذات الطابع الصفري أو ما يطلق عليه في أدبيات العلوم السياسية Zero – sum- game تعني خروج أحد طرفي الصراع فائزاً بكل شيء، بينما يخسر الطرف المقابل كل شيء. لم يكن الأمر مفاجأة أن تصاغ لائحة الشروط التي طالبت بها الدول الأربع وفقاً لصيغة إما القبول أو الرفض؛ من دون إفساح المجال أمام الحلول الوسط. ومرد ذلك أن المنطق الصفري للصراع يتطلب من قطر إنهاء دورها الإقليمي الذي لعبته في العقدين الأخيرين، خصوصاً ذلك الدور الذي لعبته في المرحلة الأولى من «الربيع العربي». سيتمثل التصعيد الجديد على الأرجح في عقوبات جديدة على قطر وقطاعها المالي، سواء بسحب أرصدة موجودة في بنوك قطر، أو تجميد أرصدة لقطر في الدول المناوئة لها، وربما أيضاً وقف التعامل بالريال القطري في تلك الدول. وعلى الرغم من الشدة النسبية لتلك الإجراءات فلا يُعتقد أنها ستدفع قطر إلى القبول، لأن إمكانات الصمود ما زالت متوافرة لديها حتى اللحظة. وحتى في حال تجميد عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي، ستظل عضويتها في جامعة الدول العربية سارية. وبعيداً عن الانحياز لهذا الطرف أو ذاك، يقول المنطق إن قطر تستطيع الصمود أمام الضغوط طالما توافرت الشروط الأربعة التالية: – كان توريد تركيا وإيران لاحتياجات الدوحة من المياه والمواد الغذائية مضموناً. – احتفظت قطر بالقدرة على النفاذ إلى خطوط الملاحة الدولية. – استمرت الدوحة في تصدير الغاز الطبيعي من دون عوائق. – تمتعت قطر بتعاملات طبيعية مع النظام المالي العالمي. تقليب النظر في عوامل الصمود الأربعة يقول إن الدوحة ستستطيع أيضاً تجاوز موجة العقوبات المالية المقبلة، على الرغم من خسائرها المتزايدة بفضل احتياطياتها النقدية الكبيرة، إذ إن العوامل الأربعة المذكورة أعلاه ما زالت متوافرة لدى قطر. وبافتراض أن الدول المناوئة لقطر ستعمل على خلخلة عوامل الصمود القطرية فسيعني ذلك مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران في العامل الأول، ومصاعب كبيرة لتبرير خطواتها وفقاً للقانون الدولي في حال إذا ما قررت الدول المناوئة فرض حصار بحري على قطر أيضاً (العامل الثاني). أما العامل الثالث المتعلق بهز عمود تصدير الغاز الطبيعي فيمس سوق الطاقة العالمية، وهو أمر تريد الدول الأربع تجنبه على الأرجح، في حين يتجاوز العامل الرابع المتعلق بالنظام المالي العالمي ومنع قطر من النفاذ إليه قدرة الدول الأربع؛ ولا ينجح إلا في حال انحازت الولايات المتحدة الأميركية علناً إلى مطالب الدول المناوئة. مثلما ركبت قطر فكرة دعمها المزعوم لـ «الربيع العربي» – دعمت جماعة «الإخوان المسلمين» في الواقع – وأنها تُعاقب الآن بسبب ذلك الدعم، تركب السعودية والإمارات فكرة أن حصار قطر يعزل إيران في المنطقة. ستضطر قطر إلى نسج علاقات أكثر متانة مع إيران كي تحظى بتوريد المياه والمواد الغذائية وكذلك المجال الجوي اللازم لجعل الطيران من وإلى قطر ممكناً، وهو ما يعطي إيران حظوة متزايدة وغير مسبوقة لدى الدوحة. والواقع أنه لا إيران ولا «الربيع العربي» يمثلان عقدة الصراع الجاري، حتى مع كثافة استخدام المصطلحين سياسياً من طرفي الصراع، إذ إنه صراع على النفوذ والأدوار وليس على الأفكار. ستصعب موجة التصعيد المرتقبة الجديدة ضد قطر من أزمة الدوحة، وستتسبب في خسائر مالية أكثر لها، لكنها ستقف عند سقف أدنى من إجبار قطر على التسليم الكامل وغير المشروط بمطالب الدول المناوئة لها. وذلك الأمر بدوره سيدفع الدول الأربع إلى التفكير في تدابير عقابية إضافية، لإجبار الدوحة على الامتثال، وهكذا دواليك. لننتظر.. فسنرى. د. مصطفى اللباد

مشاركة :