نجحت الديبلوماسية الكويتية المكثفة في إبقاء الخلاف بين الدول العربية الأربع وقطر «بعيداً عن التصعيد»، الأمر الذي تأكد من خلال البيان المشترك الصادر عن اجتماع وزراء خارجية السعودية والإمارات ومصر والبحرين في القاهرة، مع ترك الباب مفتوحاً أمام التشاور والحوار، تحت سقف الوسيط الكويتي المدعوم عربياً وإقليمياً ودولياً، في ظل التشديد على محاربة الإرهاب والتطرف ومكافحة تمويلهما، وهو ما لا تعارضه الدوحة شرط تقديم أدلة وإثباتات في هذا الشأن حتى يتسنى لها ملاحقة المتورطين سواء كانوا أفراداً أو منظمات.وفي سياق الجهود المتواصلة، تلقى سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، مساء أمس، اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، جرى خلاله بحث آخر المستجدات على الساحتين الاقليمية والدولية.وجدد تيلرسون دعم الولايات المتحدة مساعي سمو الأمير لتجاوز الأزمة الراهنة في المنطقة، متمنياً لسموه دوام الصحة والعافية ولدولة الكويت وشعبها المزيد من الرقي والازدهار في ظل القيادة الحكيمة لسموه.من جهته، أعرب سمو الأمير عن تقديره لوزير الخارجية على هذا التواصل، متمنياً له موفور الصحة وللولايات المتحدة وشعبها الصديق كل الرقي والازدهار.وكان سمو الأمير استقبل في قصر بيان، صباح أمس، بحضور سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد، ووزير خارجية ألمانيا سيغمار غابرييل والوفد المرافق له.كما استقبل الشيخ صباح الخالد بحضور وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الاعلام بالوكالة الشيخ محمد العبدالله، وزير خارجية ألمانيا.وثمن الخالد دعم ألمانيا جهود الوساطة الكويتية، مشيداً بدور برلين الإيجابي.إلى ذلك، استقبل الخالد، بحضور العبدالله مساعد الأمين العام للامم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان الذي أبدى خلال اللقاء قلق الأمم المتحدة من استمرار الأزمة التي تمر بها المنطقة، معرباً عن أملها في حدوث انفراجة قريبة لها.وفي لندن، كانت الديبلوماسية الكويتية حاضرة أيضاً، من خلال اللقاء الذي جمع نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجارالله مع وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون الذي أكد مجدداً «دعم بلاده الكامل للدور الكبير الذي تقوم به دولة الكويت في رأب الصدع في العلاقات الخليجية».وقال الجار الله، في تصريح لـ«كونا»، إن جونسون سيزور الكويت السبت المقبل لبحث تطورات الأزمة، مشيراً إلى أن «الخلاف قد يكون له تداعيات على وحدة وصلابة مجلس التعاون الذي يعد صرحاً شامخاً منذ تأسيسه قبل 36 عاماً».واضاف أن «مجلس التعاون شكل مثالاً للوحدة والتماسك والانسجام بين أعضائه، والآن بكل أسف هذا الخلاف يمثل زلزالاً في كيان هذا المجلس ولذلك كل الجهود منصبة الآن على احتواء هذا الخلاف وتسعى لدعم وساطة الكويت».وفي البيان المشترك الذي صدر عقب الاجتماع الرباعي لوزراء الخارجية في القاهرة الذي استمر نحو أربع ساعات، أمس، أكدت السعودية ومصر والإمارات والبحرين، أهمية الالتزام بالاتفاقيات والمواثيق والقرارات الدولية واتفاقيات مكافحة الارهاب الدولي.وأعربت الدول الاربع، في البيان الذي تلاه وزير الخارجية المصري سامح شكري، عن الأسف لما اظهره «الرد السلبي» الوارد من قطر، مؤكدة في الوقت نفسه تقديمها «جزيل الشكر والتقدير» إلى سمو أمير الكويت على مساعيه وجهوده لحل الأزمة، على أن تعقد اجتماعها الوزاري المقبل في البحرين.وأشارت إلى «حرصها الكامل على أهمية العلاقة بين الشعوب العربية والتقدير العميق للشعب القطري الشقيق»، معربة عن الأمل في أن «تتغلب الحكمة وتتخذ دولة قطر القرار الصائب».وشددت الدول الأربع على أن موقفها يستند على المواثيق الدولية والقانون الدولي، مؤكدة ضرورة الالتزام بمكافحة الإرهاب وإيقاف خطابات الكراهية، وكذلك التزام قطر باتفاق الرياض العام 2014.ورأى مراقبون خليجيون أن «دعوة الدول الأربع للالتزام ببيان الرياض 2014 عامل إيجابي، كون السلطة القطرية أعلنت مراراً انها تؤيد اتفاق الرياضط، موضحين أنه في ما يتعلق بموضوع مكافحة الإرهاب، يمكن التوصل إلى اتفاق مشترك على أساس كل حالة على حدة.وأكد المراقبون أن قطر مستعدة للتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي،»تحت مظلة الكويت»، في مكافحة الإرهاب، فور تقديم أدلة ومعطيات وبراهين تتعلق بأشخاص أو تنظيمات وكيانات متورطة بالإرهاب.وحسب المراقبين، فإن استعداد قطر للتعاون في مكافحة الإرهاب، يقابله رفض من قبلها لمناقشة أي أمور تتعلق بالسيادة على غرار التدخل في العلاقات الثنائية مع الدول الأخرى أو رسم سياساتها الخارجية.وأكد المراقبون أن الدور الكويتي مستمر في تقريب وجهات النظر والبحث عن قواسم مشتركة لإعادة اللحمة ورأب الصدع، لافتين إلى تركيز الوساطة الكويتية والدول الداعمة لها، خاصة الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، على ضرورة عدم التصعيد وإيجاد حلول سياسية عن طريق التفاوض والحوار.وفي حين وصف شكري، في المؤتمر الصحافي المشترك، رد قطر بأنه «سلبي» و«يفتقر إلى أي مضمون»، أكد نظيره السعودي عادل الجبير أن المقاطعة السياسية والاقتصادية ستستمر إلى أن تعدل قطر سياستها إلى الأفضل، معرباً عن أمله أن تبقى تركيا على الحياد، وواصفاً إيران بأنها «الدولة الأولى الراعية للإرهاب في العالم».من جهته، أوضح وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة أن «قرار تعليق عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي يبحثه مجلس التعاون».وعن موقف الدول الأربع من جماعة «الإخوان»، قال الوزير البحريني إن «الإخوان استباحوا دماء الشعب المصري وأبناء الخليج، وأضروا بدولنا وعلى هذا الأساس نعتبرهم منظمة إرهابية... وكل من يبدي تعاطفاً معهم سيحاكم بتهمة الإرهاب».من جهته، قال وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان إن قطر لا تهتم بأشقائها بقدر ما تهتم بالإرهاب والتطرف، مضيفاً «إلى أن تقرر قطر تغيير هذا المسار من مسار الدمار إلى مسار الإعمار سنبقى في حالة انفصال عن قطر».في المقابل، دعا وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى «الحوار» لحل الأزمة.وقال في كلمة أمام معهد تشاتام هاوس في لندن، «نرحب بأي جهود جدية لحل خلافاتنا مع جيراننا»، لكن «لا نقبل التدخل في شؤوننا»، معتبراً أن الدول الأربع عليها أن تتحرك أولاً باتجاه الحوار.وأضاف أن المطالب التي قدمتها الدول الأربع «تُعتبر إهانة لأي دولة»، لكن دراستها من قبل قطر جاء بدافع احترامها سمو أمير الكويت.
مشاركة :