المدن العالمية التي توفر للمغتربين فرصا أكبر للنجاح

  • 7/6/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

التنافس الشديد على الوظائف في الأماكن التي تشهد اقبالا كثيفا من المغتربين إلى أن يبحث بعضهم عن فرص عمل في مناطق أخرى. فأي من هذه الأماكن يمكن أن يعطي دفعة قوية لحياتك المهنية؟ بعد عامين من تدريس اللغة الإنجليزية في جزيرة تايوان، كان ألان ماكيفور القادم من اسكتلندا على استعداد لبدء مهنة جديدة. كان ماكيفور قد انتقل للعمل آسيا بسبب قلة الوظائف في بريطانيا، واتخذ من تدريس اللغة الإنجليزية وظيفة له. لكنه أراد تحقيق المزيد في حياته المهنية. ولذا، انطلق ماكيفور البالغ 32 عاما إلى شانغهاي، العاصمة التجارية للصين، حيث وجد وظيفة في شركة توظيف محلية. وكان ماكيفور قد فكر في كل من سنغافورة، وهونغ كونغ، إلا أنه اختار شانغهاي بسبب نموها الاقتصادي السريع، ولأنه كان يتحدث لغة الماندرين بعض الشيء. ويقول ماكيفور، الذي كان الأجنبي الوحيد ضمن موظفي الشركة البالغ عددهم 180، إنه في غضون أسابيع قليلة، كان يجلس في اجتماعات مع الرئيس التنفيذي للشركة ومع مالكها أيضا. ويضيف: "لقد أعطيت قدرا كبيرا من المسؤوليات في وقت مبكر جدا، وكانت المهارات تلك جديدة بالنسبة لي. لم يكن لدي خبرة في التوظيف، أو حتى في التجارة". (اقرأ: أفضل خمسة بلدان في أعين المغتربين) واستمتع ماكيفور بتجربة التعلم الكبيرة تلك، ولكن بعد عامين في شانغهاي كان مستعدا للعودة إلى تايوان مرة أخرى، لكن هذه المرة، وجد الانتقال إلى هناك أسهل بكثير. ويتذكر ماكيفور قائلا: "عندما قررت مغادرة تايوان، والتوجه إلى شانغهاي، ربما كنت قد تقدمت بطلبات لنحو 100 وظيفة. ولكن عندما عدت من شانغهاي إلى مدينة تايبيه (عاصمة تايوان)، قمت فقط بإجراء مكالمة هاتفية واحدة". كان ذلك في عام 2015. وبعد عامين من العمل في شركة توظيف أخرى، أصبح ماكيفور الآن أحد كبار المشاركين في شركة البحث الآسيوية "بو لي"، ومديرا لأربعة أشخاص. لكن الصين، مع ما تضمه من وافدين يقدر عددهم بنحو 850 ألف وافد (ثلثهم تقريبا في شانغهاي) ليست المكان الوحيد الذي يتطلع إليه المهنيون الأذكياء لتوسيع آفاقهم المهنية. مصدر الصورةAlan McIvorImage caption كان ماكيفور قد فكر في كل من سنغافورة، وهونغ كونغ، إلا أنه اختار شانغهاي بسبب نموها الاقتصادي السريع. ووسط المنافسة الشديدة في المناطق الساخنة التقليدية الأخرى مثل لندن، ونيويورك، يمكن أن يكون النظر في مدن عالمية أخرى مثل دبي، وسنغافورة، أكثر قيمة، إضافة إلى أماكن أخرى أقل استقرارا اقتصاديا. تقول كريستين رايت، المديرة في شركة "هيز آسيا" للتوظيف: "إذ أردت تسريع مسارك الوظيفي ستستفيد من التفكير في العمل في مواقع يمكن اعتبارها أكثر صعوبة للعيش". وتقترح رايت الإقدام على "مخاطر محسوبة"، مثل تولي دور وظيفي مؤقت، أو قبول أجور مخفضة مقابل تعلم مهارات جديدة. وتضيف: "ومن الأفضل إذا استطعت القيام بذلك مع شركة لديها فرص مستقبلية واعدة بالنسبة لك، ومسار وظيفي واضح، وخطة تطوير لموظفيها".مطلوب عمال مهرة إذن، أي المدن أفضل للمهنيين الطموحين؟ تشير تقديرات منظمة العمل الدولية ومصرف التنمية الآسيوي إلى أن الدول العشر في رابطة أمم جنوب شرق آسيا بحاجة إلى 14 مليون عامل من ذوي المهارات العالية ما بين عامي 2010 و2025 ـ أي بزيادة قدرها 41 في المئةـ ويتعين على العديد منهم أن يستقروا في عواصم تلك الدول. (اقرأ: هونغ كونغ: جولة في أحد أفضل مقاصد رجال الأعمال في آسيا؟) في الصين، على سبيل المثال، ومع توسع الاقتصاد يحتمل أن تحتاج مدنها الكبرى إلى أشخاص يتمتعون بمهارات عالية في مجالات الخدمات والتكنولوجيا، بدلا من ذوي المهارات الدنيا والمتوسطة في مجال التصنيع. مصدر الصورةGetty ImagesImage caption تسعى الحكومة الصينية لجعل شانغهاي مركزا عالميا للابتكارات التكنولوجية وتتوقع شركات التوظيف العالمية أن يكون الطلب أكبر على تخصصات في مجالات الأمن الالكتروني، والبيانات الضخمة، وتكنولوجيا المال، في الوقت الذي تمضي فيه الحكومة قدما بخطط لجعل شانغهاي مركزا عالميا للابتكارات التكنولوجية. وبالنسبة إلى مدينة دبي، فقد كانت نقطة ساخنة للوافدين منذ سنوات، إذ يبلغ معدل البطالة بين العمالة الوافدة فيها 0.19 في المئة فقط. وبينما أثر التباطؤ الاقتصادي الذي شهده قطاعا النفط والغاز في تلك الإمارة على اقتصادها، فإنها تتطلع إلى تطوير مصادر جديدة لتحقيق النمو. وكانت دبي قد أطلقت في العام الماضي استراتيجيتها الصناعية لعام 2030، وهي الاستراتيجية التي تهدف إلى خلق 27 ألف وظيفة في ستة مجالات، تشمل الطيران، والهندسة، والأدوية. (اقرأ: دليل المغتربين للعيش في "أغلى مدن العالم") ويقول ماريو فيرارو، الذي يرأس هيئة التنقل العالمية في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وتركيا في شركة ميرسر للاستشارات الدولية: "أفضل الأماكن لتطوير مسيرة مهنية ستكون تلك التي لديها الطلب الأكبر على المواهب. ومرد كل ذلك هو القوانين الأساسية للعرض والطلب الاقتصادي". ولأنه لا يوجد لدى المؤسسات سوى مجموعة محدودة من المواهب للاختيار من بينها، فإن هناك فرصة جيدة للعازمين على تطبيق مهاراتهم والحصول على الخبرة بسرعة، كما يقول فيرارو. التدافع على المواهب وقد أدى التدافع على المواهب المهنية في بعض الدول والمدن العالمية إلى تطوير برامج خاصة للوافدين، ورجال الأعمال، بهدف جذب الناس من ذوي المواهب الأفضل إليها. ففي عام 2010، بدأت الصين في تبسيط الإجراءات البيروقراطية المتعلقة بخطتها الطموحة المعروفة باسم "آلاف المواهب" بهدف تشجيع الأجانب المهرة على العمل في جامعاتها ومعاهدها الرائدة. أما ماليزيا، فهي تمنح تأشيرات إقامة طويلة الأمد لـ "المواهب الأجنبية"، بما يسمح لبعض المهنيين بالبقاء في البلاد والعمل فيها لمدة عشر سنوات، بينما أنشأت هولندا مركزا للوافدين في عام 2008 لمساعدة الأجانب على العمل في أمستردام، والمناطق المحيطة بها.مصدر الصورةGetty ImagesImage caption عند التفكير في السفر للعمل في الخارج، ليست هناك حدود تمنعك ومع ذلك، فبالنسبة للوافدين الذين يتطلعون إلى التقدم في حياتهم المهنية، تبرز مدينتان آسيويتان. فقد توصل استطلاع لبنك HSBC حول أوضاع المغتربين حول العالم إلى أن نحو 60 في المئة من الأشخاص الذين لديهم وظائف في هونغ كونغ قالوا إن المدينة كانت جيدة بالنسبة لحياتهم المهنية، وأن 62 في المئة من المشاركين في الاستطلاع في سنغافورة قالوا الشيء ذاته (ويبلغ المعدل العالمي لرضا المغتربين عن وظائف في المدن التي يقيمون بها 43 في المئة). أما فيرارو من شركة ميرسر الذي عاش وعمل في سنغافورة لمدة 19 عاما فقال إن جودة الحياة، والبيئة الضريبية المنخفضة تجعلان المدينتين جذابتين أيضا للمغتربين. الصعوبات في الخارج بيد أن أولئك الذين يتوقون إلى تسريع تقدم حياتهم المهنية في الخارج قد يجدون عوائق أمام جهودهم، مثل قضايا التأشيرة، أو المناخ السياسي الراهن. فقد أعاد الاستفتاء لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في يونيو/حزيران من العام الماضي قضية الهجرة إلى بؤرة الاهتمام، مع شعور العديد من مواطني الاتحاد الأوروبي بالقلق إزاء قدرتهم على البقاء في بريطانيا في الوقت الذي يقترب فيه موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي. وفي الوقت نفسه، تفكر الإدارة الأميركية في إدخال إصلاحات على الهجرة قد تفضي إلى تشديد القوانين المتعلقة بنوع التأشيرة المستخدمة من قبل العديد من المتخصصين في تكنولوجيا المعلومات. وبينما تبقى سنغافورة منفتحة على المواهب الأجنبية، فإنها تعمل على تعديل القوانين المتعلقة بالعمال الأجانب المهرة أيضا. ومع قلق مواطني سنغافورة من أمور معينة مثل الزحام، وفقدان الوظائف لصالح الأجانب، تحاول بعض الشركات الآن مراعاة تطبيق "اعتبارات عادلة" لإعطاء الأولوية في الوظائف للسكان المحليين. (اقرأ أيضا: خمسة أشياء غريبة في "أفضل بلد لعيش المغتربين" في العالم) ويقول فيرارو إن الحديث عن حماية العمالة المحلية يمكن أن يتردد صداه بين الناخبين المحليين في الانتخابات المقبلة، ويؤدي إلى سن قوانين أكثر صرامة في المستقبل. ويضيف: "سواء أحببنا ذلك أم لا، فإن فرص العمل في الخارج قد تصبح أكثر صعوبة بسبب العوامل التي يمكن أن تتطور خلال السنوات القليلة القادمة".مصدر الصورةGetty ImagesImage caption لدى جيل الألفية استعداد أكبر للانتقال إلى الخارج بحثا عن تحد وظيفي جديد وتتناقض تلك السياسات مع أهداف العديد من العمال الأصغر سنا. وقد توصل استطلاع HSBC للمغتربين إلى أن جيل الألفية لديه استعداد أكبر للانتقال إلى الخارج بحثا عن تحد وظيفي جديد. ويستفيد البعض من التدريبات أو فرص التوظيف الدولية كبداية. فعلى سبيل المثال، وفرت شركة "سي آر سي سي" البريطانية نحو 6,500 فرصة تدريبية للشباب من مختلف الجنسيات لاكتساب الخبرة في مهام عمل غير مدفوعة الأجر في الصين منذ عام 2008. ومن بين 150 جنسية شاركت في هذا المشروع، كان 40 في المئة من المتدربين من الولايات المتحدة، و35 في المئة من المملكة المتحدة. ويقول إدوارد هولرويد بيرس، المؤسس المشارك لهذه الشركة: "إن الأمر يتعلق حقا بتجربة التعرف على ثقافة مختلفة، واكتساب الثقة ومهارات التعامل مع البيئة المحيطة التي تجلبها هذه التجربة. وهناك أيضا الكثير من المعرفة الخاصة بمجال الصناعة في الصين التي يمكن اكتسابها". وفي الوقت الذي يتطلع فيه ماكيفور إلى الاستقرار في تايوان، فإنه بالتأكيد ليس نادما على عمله في شانغهاي. وهو مقتنع أن انتقاله إلى المدينة كان بالضبط هو ما يحتاج إليه لتطوير حياته المهنية. ويقول: "لو لم أذهب إلى شانغهاي، لكان من المستحيل أن أحصل على الوظيفة الحالية. فقد ساهمت شانغهاي في إضفاء سمعة حسنة لسيرتي الذاتية بشكل كبير". يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Capital .

مشاركة :