الرباط / خالد مجدوب / الأناضول قال اقتصاديون مغاربة، إن خشية السلطات من تراجع قيمة الدرهم وارتفاع أسعار السلع، فضلا عن التخوف من بعض الاضطرابات الاجتماعية، تقف وراء تأجيل قرار تعويم العملة الوطنية. وأعلنت السلطات المغربية، الخميس الماضي، إرجاء الإعلان الرسمي عن انطلاق قرار تعويم الدرهم (تحرير سعر صرفه أمام العملات الأجنبية) إلى وقت لاحق، استجابة لطلب من وزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد. وكان المغرب يعتزم البدء في تعويم سعر صرف الدرهم بالتدريج، ابتداء من النصف الثاني من العام الحالي 2017، بعد فترة قضتها مؤسسات الدولة وهي تعمل على تهيئة الأجواء المحلية لعملية التعويم والدفاع عنها. وأضاف الاقتصاديون، في تصريحات متفرقة مع "الأناضول"، أن قوة الاقتصاد المغربي من خلال تقوية الصادرات ودعم الصناعة، كفيلة بالحد من تداعيات قرار تعويم الدرهم، من أجل تفادي أية تداعيات سلبية على الاقتصاد برمته. ويرتبط الدرهم المغربي في الوقت الحالي إلى حد كبير باليورو، ولكن في خطوة نحو مرونة أكبر خفض البنك المركزي وزن اليورو في سلة العملات إلى 60 بالمائة من 80 بالمائة في أبريل/ نيسان 2016، بينما رفع وزن الدولار إلى 40 بالمائة من 20 بالمائة. ويرى البنك المركزي المغربي أن هذه الخطوة، مهمة لمواكبة الانفتاح على الاقتصاد العالمي، وتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد، والمساهمة في تعزيزها وكذلك تخفيف الاختلالات والصدمات الخارجية، فضلًا عن الحد من الضغوط على احتياطات النقد وتجنب أزمات الصرف. اضطرابات اجتماعية وقال المهدي لحلو، الأستاذ بالمعهد الوطني للاقتصاد بالرباط (حكومي)، إن تأجيل التعويم، جاء بسبب مخاوف السلطات من فقدان الدرهم لقيمته، وارتفاع محتمل للأسعار، فضلا عن التخوف من بعض الاضطرابات الاجتماعية، خصوصا في ظل ما يقع في الحسيمة (شمال البلاد).وتواجه الحسيمة وبعض مدن شمال البلاد ما بات يطلق عليه حراك الريف منذ 8 أشهر للمطالبة بالتنمية. وأضاف لحلو، في حديثه مع "الأناضول"، أن هناك احتمال ارتفاع مرتقب في أسعار السلع بالنظر إلى كون البلاد تستورد العديد من المواد الغذائية من الخارج. ولفت إلى أن الاقتصاد الوطني سيتضرر جراء التعويم، لأن العملة المغربية في الخارج قليلة وليس لها أهمية، أي أن استعمالها خارج البلاد ضئيل، وإذا تم تعويمها فإن القدرة الشرائية لبعض الشرائح المجتمعية ستتراجع 30 في المائة. وكان مشروع "تعويم" العملة المغربية، يرتكز على "الانتقال التدريجي نحو نظام صرف أكثر مرونة من أجل تعزيز تنافسية اقتصاده وقدرته على مواجهة الصدمات الخارجية"، حسب البنك المركزي المغربي. وقال إن ظهور عمليات مضاربة على الدرهم الأسبوع الماضي قبل قرار التأجيل يعني أن هناك توقعات بتراجع قيمة العملة المحلية. وأشار إلى إنه على الرغم من توافر رؤوس أموال مغربية في افريقيا، وزيادة في نسب الاستثمارات بهذه القارة، إلا أن اقتصاد البلاد ما يزال مرتبط بشكل كبير بالاتحاد الاوربي. وتشكل نسبة التجارة الخارجية للمغرب مع الاتحاد الأوروبي ما نسبته 60 بالمائة من إجمالي تجارته الخارجية. تداعيات مرتقبة من جهته، قال الطيب أعيس، الاقتصادي والباحث المالي المغربي، إن تأجيل قرار تعويم الدرهم التدريجي، جاء بسبب المخاوف من تداعيات مرتقبة على اقتصاد البلاد، وبسبب المضاربات التي وقعت. وأضاف أعيس، في حديثه مع "الأناضول" أن مجموعة من المضاربين سارعوا إلى شراء العملات الأجنبية، قبيل قرار تعويم الدرهم. وأوضح أن المضاربين نوعان، الأول يتعلق بمن يتعاملون مع الخارج من خلال الصادرات أو الواردات، ويريدون تأمين الشهور الأولى من قرار التعويم من خلال اقتناء العملات الأجنبية، والنوع الثاني يتعلق بالمضاربين الذين يستهدفون تحقيق أرباح من المضاربة على العملة. وأبرز أعيس، أن قوة الاقتصاد المغربي هي التي ستضمن نجاح المغرب في تعويم الدرهم، مطالباً بضرورة تقوية الصناعة ومحاربة اقتصاد الريع (منح رخص او امتيازات لفئات معنية تتعلق بسيارات الأجرة والحافلات والصيد في أعالي البحار او تعويضات مالية). كما طالب بضرورة توفير مناخ أعمال إيجابي للمستثمرين المغاربة والأجانب بما يسهم في استقطاب مزيد من المستثمرين خصوصا الأجانب الذين يتعلمون بالعملة الأجنبية. عجز الميزانية وقال عبد القادر بندالي، الاقتصادي المغربي، إن "الاقتصاد المغربي في حالة غير جيدة لا تسمح له بتعويم الدرهم، خصوصا في ظل نسب النمو الضعيفة المسجلة، والعجز في الميزانية وارتفاع التضخم". وأضاف بندالي، في حديثه مع "الأناضول" إلى أن الدرهم سيواجه صعوبات كبيرة، إذا كانت الصادرات أقل من الواردات.وبلغ عجز الميزانية في المغرب 8.1 مليارات درهم (828 مليون دولار) في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2017 مقارنة بعجز قدره 20.6 مليار درهم (2.1 مليار دولار) في الفترة المماثلة من العام الماضي، وفقا للخزينة العامة للمملكة. تحرير تدريجي وقال سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية، في برنامج تلفزيوني على القناة العمومية المغربية، بداية الشهر الحالي، إن تأجيل تعويم الدرهم الذي كان مقررا بداية هذا الشهر، بسبب اعتزام الحكومة القيام بالمزيد من الدراسة، وذلك دون تحديد تاريخ معين لبدء مرحلة التحرير التدريجي للدرهم. وفي 20 يونيو/حزيران الجاري، أعلن محافظ البنك المركزي المغربي، عبد اللطيف الجواهري، أن بلاده ستعتمد قرار تعويم الدرهم بشكل رسمي انطلاقا من يوليو/ تموز الجاري. واعتبر أن بلاده تتوفر على كل الضمانات من أجل نجاح التعويم، الذي اختير تنفيذه بشكل تدريجي في الوقت، الذي تعيش البلاد وضعًا ماليًا واقتصاديًا عاديًا. وحررت دول عدة مثل الصين والهند والبرازيل والأرجنتين وماليزيا سعر صرف عملتها، لكن هذه التجارب لم يحالفها النجاح بنسبة كبيرة إلا في الصين والهند بفضل الصادرات المرتفعة وتدني أسعار منتجاتها، ما عزز الإقبال عليها خارجيا ومحليا. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :