إدراج عرض ميشيل بوجناح الكوميدي الفرنسي من أصل تونسي ذو الديانة اليهودية، في برنامج مهرجان قرطاج المقبل (في دورته 53)، يثير زوبعة من الجدل في الأوساط الثقافية والسياسية التونسية وموجة معارضة لمؤسسات الدولة المعنية. “اتحاد الشغل التونسي” و“الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني” و“الحزب الجمهوري وعدة شخصيات ومؤسسات مناهضة للتطبيع مع إسرائيل، طالبوا وزارة الثقافة بإلغاء عرض بوجناح من برنامج المهرجان لأنهم يعتقدون أن أصوله لا يمكن أن تشفع له مواقفه المؤيدة للقيادات الإسرائيلية وجرائم جيشها ضد الشعب الفلسطيني. الحملة التونسية وجهت رسالة إلى وزير الثقافة ومدير المهرجان تحت عنوان “لا مكان، مهما كانت جنسيّتهم، في مسارحنا ومهرجاناتنا”. الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي دعا وزارة الثقافة “إلى تحمّل مسؤولياتها والتحرّي في كلّ العروض التي تبرمج، وتغليب العروض التونسية في ظرف اقتصادي صعب”، مشيرا إلى “التبريرات الجوفاء” التي يقدّمها مدير مهرجان قرطاج، ومندّدًا “باستهتاره بمواقف التونسيين ومشاعرهم المعادية للتطبيع حين يعتبرها مجرّد شعارات”. الحزب الجمهوري رأى أن « بوجناح » عُرف بمواقفه الداعمة لجيش الاحتلال الصهيوني وتمجيده لمجرمي الحرب من قادة العصابات الصهيونية مثل إسحاق رابين وأرئيل شارون. رد وزارة الثقافة :“على إثر الجدل الذي أثير حول العرض المخصص للكوميدي ميشال بوجناح على مسرح قرطاج، واعتبارًا لحساسية الموضوع واتخاذه مسارًا سياسيًّا خرج عن سياقه الثقافي، فستقوم بمشاورات مع المجتمع المدني والأطراف ذات الصلة وذلك في نطاق مبدأ التشاور والتشاركية في أخذ القرار، والذي لا بدّ أن يأخذ في نهاية الأمر المصلحة العليا الوطنية التي تعلو فوق كل اعتبار”. وكانت وزارة الثقافة قد أعلنت في بلاغ أصدرته صباح الثلاثاء، أنه إثر الجدل الإعلامي والسجال على مواقع التواصل الاجتماعي الذي تبع “المشاركة المتوقعة للفنان التونسي العالمي صاحب الأصول اليهودية ضمن الدورة 53 لمهرجان قرطاج الدولي“، فإنها “تلتزم بعدم التدخل في المضامين والمحتويات التي يتفق حولها أعضاء الهيئات والجمعيات المديرة للتظاهرات والمهرجانات الدولية والوطنية والجهوية”. المحامي والقيادي في حركة «مشروع تونس» سمير عبد الله كتب “أن يطالب البعض بإلغاء حفلات ميشال بوجناح (هذا) يعبّر عن انحطاط فكري وثقافي وعقليّة عنصريّة، لأنّه إذا تمادينا في هذا الموقف سنطالب في المطار بالاطلاع على ديانة زوّار تونس الأجانب”. وأضاف عبر صفحته في موقع “فيسبوك” : “ميشال بوجناح تونسي، ويشرّف تونس بمواقفه الأكثر وطنيّة من بعض التونسيين. هل هذه هي الصّورة التي نريد تقديمها للخارج: صورة بلد منغلق ومتعصّب وعنصري بعد أن كان طيلة آلاف السنين بلد الانفتاح على الحضارات والديانات؟”. ليست هذه المرة الأولى، بل سبق وألغي عرض لبوجناح في “مهرجان الضحك ” يوم 27 كانون الثاني/يناير 2009 بسبب حملة مشابهة شنت ضده على موقع “فيسبوك” من قبل مجموعة من التونسيين بعد أن كان قد شارك في دورة 2007 من المهرجان المذكور. ميشال بوجناح هو من أهمّ الممثلين الكوميديين في فرنسا. ينحدر من أصول يهودية تونسية. ولد في تونس العاصمة سنة 1952، وهاجر برفقة والده جوزيف بوجناح ووالدته إلى باريس مباشرة بعد حرب عام 1967.
مشاركة :