أحياناً يقودنا سيل من التفكير حول عاطفة «الحُبّ والكراهية» وكيفية النشوء، نتوه أحياناً ما بين المفهومين، فكلاهما نتاج للعاطفة. فقد تكون اتجهت إيجاباً فظهر الحُبّ، أو كان نقيضها على الجهة المقابلة فكانت الكراهية. ولكن ما قد يحيّر البشر إنّ الاثنتين خرجتا من مكان واحد، ولكن السؤال الفلسفي الكامن في النفس البشرية منذُ الأزل هو: أيهّما قد تأسست البشرية عليه أهو الحب أم الكراهية؟! هل خُلِق الإنسان باحثاً عن الحب، أو عدوانياً تحت ما يسمى بالكراهية، هل فطرة الإنسان تتبع ذلك أو ذاك، أنحن نمتلك قرار الحب والكراهية أم أنّ سببها خفيّ ويأتي دونما استئذان؟! لقد رسم العلماء الحاجات الإنسانية ووضعوا الحاجات الوجدانية بمرحلة ما بعد الفسيولوجية، مع أنّها – من وجهة نظر شخصية – تسبق الحاجات الفسيولوجية أحياناً! فنحن لا بدّ أن نحبّ الطعام، ونعشق المكان، ونشعر بالاسترخاء والراحة عند النوم! «الحُبّ والكراهية» كما الليل والنهار قد نميل لأحدهما، ولكن فلسفة الأضداد هي سر الحياة، وهذا هو قانون الكون، فلكلٍ وظيفته داخل مسرح الحياة. تتّجه فلسفة «الحُبّ والكراهية» لمحور علاقة الإنسان بالآخر، إنّ الحبّ مثل الكراهية هما رغبة في النفس، هذه الرغبة قد تتحوّل إلى تأجج عاطفي وسلوك متوقّد بالأمل والرغبة في الحياة، أو تتحوّل إلى كراهية متأججة بالشرّ والعتمة النفسية المظلمة للحياة. يعتبر الوالدان هما مخزون الطفل الأساسي نحو بناء مفهوم «الحُبّ والكراهية»، وهنا يكمن السر، فقد تكون لـ«الكروموسومات» دورها الذي يدافع عنه علماء الأحياء، ولكن لا يزال للإنسان التأثير الأكبر في المساحة الكونية للطفل. إنّ «الحُبّ والكراهية»، كما هما، جزء من مشاعر تشتعل في القلب، فهي لن تخرج إلاّ بتوجيهات من العقل. ويكفي أن تكون فلسفة «الحُبّ والكراهية» هي دافع الإنسان نحو الحياة أو تراجعه عنها، هي السبب في بناء المعتقدات والاتجاهات والأفكار والقيم، وتلعب عاطفة «الحُبّ والكراهية» دوراً مهماً في التعلّم والتربية، فمشاعر الأبناء واتجاهاتهم نحو الحياة تؤثر في قدرتهم على الإنجاز وتحقيق الأهداف المرغوب فيها. لا يكمن التناقض في وجود «الحُبّ والكراهية» في جسد واحد، ولكن تناقض المشهد يكون حين نغضب من الكراهية في الواقع الافتراضي ونحاربها بكل جيوشنا ونبحث عنها لنعانقها في واقع حياتنا، هذا هو أصل التناقض، قد يكون «الحُبّ والكراهية» يعيشان في مكان واحد داخل قلب الإنسان وعقله، ولكن لماذا لا تكون للحُبّ الغلبة دوماً، كما في القصص والحكايات؟! ابحثوا عن الحب قبل الكراهية، وانشروا ثقافة الحبّ، وحاربوا ثقافة الكراهية.. فالحياة أقصر مما تتوقعون! د. عبدالفتاح ناجي abdelfttahnaji@yahoo.com
مشاركة :