بعد وفاة 4 نازحين سوريين اعتقلهم الجيش اللبناني يوم السبت الفائت من ضمن 350 موقوفا عقب عملية المداهمة التي في مخيمين في مدينة عرسال الحدودية هما القارّية والنور، والتي تخللها تفجير 4 انتحاريين من سكان المخيمين أنفسهم ما أدى إلى وفاة طفلة نازحة بين يدي عسكري لبناني كان يهرع بها هربا، وبعد أن أسفرت هذه العملية الأمنية عن جرح 19 جنديا من الجيش اللبناني حال بعضهم حرجة ومنهم ثلاثة معرّضون لخسارة نظرهم، أوضح مصدر أمني قابلته "الرياض": ملابسات وفاة السوريين الأربعة الذين قال بيان لقيادة الجيش بأنهم توّفوا لأسباب صحية. لكنّ هذا الأمر لم يقنع الكثير من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا أولئك المؤيدين للمعارضة السورية وضدّ نظام بشار الأسد، فشنّوا حملات تشكيكية بسبب الوفاة. في هذا السياق، روى المصدر الأمني الرفيع لـ"الرياض" تفاصيل المداهمة التي أطلقت عليها تسمية "قضّ المضاجع" وصولا إلى وفاة السوريين الأربعة. يبلغ عدد سكان مدينة عرسال 40 ألف نسمة هم من المسلمين السنّة، يستقبلون في رقعة جغرافية تتوزّع بين الساحل والجرد قرابة المئة ألف نازح سوري، ما يعني مرّتين ونصف عدد سكّان البلدة الحدودية الفقيرة. وبعد ما عرف بـ"حوادث عرسال" في آب 2014 إضطرّ الجيش اللبناني إلى إنشاء مراكز عسكرية خارج المدينة وفصل الجرد عن الساحل. ويقول المصدر الأمني الرفيع بأن "حياة المدنيين هي أولوية للجيش، وليس جميع النازحين مسلحين أو متّهمين، ولغاية اليوم فإن المخيمات كلها تحت السيطرة لكن أي خلل أمني سيضعنا أمام هاجس وجود 11 ألف شخص مختلطين بين مدنيين ومسلحين سيكونون عائقا أمام أي عملية عسكرية اضطرارية لملاحقة إرهابيين محتملين". ويروي المصدر الأمني بـأنه منذ قرابة الأشهر الأربعة والضغط كبير لملاحقة إرهابيين يعدّون لعمليات في لبنان، ووصلت معلومات إلى مخابرات الجيش اللبناني تفيد بتحركات أمنية مشبوهة في مخيّمي قارّية والنور، وحاول الجيش اللبناني القيام بعمليات مخابراتية عادية لجلب متهمين فلم يفلح نظرا إلى كثافة عدد سكان المخيمين، فاتخذ قرارا بتطويقهما من الخارج، وتم الطلب من السكان الخروج لفصل النساء والأطفال والشيوخ عن الشبان، وبالتالي عن مقاتلين محتملين أو إرهابيين، بغية الدخول لتفتيش المخيمين. وعوض الحصول على ذخائر وأسلحة كما جرت العادة، فوجئت القوى المداهمة بانتحاريين يفجرون أنفسهم بالعسكر وبالمدنيين. وبعد أن سقط جرحى من الجيش بسبب تفجير انتحاريين اثنين، فاجأ الانتحاري الثالث بتهديده بتفجير نفسه قرب عائلة بأكملها، وبعد مفاوضات شاقة مع الجيش قبل بإخلاء العائلة، إلا أن طفلة صغيرة بقيت، فتقدم منها عسكري في الجيش وحملها للخروج بها بعيدا، فإذا بالانتحاري يفجّر نفسه في تلك اللحظة فتسقط الطفلة ويجرح العسكري جراحا بليغة. وبعد تفجير انتحاري رابع لنفسه سقط للجيش 19 جريحا بقي منهم 7 في المستشفيات في حين أن ثلاثة منهم معرضين للعمى بسبب إصاباتهم البليغة. ويشير المصدر إلى أن جثث الانتحاريين الأربعة نقلت إلى المستشفيات المتخصصة، وتمّت معرفة هوية 3 منهم، تمّ تسليمهم إلى ذويهم بالتعاون مع بلدية عرسال وبأمر من القضاء، في حين لم يتم التعرف بعد على هوية الانتحاري الرابع، وقد خصصت البلدية أمكنة لدفن جثث الانتحاريين. بعد ذلك أوقف الجيش اللبناني 350 شخصا للتحقيق معهم (تم توزيعهم على 9 مراكز) في هذه القضية التي تحوّلت إلى قضية رأي عام في لبنان بسبب انقسام المواقف حول النزوح السوري. ويلفت المصدر الأمني إلى أن ظروف اعتقال الموقوفين احترمت المتطلبات الصحية وحقوق الإنسان والمعايير الدولية، لكن 4 منهم توفوا لإصابتهم بوعكة صحية نتيجة درجات الحرارة المرتفعة التي وصلت في البقاع إلى 43 درجة، علما بأن التوقيف الاحتياطي يستمر 4 أيام، وقد تمّ إطلاق قرابة المئة موقوف.
مشاركة :