استفتاء الاستقلال يقسم أكراد العراق

  • 7/7/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أربيل (العراق) - قسم تحديد موعد إجراء الاستفتاء لاستقلال إقليم كردستان مثل كثير من الأمور الأخرى مواطني الإقليم إلى فريقين الأول يقف معه والآخر يقف ضده. اجتمع مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان مع ممثلي معظم القوى السياسية في كردستان في السابع من حزيران (يونيو) الحالي، وقرروا تحديد الخامس والعشرين من أيلول (سبتمبر) المقبل كيوم إجراء الاستفتاء للاستقلال عن العراق وتأسيس دولة كردستان المستقلة كما كلف بارزاني في الوقت نفسه المفوضية العليا للانتخابات في كردستان بإتباع الإجراءات القانونية للعملية. القرار كان كافيا لإعلان مواطني كردستان قيام جبهتي "نعم وكلا"، وتمثل صفحات وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي أفضل السبل للتعبير عن آراء الجبهتين. جبهة "نعم" للاستقلال لها مبرراتها لإقدامها على تلك الخطوة، فيما تملك جبهة "كلا" بدورها مبررات لرفض الاستقلال، وتستظل كلتا الجبهتين بالجبهتين السياسيتين اللتين تختلفان حول كثير من الأمور. ويقول احمد فتاح (56 سنة) الذي حول غلاف حسابه الخاص على الفيسبوك إلى شعار "نعم لاستقلال كردستان" أن الهدف من قيامه بتلك الخطوة هو "لتشجيع الناس للتصويت بنعم في الاستفتاء وان مواقع التواصل الاجتماعي هي وسيلة لجذب وكسب مزيد من التعاطف مع الواجب القومي والوطني". ويتفق ديدار أنور (27 سنة) مع احمد فتاح حول دعم استقلال إقليم كردستان، إلا أن أهدافهما مختلفة، وقال ديدار إن "وضع شعار نعم للاستقلال على واجهة حسابي هو لبيان موقفي وإيضاح رؤية أصدقائي ليدركوا أهمية تلك المهمة". في مقابل جبهة "نعم" في مواقع التواصل الاجتماعي لدعم الاستفتاء ظهرت جبهة "كلا" في الحسابات الشخصية لبعض المواطنين مستخدمين شعار "كلا للاستقلال" وهؤلاء أيضاً لهم مبرراتهم لاتخاذ موقفهم هذا. الأستاذ الجامعي مهدي أبوبكر هو أحد مواطني إقليم كردستان الذي أعلن وقوفه ضد الاستقلال عبر حسابه على الفيسبوك، قال حول ذلك "أنا ضد الاستفتاء بالطريقة الحالية التي يجرى بها بشكل غير قانوني ودون رؤية وهدف". ويرى أن وضع شعار "كلا للاستقلال" على غلاف حسابه قد اكتسب تعاطفا ويضيف "قام أكثر من مئة شخص بتحويل غلاف حساباتهم إلى شعار كلا خلال 24 ساعة من بعدي كما نظم أكثر من مئة آخرين من أساتذة الجامعات والمثقفين والكتاب داخل وخارج البلاد حملة ضد الاستفتاء وسنبدأ نشاطاتنا قريبا". وتختلف مبررات رفض الاستقلال عند اردلان صلاح (34 سنة) عن مبررات مهدي أبو بكر مع أنهما وضعا شعار "كلا للاستقلال" على غلاف حسابيهما، يقول اردلان "يجب أن لا يكون الاستقلال لمصلحة شخصية وإجراء الاستفتاء هو لأهداف سياسية ولإخفاء السرقات وللحملة الانتخابية". ويأتي هذا الصراع في مواقع التواصل الاجتماعي في وقت من المقرر إجراء عملية الاستفتاء بعد ثلاثة أشهر فيما بدأت مفوضية الانتخابات منذ الآن استعداداتها لذلك فيما يرفض شيروان زرار المتحدث باسم مفوضية الانتخابات والاستفتاء في إقليم كردستان أن تكون الظاهرة جزءا من حملة انتخابية مبكرة. وقال حول ذلك "نحن نشجع المواطنين فقط للمشاركة ولكن لدينا قسم لمراقبة الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وسنتابع الأمر لمعرفة ما إذا كانت تنسجم مع مبادئ التعامل خلال العملية أم لا". وعد المراقبة التي تقوم بها مفوضية الانتخابات فان تشكل الجبهتين في مواقع التواصل الاجتماعي هو جزء من الانقسام السياسي الموجود في إقليم كردستان الآن، فقد جعل تعطيل برلمان كردستان ومشكلة منصب رئيس الإقليم موضوع الاستفتاء في صلب الخلافات ولاسيما بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وحركة التغيير. وفي وقت يدعم الحزب الديمقراطي العملية باتجاه استقلال إقليم كردستان فان لدى حركة التغيير ملاحظات كثيرة حول إجراء الاستفتاء بمعزل عن معالجة المشكلات السياسية. شورش حاجي المتحدث باسم حركة التغيير وصف في بيان أصدره في العاشر من حزيران (يونيو) الحالي الاستفتاء بأنه موضوع "حزبي وغير قانوني" متهما الحزب الديمقراطي في ذلك كما أعلن انه "يجب أن لا يستخدم الأمر للتملص من حل المشاكل السياسية". هذا الموقف زاد من نار الصراع حول موضوع الاستفتاء في مواقع التواصل الاجتماعي. آسو محمود عضو المجلس الوطني لحركة التغيير يرى أن ملف الاستفتاء قد تم استخدامه "خطأ" ما دفع عددا من المواطنين إلى الوقوف ضده إلا انه رفض أن تكون الحركة في الجبهة التي تقف ضد الاستفتاء، ولم ينكر أن حركة التغيير لديها ملاحظات حول الموضوع وقال "يحتاج الاستقلال لخطوات دقيقة ولن يتحقق حتى يتم تحويل القوات العسكرية إلى قوات وطنية وتتم تقوية البنى التحتية، إلا أن العملية تم قلبها في الإقليم حيث لم يكن من المفروض أن يعرض الإقليم استقلاله للاستفتاء". ويضيف أن "الحملة التي بدأت في مواقع التواصل الاجتماعي ضد الاستقلال تتعلق بتباعد الناس والسلطة من بعضهما ما أدى إلى وقوف البعض ضد أية خطوة تخطوها السلطة"، لكن يبدو أن ملاحظات حركة التغيير حول إجراء الاستفتاء تتعلق بتحسين تقدم الخطوات حيث ترى أن العملية يجب أن تمر بالبرلمان بعد تفعيله. الخلافات بين الحزب الديمقراطي وحركة التغيير أدت إلى تعطل برلمان كردستان منذ عام ونصف حيث تقول التغيير أن عملية إجراء الاستفتاء ستكون غير شرعية ما لم يصوت عليها في البرلمان، فيما يصر الحزب الديمقراطي على إجرائها سواء أكانت من البرلمان أم خارجه. ويرى عبد السلام برواري عضو المجلس القيادي للحزب الديمقراطي أن تشكل جبهة ضد الاستفتاء وأخرى داعمة له في مواقع التواصل الاجتماعي هو نتيجة للتعصب داخل المجتمع في إقليم كردستان والمواقف السياسية التي انتقلت إليه، ويقول إن "رد فعل الذين يقفون ضد الاستفتاء في مواقع التواصل الاجتماعي هو موجه ضد الحزب الديمقراطي وليس ضد الاستقلال". برواري اعترف أن معظم الذين يقفون مع الاستفتاء في مواقع التواصل الاجتماعي هم قريبون من الحزب الديمقراطي أما من يقفون ضده فهم قريبون من حركة التغيير، وقال حول ذلك ان " كوادرنا لم تكن سباقة في بدء هذه الحملة وإنما جاءت كرد فعل منهم على الجبهة المقابلة ومع ذلك نحن نعتبر انه من مهامنا أن نعمل من اجل الاستقلال وان كنا لم نبدأ الحملة رسميا". ومع اقتراب موعد إجراء الاستفتاء يبدو أن الحرب الدائرة في مواقع التواصل الاجتماعي حول الاستقلال ستطول وسيغير مستوى تقارب أو تباعد الأطراف المتصارعة من وتيرة الصراع. آرام جمال مدير المعهد الكردي للانتخابات أكد أن اتجاه الحملة التي بدأت في مواقع التواصل الاجتماعي للوقوف ضد الاستقلال أو دعمه مرهون بالتطورات المستقبلية في العلاقات بين الأطراف السياسية فإذا طرأ تغيير على تلك العلاقات سيطرا التغيير بالتالي على مواقع التواصل الاجتماعي في ما يتعلق بالوقوف ضد أو مع الاستقلال لان جزءا كبيرا ممن اتخذوا موقفا حول الأمر ليسوا مستقلين وإنما ينتمون إلى الأحزاب السياسية حسب قوله. وقال جمال إن "هناك توجهين رئيسيين وهما الحزب الديمقراطي وحركة التغيير ويدخل مؤيدو ومعارضو الاستقلال ضمن هذين التوجهين فمن اختار كلا للاستقلال في مواقع التواصل الاجتماعي هو متأثر بشكل من الأشكال بحركة التغيير ومن اختار نعم أيضاً متأثر بالحزب الديمقراطي". المشكلة تكمن في أن العملية لا تظهر بشكل طبيعي كمعظم الأمور الأخرى في كردستان ففي حين يعني الاستفتاء حسب جميع المعايير حرية الناس في التصويت نجد أن الجبهتين في كردستان بدأتا حملة لترهيب الناس ومصادرة تلك الحرية. وتقول الجبهة الأولى والمتمثلة بالحزب الديمقراطي إن "من لا يصوت بنعم لاستقلال كردستان هو خائن قد باع نفسه"، فيما تقول الجبهة الثانية والتي تقودها حركة التغيير إن "من لا يصوت بكلا للاستفتاء هو فاسد وضد الديمقراطية ويؤيد بقاء سلطة بارزاني غير الشرعية". وطالما بقيت الجبهتان على هذه الحال فانه من الصعب أن يقبل المواطنون المؤيدون والمعارضون النتائج بطريقة ديمقراطية.(نقاش)

مشاركة :