نوف الموسى (دبي) في صالة «ماد» غاليري، بمدينة دبي، تتحول قاعة الاحتفاء بالأعمال الفنية، إلى مختبر بحثي للفنون، يستمد من الخيال الإبداعي فوتوغرافيا للتصورات المستقبلية لشكل الحياة، ما يدعو مجدداً للحديث حول أهمية البنية الفنية ودورها في تعزيز ثقافة المنتج التنموي في الحياة اليومية للأفراد. المصور الفوتوغرافي رينود ماريون، استثمر مختزنات الذاكرة والإدراك المتخيل في طفولته، في ما يتعلق برغبته بقيادة سيارة طائرة، لإنجاز أعماله الفنية التي استلهمها من نظريات الخيال العلمي في أفلام سينمائية، أو أعمال فنية لفنانين من مثل الآلات التحليق المستقبلية التي رسم معالمها الفنان الفرنسي Moebius. والساحر في التناول العلمي الفني في الأعمال المعروضة هو الاعتبارات المتعددة لمفهوم «الفن الميكانيكي»، والذي يضم الزمن والآلات الميكانيكية، في اشتغالاتها البصرية، وتجسيدها لـ «الزمن» كأيقونة فنية مدهشة. وجاءت حركة المصور رينود ماريون، في اللوحة الفوتوغرافية، ببانوراما من السريالية، في تطلعاتها اللامحدودة نحو البنية المادية للسيارات الكلاسيكية، التي استخدمت كعنصر رئيسي في مكون العمل الفني. رؤية الأعمال تقوم على وسائل نقل مستقبلية قوامها سيارات بلا عجلات. ولذلك اختار المصور رينود إزالة العجلات من السيارات الكلاسيكية، التي تبدو مرتفعة من على الأرض. ويقدم المشهد هنا، تصورات لسرعة الهواء التي تتمتع بها تلك السيارة، وحضورها الكلاسيكي، بطابعه الهندسي المذهل، المعبر عن تاريخية السيارة في وعي المصور، وارتباطها بالزمنية المستقبلية، إضافة إلى إمكانية تجول تلك السيارات، في مختلف البيئات والطرق الجغرافية، والتي توحي للمتلقي، بآلية رسم الطرق في الأجواء، إلى جانب إثراء التخطيط الحضري للمدن، بتغيرات جذرية وأبنية معلقة. ويستمر المصور رينود (41 عاماً)، بتجسيد الكثافة البصرية لطفولته، بلغة متناهية في الدقة والمحفزة للابتكار. تجربة المصور رينود ماريون، في معرض «السيارات الطائرة» الفني، تأكيد على أن الخيال العلمي مصدر مهم، لإثراء الثقافة بتفرعاتها المختلفة. وأن الإمكانية التنموية للثقافة في مجتمعاتنا المحلية، لا يمكن أن تقفز بمنتج داخلي، إلا عبر أفراد يستثمرون المحصلة العلمية في التماهي مع الثقافة بأبجديات الصورة والقصيدة والموسيقى والمسرح والرقص وغيرها، ما يطرح سؤالاً في مدى متانة محتوى الخيال العلمي، في الأدبيات الثقافية العربية، ومستوى تطويرها في الألفية الحديثة، وتحديداً للطفل. فهل يستطع الأطفال عبر قراءة رواية خيال علمي، صناعة سيارة طائرة، أم عبر صناعة سيارة طائرة يستطيع الطفل كتابة رواية خيال علمي؟! بالنسبة للمصور رينود ماريون، فقد تأثر جداً بمخرجي الأفلام المثيرة، مثل Terrence Malick وWes Anderson، وكذلك من المصورين الفوتوغرافيين مثل Alec Soth وNadav Kander. ما يستدعي ضرورة التباحث في موضوع بيئة الطفل واليافعين، وفي أشكال تحفيز المخيلة. وبالنظر إلى مستوى الإنتاجات المحلية في مجال الخيال العلمي، فإنها متدنية، ولم تسجل حضوراً في موجة الكتابة الأدبية التي تصدرت أخيراً الساحة الثقافية في الإمارات. ومن بين أبرز المهتمين بالكتابة في الخيال العلمي، الكاتبة الإماراتية نورة النومان، عبر رواية «أجوان». ومن جهة أخرى، فإن من بين الجهات الجديدة الداعمة للمحتوى العلمي العربي، هو مركز محمد بن راشد للفضاء. إلا أن الاهتمام التفصيلي والموجه للخيال العلمي عبر عمل مؤسساتي، يظلّ في حاجة إلى تعميق مسؤول ومركَّز وتراكمي.
مشاركة :