أكد الكاتب الأميركي، ريتشارد كلارك، أن الدعم القطري للإرهاب ليس جديداً، فهي كانت من الدول التي كانت ملاذاً للعقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر. وقال كلارك في مقالته التي حملت عنوان «كنا دائماً على علم أن قطر تشكل معضلة»، في صحيفة «ديلي نيوز»، إن الدعم القطري للإرهاب ليس شيئاً جديداً، فقد استمر ذلك لمدة 20 عاماً على الأقل. وأضاف كلارك أنه درجت العادة على ربط اسم أسامة بن لادن بالقتل الجماعي في هجمات 11 سبتمبر، وكان هناك رجلاً آخر كان القائد الحقيقي. في البداية علمت فقط أن اسمه «خالد شيخ محمد» كأحد الأشخاص الذين ارتبطت أسماؤهم بالهجوم على مركز التجارة العالمي عام 1993. وكان لديه قدرة فائقة في تنظيم الهجمات الإرهابية وهو ما كان يفتقر إليه أسامة بن لادن. وخالد شيخ محمد، باكستاني نشأ في الكويت، لكنه أمضى أربع سنوات في ولاية كارولينا الشمالية بالولايات المتحدة للحصول على البكالوريوس. وبعد هجوم برج التجارة عام 1993، ظهر في مانيلا عام 1995 عندما كان متورطاً في ما يسمى بمؤامرة بوجينكا لتفجير الطائرات الأميركية في المحيط الهادئ. وبحلول عام 1996، وبسبب عمليتي نيويورك ومانيلا، اعتبر خالد شيخ محمد، أخطر إرهابي كبير فار من العدالة. في وقت لاحق من ذلك العام كان هناك اتهام جنائي اتحادي مختوم. وكانت المخابرات الأميركية تحاول تحديد مكان تواجده كمسألة ذات أولوية عالية. ويضيف كلارك أنه بعد كل هذه المطاردة تم العثور عليه في قطر، حيث حصل على وظيفة في إدارة المياه. وجاء القرار بشأن ما يجب عمله بعد ذلك إلى لجنة مشتركة بين الوكالات وكان يترأسها كلارك نفسه، وهي مجموعة الأمن لمكافحة الإرهاب. وأضاف المسؤول الأمني الأميركي الرفيع في إدارتي بيل كلينتون وجورج دبليو بوش أنه عقد اجتماعاً للجنة المعنية بمكافحة الإرهاب، وتوصل الحضور إلى إجماع أنه لا يمكن الثقة بحكومة قطر بما فيه الكفاية لكي يفعلوا ما يجب عليهم، وهو الطلب من جهاز الأمن القطري اعتقال وتسليم خالد شيخ محمد. ويوضح كلارك سبب عدم قيامه بهذه الخطوة أنه كان للقطريين تاريخ من التعاطف مع الإرهاب، وكما أن أحد أعضاء الأسرة الحاكمة في قطر كان متورطاً في دعم الإرهاب على نحو وثيق وله علاقات عميقة مع تنظيمات مثل القاعدة. ويضيف الخبير الأميركي في مقالته أن القرار الذي اتفقوا عليه القيام بعملية لخطف خالد شيخ محمد من قبل فريق أميركي ثم نقله على الفور إلى الولايات المتحدة، لكنه يشرح أن عقبات قانونية وإجرائية أعاقت العملية، خصوصاً الجهة التي يجب أن يخضع للمحاكمة أمامها. وكانت السفارة الأميركية في قطر بعد ذلك جزءاً من شيء يسمى «برنامج السفارة الخاص»، وهذا يعني أنه ليس سوى مكتب صغير لوزارة الخارجية. ولم يكن هناك مكتب اتصال لمكتب التحقيقات الفيدرالي في السفارة، ولم يكن هناك ملحق دفاعي، ولا توجد محطة للوكالة. ولم يعتقد مكتب التحقيقات الفيدرالي ولا وكالة المخابرات المركزية أنهما يمكنهما التسلل بهدوء دون إثارة الشكوك حول أجهزة الأمن القطرية. وعلى الرغم من أنه تم إنشاء قوة دلتا للقيام بعمليات إنقاذ الرهائن والقتال في بيئات غير صديقة، فإن الخبراء في مثل هذه الأمور في قيادة العمليات الخاصة المشتركة لم يتم تكليفهم من قبل وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون). ويوضح كلارك أنه بدلاً من ذلك، قام موظفو الأركان المشتركة بتطوير عملية عسكرية لها أوجه تشابه مع غزو الحلفاء للنورماندي، رصد لتنفيذها آلاف الأفراد العسكريين براً وجواً وبحراً على الأراضي القطرية. لقد كانت الطريقة السلبية للقيادة العسكرية مناسبة للقول إنها لا تريد أن تكون متورطة في انتهاك أراضي دولة ذات سيادة لانتزاع رجل واحد. ويضيف كلارك أنهم واجهوا وضعاً مماثلاً للقبض على أحد الإرهابيين في العاصمة السودانية الخرطوم، فكانت الخطة المقدمة للقبض على رجل واحد أصعب من الاستيلاء على كامل الخرطوم! ويستطرد: «من المخيب أن نقول إنه قبل 11 سبتمبر، كانت القيادة العسكرية الأميركية مترددة جداً للمشاركة في عمليات مكافحة الإرهاب». وفي مواجهة مكتب التحقيقات الفيدرالي، وكالة الاستخبارات المركزية، ووزارة الدفاع التي ادعت أنها غير قادرة على خطف خالد شيخ محمد في قطر، أو القيام بذلك فقط بطريقة كان من المرجح أن يبدو وكأنه غزو، تركت إدارة بيل كلينتون مع خيار واحد فقط: التقرب من القطريين. وللتخفيف من المخاطر الكامنة في تلك الخطوة، طلب من السفير الأميركي أن يتحدث فقط إلى الأمير (حمد بن خليفة)، ويطلب من الأمير أن يتحدث فقط إلى رئيس جهاز الأمن القطري. وكان الطلب هو أنه يجب عليهم القبض على خالد شيخ محمد والاحتفاظ به لبضع ساعات حتى يتمكن فريق مكافحة الإرهاب من اعتقاله ونقله إلى الولايات المتحدة. وقال كلارك: «في غضون ساعات من اجتماع السفير الأميركي مع الأمير، اختفى خالد شيخ محمد. في الدوحة، هذه المدينة الصغيرة، لم يتمكن أحد من العثور عليه. في وقت لاحق، قال لنا القطريون إنهم يعتقدون أنه غادر البلاد. لم يقولوا لنا كيف». وبدأ خالد شيخ محمد منذ ذلك الحين في التخطيط للهجمات الإرهابية. فكان وراء هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة، وتفجيرات بالي في إندونيسيا، وقتل الصحافي الأميركي دانيال بيرل، وغيرها من الهجمات الإرهابية. وفى عام 2003، قبض عليه مسؤولون أميركيون في باكستان. وهو اليوم في معتقل غوانتانامو بكوبا. واختتم كلارك مقالته بالقول: «لو كان القطريون قد سلموه إلينا كما طلب في عام 1996، ربما كان العالم مكاناً مختلفاً جداً».
مشاركة :