تتعدد أسباب تركنا لعملنا بعد أن نقضي فيه أياماً أو أشهراً أو حتى سنوات. ومن الأسباب التي تدفعنا لترك عملنا، إما خلاف مع مدير، أو خلاف مع توجه المؤسسة، أو الحصول على فرصة عمل جديدة، وكذلك قد يكون السبب عارضاً صحياً أو التقاعد. في الأيام القليلة الماضية تركت عملي في إحدى القنوات التلفزيونية العاملة في إسطنبول بعد أن قضيت فيها أكثر من سنتين؛ نتيجة حصولي على عمل جديد، وكانت هذه المحطة تضم ما يقارب المائة موظف، وبحكم كونها محطة إخبارية كان ضغط العمل في بعض الأحيان لا يطاق، وقد تصل في بعض المراحل إلى العزوف عن إلقاء التحية على زملائك إلا مرغماً، ليس كرهاً بقدر ما هو تنفيس بطريقة غير مباشرة عن الاستياء من ضغط العمل. الموظف بشكل عام يحمل الكثير من الانزعاجات داخله تجاه المؤسسة التي يعمل معها، منها مثلاً عدم زيادة المرتب، أو عدم الترفيع في العمل، أو يرى من وجهة نظره بعض نقاط الضعف بالمؤسسة؛ مما يجعله يصدر أحكاماً لبعض الزملاء بشكل سلبي عن المؤسسة وإدارتها، مما يجعله يقع في الموقف الأضعف، فأول شيء ستخبره به إدارته:(نحن عرضنا عليك العمل وأنت وافقت ولم نغصبك عليه). قد يكون الموظف على حق في كثير من الأمور، ولكن لا يحق له أن يذم المؤسسة التي يعمل فيها طالما توفر له ما تم الاتفاق عليه حين قدم إلى العمل، وإن تم الإخلال بشروط العقد وهنا ملاحظة مهمة (توافر العقد بشكل قانوني) حينها يحق له أن يقاضي وفق قانون البلد الذي تعمل ضمنه المؤسسة. من حيث الجانب الإنساني في الموضوع أنا أقف في صف الموظفين، وأعتبر أن المؤسسة التي يعمل بها الشخص، التي سيمنحها وقته وجهده وإبداعه يجب عليها أن تبقيه دائماً معززاً مكرماً؛ حيث يحق لأي موظف زيادة دورية وعلاوات ومكافآت واطراء من قبل الإدارة وليس فقط تعنيفاً وانتظار الموظف أن يخطئ ليتم إنذاره أو الخصم له، فالإدارة في هذه الحالة تنظر إلى الجانب السلبي إن حدث مرة وتُغفل آلاف الإيجابيات، فتصبح حينها الإدارة تعمل ضمن نظرة ضيقة تعتمد سياسة محاربة الموظف بلقمة عيشه، والتلويح بإقالته من العمل، وهي أساليب هربت أغلب المؤسسات العاملة في الخارج منها، والتي كانت تنتهجها السلطات في بلادها. أما من حيث الجانب الإداري، فيحق للإدارة الحفاظ على دورة حياتها، والتخفيف قدر الإمكان من المشكلات التي تعترض نموها واستمراريتها، وعليه يحق لها ضمن القانون وضمن عقد الاتفاق، أن تنذر الموظف في حال تعمد الأخير الوقوع في الخطأ، أو أن يتكرر نفس الخطأ عدة مرات، وبنفس الطريقة. ولكن بالعودة للموظف الذي سيترك عمله نتيجة خلاف أو أي سبب آخر (لا يحق لك أن تضرب مديرك أو تسب المؤسسة أو حتى تحاول تحصيل ما ليس لك). أما في حال كانت المؤسسة ستنتهك حقك اعتباطاً، فأمامك القانون، وأمامك توكيل أشخاص لهم صلة جيدة بالمؤسسة للمطالبة بحقوقك إن وجدت. اخرج صديقي التارك لعملك بكل صمت وأدب، ودع علاقتك مع الجميع جيدة، حتى ولو كنت تشعر بعدم الرضا، فالعلاقة الإنسانية أثمن بكثير من علاقات العمل، وإن خرجت بهذه الطريقة ستبقى تحتفظ باحترامك لنفسك واحترام الآخرين لك، وإن كان لك حقوق فالتفاهم سيد الأحكام، وهناك الكثير من الأشخاص العقلاء سيساعدونك في حل مواضيعك العالقة. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :