تحت عنوان «الدرس الفلسفي وسؤال الحداثة»، يكرم «موسم أصيلة الثقافي الدولي»، في دورته الـ39، المفكر المغربي محمد سبيلا، في احتفالية «خيمة الإبداع» التي يحتضنها مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، في 16 يوليو (تموز) الحالي.وسعت «خيمة الإبداع»، منذ البداية، بحسب الناقد والباحث شرف الدين ماجدولين، ومنسق فعالياتها، لأن تكون «لحظة حوار ومساءلة واعتراف معرفي، لجهود أسماء طبعت الثقافة المغربية. ولهذا اقترن الاحتفاء بمراجعة المنجز الفكري والإبداعي، وتحليل مضامينه ومقاصده».وأضاف ماجدولين أن «مؤسسة منتدى أصيلة»، حين اختارت سبيلا محوراً لاحتفالية «خيمة الإبداع» لدورة هذه السنة، جعلت لها عنواناً هادياً لفهم الرصيد الفكري للمحتفى به، هو «الدرس الفلسفي وسؤال الحداثة»؛ مشيراً إلى أن «القصد في المحصلة هو تسليط الضوء مجدداً على أعمال مفكر مغربي مرموق، وأستاذ لأجيال من الطلبة والباحثين، طبع بجهوده التربوية واجتهاداته الفكرية والفلسفية، مرحلة أساسية من مراحل المغرب المعاصر».وأكد ماجدولين أن اختيار «خيمة الإبداع»، بموسم أصيلة الثقافي، في دورة هذه السنة، تكريم سبيلا، هو «تكريم لجيل من الأعلام المغاربة في حقل الفلسفة، ولقيم المواطنة والعقلانية ونشدان الحداثة، التي أسست للمغرب المعاصر، وفي تكريمها والوفاء لها وفاء لهذا الوطن وإعلاء من قيم الانتماء إليه».وينتمي سبيلا إلى «رعيل من المفكرين والأكاديميين الذين ارتبطت لديهم الثقافة والفكر بالنضال من أجل التحرر والتحديث والديمقراطية وتحقيق نهضة وطنية شاملة. وهو ممن صدروا في كتاباتهم الفكرية عن هاجس البحث عن آفاق الحداثة، والدفاع عن ثوابتها، والسعي إلى إشعاع مكوناتها وروافدها الخصيبة. من هنا جاء إنتاجه الفكري والفلسفي، تحليلاً وتأريخاً وترجمة، متصلاً على نحو وطيد بهذا الأفق الفكري. كما تجلت إسهاماته العميقة في تبديد التباسات الفكر العربي بصدد الفلسفة الحديثة والمعاصرة، سواء بالتأليف أو بالخوض في النقاش العام، أو الممارسة السياسية».ولد سبيلا في الدار البيضاء سنة 1942، تابع دراساته الفلسفية بجامعة محمد الخامس بالرباط وجامعة السوربون بباريس، قبل أن يشتغل أستاذاً للفلسفة الحديثة والمعاصرة بكلية الآداب بالرباط، ويشغل منصب رئيس شعبة الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس ما بين 1972 و1980، ويترأس «الجمعية الفلسفية المغربية»، ما بين 1994 و2006. ونشر سبيلا الكثير من الدراسات الفلسفية والأبحاث، في مجموعة من الدوريات والمجلات العربية والغربية، وأسهم في تحرير مجلة «المشروع» وإصدار مجلة «مدارات فلسفية»؛ فيما توزع إنتاجه بين البحث الفكري والفلسفي والترجمة، ومن أهم مؤلفاته «مدارات الحداثة» (1987) و«الآيديولوجيا: نحو نظرة تكاملية» (1992) و«الأصولية والحداثة» (1998) و«المغرب في مواجهة الحداثة» (1999) و«للسياسة بالسياسة» (2000) و«أمشاج» (2000) و«الحداثة وما بعد الحداثة» (2000) و«دفاعاً عن العقل والحداثة» (2002) و«زمن العولمة فيما وراء الوهم» (2005) و«حوارات في الثقافة والسياسة» (2006) و«في الشرط الفلسفي المعاصر (2007) و«مخاضات الحداثة» (2007) والأسس الفكرية لثقافة حقوق الإنسان» (2010) و«في تحولات المجتمع المغربي» (2011). ومن أهم ترجماته «الفلسفة بين العلم والآيديولوجيا» لألتوسير (1974) و«التقنية - الحقيقة – الوجود» لمارتن هايدجر (1984) و«التحليل النفسي» لبول لوران أسون (1985) ونظام الخطاب» لميشيل فوكو (1986) و«التحليل النفسي» لكاترين كليمان (2000).وكتبت عن سبيلا، الذي يوصف بـ«المفكر القلق الذي يجد ضالته في التفكير في الحداثة»، والذي كانت له، أيضاً، مساهمات في التأليف المدرسي والجامعي، أبحاث ومؤلفات تناولت تجربته في الساحة الثقافية والفكرية المغربية والعربية، على مدى أكثر من نصف قرن، «منذ اختياره دراسة الفلسفة وتدريسها والنضال من أجل تلقينها في الجامعة، حيث جعل من الحداثة مجالاً استأثر بدراسته ورصد أثرها على الوعي العربي، متسائلاً عن علاقة الحداثة بالتراث باستعمال نظرية نقدية صرفة، كما اختار الثقافة دون أن ينعزل عن السياسة وخباياها»، كما نقرأ في «مسار مثقف حداثي... حوارات مع محمد سبيلا في الثقافة والسياسة» للباحث محمد الأندلسي، في تناوله لمسار وتجربة هذا الرجل الذي «اشتغل على التقليد والحداثة وإشكالاتها العويصة كموطن داء المجتمعات العربية التي لم تستطع لحد اللحظة إيجاد التوليفة المناسبة للخروج من زمن الانحطاط، وعرّف القارئ العربي على أحدث منتجات الفكر الإنساني المعاصر من خلال ترجمات كلاسيكياته في الفلسفة وعلم النفس والأبستيمولوجيا».يشار إلى أن فعاليات «موسم أصيلة الثقافي الدولي»، التي تتواصل إلى غاية الـ25 من الشهر الحالي، تتضمن ندوات ولقاءات، مبرمجة في إطار الدورة 32 لجامعة المعتمد ابن عباد الصيفية، تتناول أسئلة تؤرق الشعوب والنخب وصناع القرار عبر العالم، بمشاركة مسؤولين وفاعلين سياسيين وصناع قرار وباحثين مهتمين، تحت عناوين «أفريقيا والعالم: أي عالم لأفريقيا؟» و«الشعبوية والخطاب الغربي حول الحكامة الديمقراطية» و«المسلمون في الغرب: الواقع والمأمول» و«الفكر العربي المعاصر والمسألة الدينية». كما يتضمن البرنامج شواغل للفنون التشكيلية، ومرسماً ومشغلاً في كتابة وإبداع الطفل، ومعارض للفنون التشكيلية وعروضاً غنائية وموسيقية، كما يبرمج احتفاء بالذكرى العشرين لصدور مجلة الأدب العربي الحديث (بانيبال)، نظير أدوارها المؤثرة في «ترجمة ونقل الأدب العربي الحديث إلى العالم».
مشاركة :