قطر وثلاثية التآمر .. ( الملفات السرية – الجزء الأول )

  • 7/10/2017
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

أن بداية تشكل التأزم العقلي القطري تجاه الحالة السعودية لم يكن وليد اللحظة ، بل يمتد عميقا في التاريخ القطري ليصل للبدايات الأولى لتأسيس إمارة قطر التي كان وجودها كحالة جغرافية يتماهى مع الوجود الفعلي للسعودية الثالثة . إذ في تلك الفترة الزمنية البعيدة والضاربة في التاريخ ؛ كانت إشكاليات التعاطي القطري المتعارض مع التوجه السعودي تبرز بين حين وآخر. وكانت حالة التأزيم القطري مع التوجه الخليجي بمجمله حينذاك تنبع من أمرين. أحدهما أن الأسرة الحاكمة في قطر ترى بأنها تملك جذور ضاربة في التاريخ تجعلها تقف بالندية للأسرة السعودية الحاكمة ولباقي القبائل السعودية التي تمتد جذورها التاريخية لعشرات القرون. ومن هنا فقد كان الكيان القطري على امتداد تاريخه يفسر أي تعاطي سعودي معه مهما كان الباعث له خيرا ، بأنه يمثل محاولة للهيمنة على القرار الوطني القطري. حالة التأزم القطري هذه نلحظ البدايات المبكرة لإنبعاثها في تلك الفترة التاريخية المبكرة من حكم قطر ، وتحديدا عقب استقلالها عن الهيمنة التركية . إذ دأب حينها حاكمها الشيخ جاسم بن محمد على مناؤة الملك المؤسس عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود وإعلان اعتراضه على أي مقترح خليجي تتقدم به حكومة المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود آنذاك. بل أن الأمر قد تجاوز حالة التبني للخط الرافض لأي مقترح يتعلق بدول الخليج تتقدم به الحكومة السعودية ليغرق في الذهاب بعيدا عبر تبني أي مشروع يناهض الطرح أو مقترح الذي تتقدم به الحكومة السعودية آنذاك بغض النظر عن أهميته لصالح الإمارات الخليجية التي تتموضع في حضن مياه الخليج الدافئة. كما أن تبني قطر في ثيولوجيتها الدينية للسلفية ذاتها التي تتبعها السعودية و نادى بها الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب قد عزز لدى شيوخ قطر فكرة الوراثة الدينية للدعوة الوهابية. إذ رأى حكامها في أنفسهم تمثيلا جيدا للدعوة السلفية وأنهم مسؤولون عنها أي أنهم يمثلون المعادل الموضوعي للسعودية في هذا الأمر . بمعنى أن المملكة ليست هي الوريثة الشرعية لدعوة الإمام المجدد وأن كان قد عاش على أراضيها بل أن قطر تتشارك مع المملكة في المهمة عينها المتعلقة بالمحافظة على الإرث الدعوي للسلفية وتبنيها كمنهج والمنافحة عنها أمام الغير ومن هنا فليس للمملكة مكانة إسلامية استثنائية بل قطر تتشارك معها ذات المكانة وعليه فقد بدأت تتسرب دعوات قطرية بضرورة أن تكون عملية الإشراف على المقدسات الإسلامية في مكة والمدينة أمر مناط بكافة الدول الإسلامية وعلى رأسها قطر وليست حكرا على الجانب السعودي. تحركت عجلة التاريخ وتم لاحقا اكتشاف الوفرة النفطية لتصبح قطر بتعدادها السكاني البسيط وبحجم العائدات المالية المهولة لمبيعات النفط ؛ تملك إحتياطات مالية هائلة ولديها من السيولة المالية مايكفي الأمة العربية لعشرات السنين. هذا الأمر قد ولد في العديد من أبناء البيت القطري الحاكم الرغبة مجددا في قيادة المنطقة العربية والتسيد على مقدراتها وتبوأ المشهد السياسي منها . وهي ذات الأحلام التي كانت تداعب من قبل مخيلة جدهم الأكبر جاسم بن محمد وتدفعه للسير عكس التيار والعمل على منافحة الملك عبدالعزيز من قبل. ولقد تمثلت هذه الحالة من الأنا المتضخمة في فردين هما حمد بن خليفة الذي أصبح لاحقا أميرا لقطر ورفيق صباه وصديقه حمد بن جاسم بن جبر الذي أصبح وزير خارجية الأخير. مع مطلع تسعينات القرن الماضي كان يحكم قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني الذي كان يمثل شخصية تحضى باحترام كافة حكام الخليج.كان الشيخ خليفة قد عين إبنه البكر حمد وليا لعهده .ومن هنا فقد عمل ولي العهد هذا على أن يتم تعيين أحد أبناء بيت آل ثاني وهو صديقه حمد بن جاسم على رأس حقيبة وزارية كي يبقى إلى جواره. فأحلام ولي العهد ( الفتى الطاير ) حمد كانت قد تلاقت مع أحلام صديق صباه حمد بن جاسم إذ أن هذا الأخير قد كان يتميز بصفات أخلاقية تبز الآخرين من نظرائه لكنها بأي حال لاتختلف عن تلك التي يمتلكها صديقه ورفيق صباه الأمير حمد بن خليفة آل ثاني. إذ كان يتسم بالدهاء والخبث والتآمر و ذو شخصيته زئبقية ومستعد أن يضع يده في يد الشيطان وأعداء الأمة والإسلام فقط من أجل تحقيق أجنداته الخاصة. بحلول عام 1990م ؛ حين كان حمد وليا لعهد قطر في حكومة والده الشيخ خليفة آل ثاني قامت القوات العراقية بأمر من طاغية العراق صدام حسين بعملية إجتياح لدولة الكويت المسالمة وبدأت قوات صدام تتجه صوب الحدود السعودية تمهيدا لإجتياحها. فكان أن شاركت دول الخليج الإئتلاف الدولي الذي تشكل للتصدي لأطماع رئيس النظام العراق البائد في منطقة الخليج الغنية بوفرتها النفطية التي تعتبر عصب الحياة للعالم أجمع. في تلك الفترة التي كانت قطر برئاسة حاكمها الشيخ خليفة تقف إلى جوار باقي دول العالم وإخوتها من دول الخليج فإن هذا الأمر قد كان يحضى بغضب ولده وولي عهده حمد على الدوام. ولذا فما أن استغلت بعض فصائل قوات نظام صدام وجود إحدى الثغرات في الحدود السعودية وتمكنت من خلالها من إحتلال منطقة الخفجي النفطية حتى سارعت بعض القوات القطرية بأمر من الشيخ خليفة للوقوف مع إخوتهم السعوديين ومساندة قوات الجيش والحرس الوطني السعودي وبغطاء جوي أميركي من أجل دحر مرتزقة صدام ونفيهم إلى خارج حدود البلدة السعودية. هذا الأمر أغضب حينذاك ولي العهد القطري حمد بن خليفة وصديقه حمد بن جاسم بن جبر – الذي كان يشغل حينذاك منصب وزير المياه والكهرباء بالنيابة إلى جانب حقيبة الوزارية المتمثلة في الزراعة و الشؤون البلدية – بل وأشعرهم بغصة وبحنق شديدين . فكان أن أتت أوامر من جهات قطرية عليا – من قبل رمز التآمر حمد – لبعض الفصائل القطرية للتحرك بمنأى عن التشكيل العسكري القطري المنخرط في الإئتلاف الدولي والمسارعة للتقدم وإحتلال مناطق حدودية من إحدى دول الجوار الخليجي ، كان يرى المتآمر حمد وصديقه حمد بن جاسم بأنها تمثل حق تاريخي لقطر قد اغتصبته هذه الدولة الخليجية في مرحلة مبكرة من تاريخ قطر. في حين كان الهدف المبطن لدى هؤلاء المتآمرين هو زيادة الإمتداد الجغرافي لقطر كي يتم لاحقا تجنيس العديد من المهاجرين و العمالة العربية و الآسيوية القادمة لقطر والعمل على إحلالهم في هذه المناطق لزيادة الكثافة السكانية والعسكرية لقطر ولخلق إشكاليات ديموغرافية للقبائل التي تعيش في هذه المناطق والمناطق الأخرى المجاورة لها تمهيدا لتهجيرهم وجعل هذه المناطق مسرحا مكشوفا للتحرك القطري وقاعدة للمزيد من الإنطلاقات التآمرية الموجهة نحو العمق الخليجي. لكن حكمة هذه الدولة الخليجية قد دعتها آنذاك للصبر واتباع سياسة ضبط النفس ، حتى تمكن الإئتلاف العربي والدولي من تحرير الكويت ليتم على إثر ذلك تحرك قوات عسكرية من تلك الدولة الخليجية للمناطق المحتلة من قبل النظام القطري والعمل على دحر هذا العدوان الآثم وتحرير تراب وطنها من دنس حمد بن خليفة وزبانيته المجرمين. حسن مشهور – كاتب صحفي سعودي

مشاركة :