واشنطن - تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن حملته لإنشاء وحدة للأمن الإلكتروني مع روسيا وقال في تغريدة على تويتر إنه لا يعتقد أنها يمكن أن تنشأ وذلك بعد ساعات فقط من تشجيعه إنشاء تلك الوحدة بعد محادثاته مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وكانت الفكرة قوبلت بانتقادات حادة من جمهوريين قالوا إن موسكو لا يمكن الوثوق بها بعد ما قيل عن تدخلها في انتخابات الرئاسة الأميركية في 2016. وقال ترامب على تويتر "حقيقة أنني والرئيس بوتين ناقشنا إنشاء وحدة للأمن الإلكتروني لا تعني أنني أعتقد انه يمكن انشاؤها. فهي لا يمكن إنشاؤها". وأشار ترامب بعد ذلك إلى اتفاق مع روسيا لوقف إطلاق النار في سوريا قائلا "يمكن أن يحدث وحدث ". وفي تغريدات سابقة له على تويتر منذ أن عقد أول اجتماع مباشر مع بوتين يوم الجمعة قال ترامب إن الوقت قد حان للعمل بشكل بناء مع موسكو مشيرا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في جنوب غرب سوريا بدأ سريانه اليوم الأحد. وأضاف في أعقاب محادثاتهما على هامش قمة مجموعة العشرين في هامبورغ بألمانيا "أنا وبوتين بحثنا تشكيل وحدة منيعة لأمن الإنترنت لتفادي اختراق الانتخابات والعديد من الأمور السلبية الأخرى". وانتقد ثلاثة جمهوريين من أعضاء مجلس الشيوخ، وهم لينزي غراهام وماركو روبيو وجون مكين، الفكرة بلهجة حادة. وغراهام سناتور جمهوري مؤثر عن ولاية ساوث كارولاينا وعضو في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ أما روبيو فهو سناتور عن ولاية فلوريدا وجون مكين عن أريزونا. وقال غراهام لقناة تلفزيون إن.بي.سي "ليست أغبى فكرة سمعتها في حياتي لكنها أقرب ما يكون إلى ذلك" وأضاف أن استعداد ترامب الواضح "للتسامح والنسيان" قوى عزمه على إقرار تشريع يفرض عقوبات على روسيا. وقال مكين الذي يرأس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ لمحطة تلفزيون (سي.بي.إس) "لم تكن هناك عقوبة. فلاديمير بوتين أفلت من العقاب بمعنى الكلمة بعد أن حاول تغيير نتيجة انتخاباتنا". وأضاف "نعم. حان الوقت للمضي قدما. لكن يجب أن يكون هناك ثمن يدفع". وقال روبيو على تويتر "على الرغم من أن الواقعية والعملية تتطلبان أن نتعامل مع فلاديمير بوتين لكنه لن يكون أبدا حليفا موثوقا به أو شريكا بناء يعتمد عليه". وأضاف "الدخول في شراكة مع بوتين بشأن وحدة لأمن الإنترنت مثل مشاركة (الرئيس السوري بشار) الأسد في وحدة للأسلحة الكيماوية". وروج ترامب خلال حملته الانتخابية إلى اتباع نهج جديد مع موسكو لكنه لم يتمكن من تنفيذ ذلك في ظل ملاحقة إدارته بتحقيقات عن مزاعم بتدخل روسيا في الانتخابات وصلات بحملته. وتبحث التحقيقات التي يجريها المحقق الخاص روبرت مولر والعديد من لجان الكونغرس الأميركي ما إذا كانت روسيا تدخلت في الانتخابات وتواطأت مع حملة ترامب. ويقول أعضاء في الكونغرس ومسؤولون بالمخابرات إن هذه التحقيقات تركز بشكل كامل تقريبا على تحركات موسكو، ولم تظهر أدلة تشير إلى تورط دول أخرى على الرغم من إشارة ترامب إلى ذلك الاحتمال. وتنفي موسكو أي تدخل. وقال ترامب إن حملته لم تتواطأ مع روسيا. وقال النائب آدم شيف أبرز ديمقراطي في لجنة المخابرات في مجلس النواب لقناة تلفزيون سي.إن.إن "لا أعتقد أننا يمكن أن نتوقع من الروس أن يكونوا شريكا نزيها بأي شكل في وحدة ما لأمن الإنترنت. إذا كان ذلك هو أفضل دفاع لنا عن الانتخابات فربما نرسل صناديق اقتراعنا أيضا إلى موسكو". وفي إطار منفصل ذكرت صحيفة واشنطن بوست السبت أن مسؤولين في الحكومة الأميركية قالوا إن متسللين من الحكومة الروسية هم الذين اخترقوا في الآونة الأخيرة أنظمة عمل لمفاعلات طاقة نووية أميركية وشركات أخرى في مجال الطاقة. وقالت الصحيفة إن مسؤولين حكوميين وفي مجال الصناعة أكدوا أن تلك هي المرة الأولى التي يُعرف فيها أن متسللين إلكترونيين روسا اخترقوا شبكات في شركة طاقة نووية أميركية. وقال ترامب إنه أثار مزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية العام الماضي مع بوتين. وقال "ضغطت بقوة مرتين على الرئيس بوتين بشأن التدخل الروسي في انتخاباتنا. نفى ذلك بشدة. لقد أعطيت رأيي بالفعل". وتابع "تفاوضنا على اتفاق لوقف إطلاق النار في أجزاء من سوريا من شأنه أن ينقذ الأرواح. حان الوقت الآن للمضي قدما في العمل على نحو بناء مع روسيا". وتوصلت الولايات المتحدة وروسيا والأردن لوقف لإطلاق النار واتفاق "لخفض التصعيد" في جنوب غرب سوريا يوم الجمعة فيما تجري إدارة ترامب أول محاولة لها في صنع السلام في البلد الذي يشهد حربا أهلية منذ أكثر من ست سنوات. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومسؤولان في جماعات المعارضة المسلحة إن وقف إطلاق النار في تلك المنطقة صامد بعد ساعات من سريانه الأحد. وفي تغريدة أخرى قال ترامب إن "العقوبات لم تناقش في اجتماعي مع الرئيس بوتين. لن يتم شيء قبل حل الأزمتين الأوكرانية والسورية". وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على روسيا لضمها شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في 2014. وبدا أن ترامب يناقض تصريحات أدلى بها وزير خارجيته ريكس تيلرسون الذي قال للصحفيين إن ترامب قال لبوتين إن نوابا أميركيين يضغطون لفرض عقوبات إضافية على روسيا. وأقر مجلس الشيوخ الأميركي تشريعا يحول تلك العقوبات إلى قانون، وهي عقوبات تشمل قطاع التعدين وصناعات أخرى كانت قد فُرضت بأوامر تنفيذية أصدرها الرئيس السابق باراك أوباما. ويتعين أن يقر مجلس النواب مشروع القانون أولا قبل أن يحال إلى البيت الأبيض ليوقعه ترامب أو يرفضه. وقال السناتور الجمهوري غراهام عن ترامب "إنه لا يعتزم أن يفعل أي شيء حيال الأمر وبالتالي يجعلني ذلك أكثر التزاما من أي وقت مضى بإيصال العقوبات التي تؤدب بوتين إلى مكتب الرئيس ترامب". وانتقد مكين تصريحات قال فيها تيلرسون عن سوريا "بدرجة كبيرة أهدافنا (أميركا وروسيا) واحدة. نختلف في وجهات النظر عن كيفية تحقيقها. ربما لديهم النهج الصحيح فيما لدينا النهج الخاطئ". ودعمت روسيا وإيران الإبقاء على الأسد في السلطة. وركز ترامب مثل سلفه أوباما على قتال الدولة الإسلامية تاركا مسألة مصير الأسد لوقت لاحق. وقال مكين "علم الروس أن بشار الأسد سيستخدم أسلحة كيماوية. ثم تقول إننا ربما نحن من ننتهج الأسلوب الخاطئ؟". ولدى سؤاله عما إذا كان يندم للتصويت لصالح تولي تيلرسون منصب وزير الخارجية رد مكين "أحيانا أشعر بذلك".
مشاركة :