إسطنبول/ الأناضول حذّر حسين أوروج، أحد مراقبي عملية السلام في الفلبين، من أن الجماعات المرتبطة بتنظيم "داعش" الإرهابي "تسعى إلى تخريب عملية السلام" الراهنة بين الحكومة، و"جبهة تحرير مورو الإسلامية" في جزيرة مينداناو جنوبي البلاد، لكنه اعتبر أن شعبية الجبهة "تظل عقبة كبيرة" أمام توسع نشاط التنظيم في المنطقة. وفي مقابلة حصرية مع الأناضول قال أوروج، وهو أحد الأعضاء الثلاثة الدوليين في لجنة المراقبين المستقلين لاتفاقية السلام بين حكومة الفلبين و"جبهة مورو الإسلامية"، ينبغي أن "ينظر المرء إلى ديناميكيات مدينة ماراوي وجماعاتها، لمزيد من فهم الصراع القائم في المدينة ذات الأغلبية المسلمة". ومنذ أواخر مايو/أيار الماضي، فرضت جماعة "ماوتي" المرتبطة بتظيم "داعش"، وبدعم من مسلحي جماعة "أبو سياف" حصارًا على مدينة ماراوي في جزيرة مينداناو الجنوبية التي يقطنها أكثر من 5 ملايين مسلم. ومهّد حصار المدينة الطريق أمام صراع جديد بين مسلحي جماعة "ماوتي"، والجيش الفلبيني، حصد أرواح عشرات المدنيين والجنود؛ فضلًا عن مقتل المئات من مسلحي الجماعة، كما تسبب في نزوح نحو 246 ألف شخص من المنطقة. ودعا أوروج، الذي يشغل أيضًا منصب نائب رئيس هيئة الإغاثة الإنسانية التركية "أي ها ها - IHH" إلى "التفريق بين الجماعات الموالية لداعش في المنطقة، وجبهة مورو الإسلامية". وأوضح مراقب السلام أنه "منذ البداية سعت جبهة مورو لحماية حقوق المسلمين، وإقامة دولة مسلمة مستقلة دون المشاركة في أي نشاطات خارج إطار القانون". وتابع: "مورو واصلت نضالها في إطار الشريعة الإسلامية، والأهم من ذلك أنها لم تشارك في أي عملية تضر بالمدنيين". واعتبر أوروج أن الجماعات المسببة للفوضى في الفلبين هما "جماعتي (ماوتي) و(أبو سياف) المرتبطتين بتنظيم داعش" وتأسست جماعة "ماوتي" عام 2012، بزعامة عبد الله ماوتي وشقيقه عمر، وأعلنت مبايعتها لتنظيم داعش الإرهابي في أبريل/نيسان 2015، لتتحوّل إلى لاعب رئيسي في النزاع الأخير، وفق أوروج. "أبو سياف" عقّدت الأزمة وأشار أوروج إلى أن الإحصائيات الرسمية تظهر أن ما لا يقل عن 350 مسلحًا من جماعة "ماوتي"، ونحو 100 من قوات الأمن، وأكثر من 50 مدنيًا قتلوا إثر الاشتباكات الدائرة في ماراوي، لكنه رجح أن "حصيلة الضحايا أكثر من ذلك بكثير". ولفت إلى أن "مسلحي ماوتي ما زالوا يسيطرون على أجزاء من المدينة، ومن المرجح أن أعداد المدنيين الذين قتلوا (في النزاع) تجاوزت 500 شخص، ولا يزال هناك العديد من الرهائن المحتجزة هناك" . ونوّه مراقب السلام أيضًا إلى أن آلاف النازحين جراء النزاع (في مدينة ماراوي) بحاجة ملحّة إلى المساعدات الإنسانية، داعيًا المجتمع الدولي إلى إعطاء المزيد من الاهتمام للمأساة الجارية. ورأى أوروج أن مسلحي جماعة "أبو سيّاف" عقدوا الأزمة التي تسببت فيها جماعة "ماوتي" في مدينة ماراوي. وأردف: "حالها كحال جماعة (ماوتي)، انحرفت (أبو سياف) عن هدفها في إقامة دولة مسلمة مستقلة في الوقت المناسب، وأصبحت منظمة إجرامية مشهورة بعمليات الخطف طلبًا للفدية، إضافة إلى شن هجمات ضد المدنيين". وبخصوص الجماعتين المرتبطتين بتنظيم "داعش"، ذكر أوروج أنه حتى وقت قريب، لم يكن يعرف سوى القليل عن "أبو سياف" و"ماوتي" خارج الفلبين. وتتبنى جماعة "أبو سياف"، التي أسسها منشقون عن "الجبهة الوطنية لتحرير مورو"، العمل المسلح منذ 1991، لإقامة ما تسميها "دولة إسلامية مستقلة"، في مناطق مينداناو الغربية، وسولو (جنوب). وأعلنت الجماعة سابقًا ولاءها لتنظيم "داعش" الإرهابي، الأمر الذي أثار مخاوف حيال مصير عملية السلام بين النظام، وجبهة تحرير "مورو" الإسلامية، كبرى الجماعات التي تمثل المسلمين في البلاد. وأدرجت الفلبين والولايات المتحدة جماعة "أبو سياف"، على قائمة الإرهاب، بسبب أنشطتها الإرهابية مثل التفجيرات والخطف وعمليات الذبح. مينداناو "بيئة مثالية" لتنظيم "داعش" وفي حديثه للأناضول، أشار أوروج إلى أن نفوذ الجماعات الإرهابية يتقلّص في معاقلها المعروفة مثل مدينة الموصل العراقية، والرقة السورية، وهو ما فسر من وجهة نظره، أسباب الانتشار المزعوم لتنظيم "داعش" والمتعاطفين معه في الفلبين. ومضى قائلًا: "حركات التمرد المحلية و الحركات الانفصالية مزقت مينداناو لعقود، مما جعلها بيئة مثالية لداعش والجماعات الصغيرة غير المعروفة، لزيادة نشاطها وتأسيس مركز آسيوي لها". ورجح مراقب عملية السلام في الفلبين أن نشاط جماعة "ماوتي" على مواقع التواصل الاجتماعي لعب دورًا رئيسيًا في جذب شبابا المنطقة إليها. لكنه استدرك بالقول إن الشعبية التي تحظى بها "جبهة تحرير مورو الإسلامية" في البلاد، تظل عقبة كبيرة أمام توسع نشاط "داعش" في المنطقة. وأضاف: "جبهة مورو تتكون من 50 ألف جندي مدرب، وتتمتع بقبول واسع عند المواطنين في الفلبين، لذا هناك عقبة كبيرة أمام داعش للتوسع في المنطقة". وعن الهدف الذي تطمح إليه الجماعات ذات الصلة بتنظيم "داعش"، رأى أوروج أن "الهدف الأكبر لهذه الجماعات هو تقويض عملية السلام بين الحكومة الفلبينية، وجبهة مورو، بإضعاف نفوذ الأخيرة في المنطقة". شعبية ديتورتي وعلى صعيد آخر، لفت حسين أوروج إلى استمرار تمتع الرئيس الفلبيني، رودريغو ديتورتي، بشعبية واسعة في البلاد، في ظل وضع غالبية المواطنين ثقتهم فيه، رغم سياسة "القبضة الحديدية" التي يعتمدها لإدارة البلاد. وتابع: "يمكننا الجدال حول سياسات ديتورتي، لكن هو لا يزال قائدًا حتى اليوم، يحظى بدعم كبير من المواطنين". وفاز ديتورتي بالانتخابات الرئاسية على خلفية الوعود التي أطلقها، من أجل مكافحة انتشار المخدرات والفساد في البلاد. واستمرت هذه الشعبية، التي أشار إليها أوروج رغم الإجراءات الصارمة التى اتخذها الرئيس الفلبينى خلال حملته لمكافحة المخدرات؛ وأسفرت عن سقوط آلاف القتلى خارج إطار المحاكمات، وبالتالي تعرّض ديتورتي لسلسلة من الإدانات من قبل المدافعين عن حقوق الإنسان داحل الفلبين وخارجها. وتصدر، ديتورتي، عمدة مدينة "دافاو" الساحلية السابق، عناوين الصحف الدولية لسلوكياته الغريبة، وإطلاقه مجموعة إصلاحات عكست طموحه لإرساء سياسة خارجية جديدة للبلاد. وبحسب أوروج، فقد أعلن ديتورتي ابتعاده عن الولايات المتحدة، في الوقت الذي حرص فيه على تعزيز علاقة بلاده بكل من روسيا والصين. آمال واسعة من المباحثات وردًا على سؤال الأناضول حول ما إذا كانت الاشتباكات الدائرة في ماراوى قد تهدد اتفاق السلام الموقع بين الحكومة و"جبهة مورو"، أجاب أوروج بأن "فرص إحلال سلام دائم بين الحكومة الفلبينة و(جبهة) مورو الإسلامية ما زالت مرتفعة". وأضاف: "معاهدة السلام أمر حاسم لمنع داعش من الاستقرار فى مينداناو". وفي نهاية حديه، حث أوروج الجانبين (الحكومة وجبهة مورو) على اتخاذ الخطوات التالية في إطار سبيل ترسيخ السلام لتفادي انتشار "داعش". \ وكانت "جبهة تحرير مورو الإسلامية"، دفعت من أجل إقرار قانون "بانجسامورو" الأساسى، لإبرام اتفاق سلام شامل عام 2014. وفي 15 أكتوبر/تشرين الأول 2012، وقعت الحكومة و"جبهة مورو" اتفاقاً إطارياً لإحلال سلام دائم في جزيرة "مينداناو" جنوبي الفلبين، ومن المتوقع أن يجري بموجب الاتفاق تغيير اسم الجزيرة إلى "بانجسامورو"، وإعلانها منطقة حكم ذاتي في المناطق ذات الغالبية المسلمة. ووفقا لخارطة الطريق الحكومية، سيصوت مجلسا الشيوخ والنواب (غرفتا البرلمان) على قانون "بانجسامورو" الأساسي، لجعله وثيقة قانونية بحلول يناير/ كانون الثاني 2018، على أن يتم إجراء استفتاء في المنطقة في وقت لاحق للتصديق على القانون. وبعد التصديق، ستكون هناك حكومة انتقالية في جزيرة " بانجسامورو" بين عامي 2019 و2022، تجرى في ظل حكمها انتخابات لتشكيل برلمان "بانجسامورو" من قبل مواطني الجزيرة. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :