قمة العشرين أو(G20 اختصاراً) هي مؤتمر يمثّل الاقتصادات الأكبر في العالم ويحضره عادة زعماء الدول الكبرى ووزراء ماليتها ورؤوساء مصارفها المركزية لمناقشة السياسات المالية العالمية ويُعتبر هذا الاجتماع الذي عُقِدَ آخر مرة في مدينة هامبورغ الألمانية توسيعاً مهمّاً لاجتماع الدول السبع الكبرى (G7) كونه يضمّ دولاً ناشئة ذات اقتصادات كبيرة كوريا الجنوبية والبرازيل وجنوب إفريقيا وتركيا وإندونيسيا والأرجنتين والمكسيك والمملكة العربية السعودية، ومجموع اقتصادات هذه الدول العشرين تعادل 85 في المائة من الإنتاج العالمي، و80 في المائة من تجارة العالم، وسُكانها ثلثا سكان العالم .وشهدت القمة الحاليّة توتّراً بين الولايات المتحدة الأمريكية بإدارة الرئيس (دونالد ترامب) وباقي دول العالم، حول موضوعين رئيسيين: خروج واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ، واتخاذها سياسات اقتصادية تروّج لمقولة (أمريكا أوّلا)، فتأثيرات الاقتصاد الأمريكي- الأكبر في العالم - على اقتصادات الدول الأخرى، وكذلك على مناخ العالم، ستكون بالغة الخطورة .وكان اجتماع قمة الدول السبع الكبرى (G7) في صقلية بإيطاليا مؤشّراً على احتدام الأجواء بين إدارة ترامب وباقي الدول الصناعية الكبرى حول المناخ والسياسة الحمائية إضافة إلى بروز قضايا أخرى تؤرق العالم، كالدور الروسي في أوكرانيا وسورية، والإرهاب وقضايا الهجرة حيث حضر عدد من قادة الدول الإفريقية وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الممثل العربيّ الوحيد الموجود في تلك القمة .وشهد الاجتماع أول لقاء بين الرئيس الأمريكي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وقد مهّد ترامب - المشهور بتصريحاته الكثيرة والغريبة - للاجتماع بإعلانه، من بولونيا - المتوجسة من سياسات التوسع الروسية - مَهَّد بدعمه للفقرة 5 من نظام (الناتو) التي تقضي بالدفاع عن الحلفاء وباتهام موسكو بزعزعة استقرار العالم، في محاولة لتهدئة مخاوف الأوروبيين و(الناتو)، وللتقليل من أثر اتهامه بالتواطؤ مع روسيا، لكن وزير خارجيته، من جهة أخرى، وجّه البوصلة باتجاه تأكيد اتجاه تعاون أمريكي - روسيّ على الساحة السورية .وقد شَجَّعت الفجوة التي خلقها موقف ترامب تجاه أوروبا قوى عظمى أخرى، كالصين واليابان، على تأسيس شراكات اقتصادية كبرى مع أوروبا، فالزعيم الصيني (تشي جي بينغ) قدّم نفسه في يناير الماضي في اجتماع (دافوس) بسويسرا بصفته حامي التجارة العالمية وهي الصفة التي كانت واشنطن تحتلها، وهو ما لقي دعماً من ألمانيا، ذات النفوذ الأكبر في الاتحاد الأوروبي، التي تدافع عن حرّية التجارة واتفاقية باريس للمناخ ودور الأمم المتحدة ، وكلها عناصر شهدت تراجعاً أمريكيّاً ، أما اليابان فقد أعلنت عن قيام حلف اقتصادي مع الاتحاد الأوروبي سيغطي عمليّاً 30 في المائة من الاقتصاد العالمي، و40 في المائة من التجارة العالمية و10 في المائة من تعداد سكان العالم .وعلى وقع كل ذلك تظاهر في مدينة هامبورغ آلاف من المناهضين لقمة مجموعة العشرين ، ونشبت مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين ، وعبر المحتجون عن رفضهم سياسات العولمة ومقررات القمة، ونددوا بالسياسات الرأسمالية ودعوا إلى حماية البيئة من التغير المناخي ، ودعا ناشطون مناهضون للعولمة ومجموعات مدافعة عن البيئة ونقابات وطلاب ومجموعات كنسية إلى عدم الاعتراف بنتائج القمة وكان شعار المظاهرات (أهلا بكم في الجحيم) في إشارة إلى أن سياسات مجموعة العشرين في أنحاء العالم مسؤولة عن الظروف المشابهة للجحيم مثل الجوع والحروب والكوارث المناخية .وجمعت القمة أيضا بين الرئيس الأمريكي (ترامب) والرئيس الصيني (تشي جي بينغ) في وقت تزيد فيه واشنطن من الضغوط على بكين لكبح جماح كوريا الشمالية، بعدما اختبرت (بيونغ يانغ) صاروخا بالستيا عابراً للقارات مُنتهكة بذلك القانون الدولي . وتهدد واشنطن بكين بإجراءات تجارية واقتصادية وماليةٍ عقابية ما لم تمتثل وتضغط على بيونغ يانغ .وعلى الرغم من أن البيان الختامي لقِمَّة العشرين أعلن صراحة على وجوب مجابهة الإرهاب العالمي والتصدي له ، إلا أن البيان لم يُشر صراحة إلى دعم النظام الفارسي الإيراني وتمويله وتسليحه للتنظيمات الإرهابية في العالم مثل (حزب اللات) و (حماس) و (تنظيم الإخوان) و (الحشد الشعبي) الطائفي في العراق و( الحوثيين ) في اليمن والمتمردين الطائفيين في البحرين والقطيف ، ولم يطلب مجابهة بلاد فارس (إيران) ووجوب التصدي لإرهابها .عبدالله الهدلق
مشاركة :