تدخل قطاعات السياحة والفندقة والمياه المحلاة في قطر مرحلة حرجة، قد تدفعها إلى الخروج سريعا من السوق المحلية خلال فترة وجيزة؛ ما لم تتحرك الدوحة لاحتواء الأزمة والموافقة على مطالب الدول الأربع المقاطعة (السعودية ومصر والإمارات والبحرين)، خصوصا قطاع المياه الذي ستواجه فيه الدوحة تحديا حال خروج العمالة نتيجة للركود الاقتصادي وارتفاع المخاطر.ولن يكون هناك خيار أمام الشركات المشغلة لمشاريع السياحة والفنادق، بحسب مختصين، إلا السعي للخروج السريع من الأزمة الحالية لتفادي خسائر قد تجبرها في حال استمرارها حتى نهاية السنة المالية على إشهار إفلاسها، خصوصا أن المقاطعة تزامنت مع عطلة نهاية العام الدراسي في كل دول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما كانت تعول عليه الدوحة قبل المقاطعة في رفع حصتها من سياح منطقة الخليج؛ وتحديدا السعوديين، إلى أكثر من 60 في المائة عما كان مسجلا في الأعوام الماضية.واستقبلت قطر مع نهاية عام 2016 قرابة 2.63 مليون سائح؛ منهم 1.28 مليون زئر من دول مجلس التعاون الخليجي، بنسبة بلغت 48 في المائة، وهو ما يصعب تسجيله في العام الحالي؛ إذ يتوقع الخبراء أن تصل هذه الأرقام إلى أدنى مستوياتها؛ ليس فقط من السياح الخليجيين، وإنما من باقي الجنسيات، بعد أن طلب عدد من دول الاتحاد الأوروبي من رعاياها العاملين في قطر «التزام الحذر»، مما يعد عاملا سلبيا ينعكس وبشكل مباشر على قطاع السياحة والفندقة.وبحسب تقارير اقتصادية، فإن الدوحة كانت تخطط لرفع حجم المساهمة الاقتصادية لقطاع السياحة في الناتج المحلي من 48 مليار ريال قطري، إلى 80 مليار ريال في 2025، وذلك مبني على تقديراتها في ارتفاع عدد السياح القادمين إليها من دول الجوار، الأمر الذي دفعها إلى توسيع قطاع الفندقة وفتح المجال أمام المستثمرين لإنشاء أكثر من 15 ألف غرفة فندقية، ليصل إجمالي عدد الغرف إلى قرابة 37 ألف غرفة فندقية بنهاية 2024.وقال خالد العمودي، الخبير والمختص في الشأن السياحي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «إجمالي الاستثمارات في قطاع السياحة والفندقة التي قامت بها قطر عبر مستثمرين أجانب ومحليين، كان يعول عليه في رفع إجمالي الناتج المحلي لاقتصاد قطر، وذلك من خلال السياح من دول الجوار في المنطقة، وتحديدا السائح السعودي، وفي إنعاش هذه المنتجات بكل أشكالها من البرامج السياحية والسفر والفنادق، إلا أن المقاطعة، التي توافقت مع الإجازة، انعكست وبشكل مباشر على هذه القطاعات، وكان لها تأثير سلبي كبير، خصوصا أن هذه المنتجات صممت للسياح من خارج قطر وليس لسكان الداخل؛ فالتوسع في الفنادق وزيادة الفعاليات وإقامة المهرجانات هي عوامل الجذب التي يعتمد عليها المستثمر».وأكد العمودي أن «ما تحقق من عدد زوار ومداخيل مالية معلنة في سنوات سابقة لن يكون بالإمكان تحقيقه مع نهاية السنة المالية للعام الحالي 2017 ما لم تتحرك الدوحة وتجد مخرجا حقيقيا لها من تدهور اقتصادها بشكل عام، وعلى وجه الخصوص قطاع الفندقة والسياحة والسفر، خصوصا أن الناقل الوطني لقطر يعاني كثيرا هذه الأيام بعد أن خسر حصته في السوق السعودية، وهو الذي كان يعتمد على نقل العمالة الوافدة من دول شرق آسيا، وهذا يزيد من احتمالية انهيار شركات السياحة وبشكل عاجل، لأنها تعتمد على الزائر وليس على قاطني الدوحة».وبالعودة إلى قطاع المياه، فإنه من المرشح، بحسب مختصين، أن تضغط هذه الأزمة على الحكومة القطرية التي ستواجه صعوبة في إيجاد الكميات المطلوبة من المياه المحلاة في حال تعطلت محطات التحلية مع استمرار الأزمة بسبب خروج العمالة المشغلة لتلك المشاريع، الأمر الذي سينتج عنه شح في المياه، لأن قطر من الدول التي تعاني من محدودية مصادرها المائية الطبيعية نتيجة موقعها الجغرافي.وهنا قال الدكتور علي عشقي، المختص في شؤون البيئة والمياه، لـ«الشرق الأوسط» إن «قطر تعتمد، وبنسبة تصل إلى 95 في المائة، في مواردها المائية على المياه المحلاة، ومع الأزمة التي تواجهها الدوحة حاليا، فإن ذلك يسبب لها مشكلات متتالية في إيجاد الكميات المطلوبة»، موضحا أن هذه المحطات وما تحتاجه من مواد خام لا تصنع في قطر.واستطرد الدكتور عشقي بأن «استمرار الأزمة مع قطر سيدخل قطاع المياه منحى خطيرا، خصوصا مع ارتفاع تكلفة استيراد المواد الخام لمحطات التحلية، مثل (الدرامز والأغشية)، وارتفاع التكلفة يعود لسبب قطع علاقات الدول الأربع مع قطر، مما يعني أنه ينبغي لتلك المعدات والمستلزمات أن تجد ممرات أخرى أطول وأعلى في السعر من أجل الوصول إلى تلك المحطات».وأضاف أن «محطات تحلية المياه تعتمد على العمالة الوافدة، وهذه العمالة، مع الركود الاقتصادي الذي تمر به الدوحة حاليا، والظروف السلبية، قد تُدفع تدريجيا لمغادرة البلاد»، موضحا أن «نقص المياه لن يمكّن قطر من استضافة أي مناسبات دولية؛ بما في ذلك بطولة كأس العالم».
مشاركة :