رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة والذي تتهمه تركيا بالتحريض على الانقلاب الفاشل العام الماضي إنه لا ينوي الهروب من الولايات المتحدة وسيقبل تسليمه إذا وافقت واشنطن على طلب أنقره بتسليمه لها. ونفى غولن (79 عاما) في مقابلة أجريت معه في مجمعه السكني المحاط بأسوار وبوابات بجبال بوكونو في بنسلفانيا ما قالته الحكومة التركية في فبراير/شباط بأنه يستعد للرحيل إلى كندا لتجنب تسليمه. وقال "الشائعات ليست صحيحة على الإطلاق". وأضاف أثناء جلوسه في غرفة اجتماعات مزخرفة وجدرانها مزينة بآيات قرآنية "إذا كانت الولايات المتحدة ترى أن من الملائم تسليمي فسوف أغادر إلى تركيا". ويتهم الرئيس التركي طيب إردوغان والحكومة التركية غولن بتدبير محاولة الانقلاب التي وقعت في يوليو/تموز العام الماضي والتي قاد خلالها جنود مارقون دبابات ومقاتلات وقصفوا البرلمان وحاولوا خطف إردوغان أو قتله. ولقي أكثر من 240 شخصا حتفهم في أعمال العنف. ورفضت السفارة التركية في واشنطن التعليق على أحدث تصريحات غولن. ولم يرد البيت الأبيض على الفور على طلبات للتعليق. ولم يتسن الوصول إلى المسؤولين في أنقره للحصول على تعليق فوري. وقال إردوغان في مايو/أيار إنه سيواصل "حتى النهاية" مطالبة تركيا تسليم غولن الذي ينفي أي تورط في محاولة الانقلاب. لكن لم يتحقق أي تقدم يذكر بخصوص الطلب التركي. ويقول المسؤولون الأميركيون في أحاديث خاصة إن تركيا لم تقدم بعد لوزارة العدل الأميركية ما يكفي من الأدلة كي تتحرك رغم أن إردوغان ناشد ترامب مباشرة في هذا الأمر. والقضية نقطة شائكة رئيسية في العلاقات بين الحليفتين في حلف شمال الأطلسي. وقال غولن إنه يأمل ألا تسمح إدارة ترامب للتسليم بأن يمضي قدما، خصوصا بعد استقالة مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين بعد أسابيع من تنصيب ترامب رئيسا. وفلين، الذي استقال لرفضه الكشف عن حجم اتصالاته مع روسيا، قام بضغط مدفوع الأجر "يمكن أن يفسر على أنه أفاد بشكل أساسي" الحكومة التركية وكان مؤيدا صريحا لتسليم غولن. وقال غولن إنه شعر "بالشفقه" على فلين لكنه أقر بأن رحيل مساعد ترامب السابق حسن قضيته. ورفضت وزارة العدل التعليق على وضع الطلب التركي بتسليم غولن. ولم يكن هناك رد فوري من محامي فلين على طلب للتعليق. ويعيش غولن، وهو حليف سابق لإردوغان، في منفى اختياري منذ 1999 ويشرف على ما يصفها بأنها حركة دينية إنسانية. ويدير أنصاره شبكة عالمية من المدارس والشركات مرتبطة بالحركة التي يشرف عليها. وأعلن مجلس الأمن التركي أن الشبكة التي يشرف عليها غولن جماعة إرهابية قبل شهرين من الانقلاب الفاشل. وأصبح غولن نفسه منذ ذلك شخصية هامشية على نحو متزايد في الوسط السياسي التركي. وفي أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة شنت الحكومة حملة جرى خلالها اعتقال 50 ألف شخص ووقف 150 ألف موظف من بينهم مدرسون وقضاة وجنود عن العمل بموجب قانون الطوارئ. وتقول الحكومة إن الإجراءات تستهدف أتباع غولن. وندد غولن بإحكام إردوغان قبضته على السلطة وإغلاق منافذ إعلامية ووصفه بأنه "مستبد". وحث إدارة ترامب والحكومات الأوروبية على بذل المزيد لتشجيع إعادة الحريات السياسية في تركيا. وقال رجل الدين إنه إذا استمع إردوغان إلى "صوت قوي من الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي وبروكسل يقول له: ‘إن ما تفعله خطأ... وإن نظامك القانوني لا يصلح فإنه قد يغير رأيه". والزعماء الأوروبيون أكثر انتقادا لحملة إردوغان القمعية لكن لم يصدر عن واشنطن رد مسموع. وقالت تركيا مرارا إن تحركاتها مبررة بقوة التهديد الذي شكله انقلاب العام الماضي للدولة ورفضت تلميحات إلى أنها تقمع المعارضة. وأشاد غولن بالمعارضة في تركيا وأكد أن أي محاولة جديدة للإطاحة باردوغان يجب أن تكون من خلال الاحتجاج السلمي والانتخابات. وليس من خلال الوسائل غير الديمقراطية. وقال "لم أؤيد قط انقلابا ولا طردا". واليوم، غولن شخصية معزولة في تركيا، مكروها من أنصار إردوغان لكنه منبوذ أيضا من قبل قطاع كبير من المعارضة، التي ترى أن شبكته تآمرت على مدى عقود لتقويض أسس العلمانية في الجمهورية التركية الحديثة. وخرج مئات الألوف من أنصار المعارضة إلى شوارع اسطنبول الأحد للاحتجاج على حملة إردوغان القمعية لكن لم تظهر أي علامة على التعاطف مع كولن. وبدا غولن واهنا أثناء المقابلة ويمشي متعثرا ويبقي طبيبه الذي يعالجه منذ وقت طويل قريبا منه.
مشاركة :