الرئيس والإيرانيات V.S رجال الدين: المشجعات يقتربن من حضور مبارايات كرة القدم

  • 7/12/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

في خطوة جديدة ضمن حلقة الصراع الدائر قبل 37 عاماً، وتحديداً عقب الثورة التي أطاحت الشاه، لحضور النساء مباريات كرة القدم، دخل اللاعبون على الخط، إذ طالب قائد المنتخب الإيراني مسعود شجاعي، الرئيس حسن روحاني، بالسماح للمشجعات بدخول المدرجات، خاصة مع تأهل المنتخب لمونديال روسيا 2018. بدأت القصة عام 1977 مع ظهور بوادر نهاية حكم الشاه، إذ تطلعت المرأة الإيرانية إلى مستقبل أفضل وارتفعت معنوياتها وآمالها بشكل أكبر، إلى أن سقط الشاه محمد رضا بهلوي في 1979، عقب الثورة التي قادها آية الله الخميني. قبل الثورة حُرمت المرأة من الكثير من حقوقها بفعل التشريعات الصادرة، منها على سبيل المثال حظر ارتداء الحجاب، وعدم السماح لها بالتصويت والانتخاب، وهي القيود التي خفت حدتها فيما بعد، إذ تم السماح لها بالترشح للبرلمان والإدلاء بصوتها كذلك. ومع مشاركة المرأة في أحداث الثورة، أعلن آية الله الخميني أن «انتصار الثورة الإسلامية في إيران مرهون بدور المرأة التي تلعب الدور الكبير في المجتمع»، لكن ما أن تملك من زمام الأمور في يده تحولت الآمال والوعود الوردية إلى كابوس. تردت أحوال السيدات بشكل أكبر مما كان عليه في حكم الشاه، على سبيل المثال تم إصدار قانون يسهل تعدد الزوجات، وآخر يقضي بأن تؤول حضانة الأطفال إلى الأب بعد الطلاق، ووقف عمل المرأة في منصب القاضية من جانب الحكومة بدعوى أنه ليس من المشروع للمرأة أن تكون قاضية في ظل القانون الإسلامي. الأمر امتد للملاعب الرياضية كذلك، إذ شملت قائمة المحظورات منع المرأة من دخول الملاعب الرياضية، بحجة التخوف من الاختلاط مع الرجال وحماية النساء من السلوكيات المشينة للمشجعين الذكور. منذ ذلك التاريخ وحتى الفترة الأخيرة تحاول الفتيات بين الحين والآخر كسر ذلك الحظر بشكل أو بآخر حتى لو كان عن طريق التخفي، كذلك حاول بعض الرؤساء تغيير الوضع، كما وجه الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA نداءات عدة للتراجع عن ذلك القرار، إلا أن السلطة الدينية تصر على رأيها منذ 38 عامًا. طُرحت القضية على الساحة بشكل قوي في أكتوبر 2004 قبل استضافة المنتخب الإيراني لنظيره الألماني، حينها أعلن اتحاد الكرة أنه «بوسع النساء الألمانيات التوجه إلى الاستاد ومشاهدة المباراة، إلا أنه تم حظر ذلك على النساء الإيرانيات»، وقال العضو شهرام وزيري: «غير مسموح للنساء بالتواجد في الاستاد خلال مباراة السبت مع استثناء أعضاء عائلات السفارة الألمانية في طهران». تطور الأمر في مارس 2006، إثر منع الشرطة الإيرانية 30 امرأة من الدخول إلى ملعب «آزاد» في العاصمة طهران خلال لقاء منتخبهم الوطني أمام نظيره الكوستاريكي، وحملت المشجعات وفق المذكور بـ BBC لافتات تقول «إنّهنّ أردن تشجيع ودعم منتخب بلادهن الوطني». بعد شهر فاجأ الرئيس الإيراني آنذاك، محمود أحمدي نجاد، بإصدار أمر لرئيس هيئة التأهيل البدني يسمح فيه للنساء بـ«حضور مباريات المنتخب الإيراني لكرة القدم في الاستادات وإعطائهن أفضل المقاعد»، لكن المبادرة الطيبة لقيت رد فعل سلبي، إذ نظم رجال دين كبار احتجاجات عنيفة ضد القرار بعد يوم احد فقط، واصفين إياه بأنه يتعارض مع الشريعة الإسلامية. كذلك اعترض البرلمان الإيراني على القرار وطالب الأعضاء الرئيس بسحب قراره، وهو ما جعل المبادرة لا تصمد سوى أسبوعين فقط، إذ أعلن المتحدث باسم الحكومة، غلام حسين الهام، أن «الرئيس أعاد النظر في قراره بعد احتجاجات عنيفة من كبار رجال الدين في إيران»، مضيفًا: «المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي دعا أحمدي نجاد إلى احترام وجهات نظر رجل الدين». في يونيو 2012 ازدادت القيود بشكل أكبر على النساء، إذ أعلن نائب رئيس الشرطة الإيرانية للشؤون الاجتماعية، وفق وكالة «اسنا»، حظر مشاهدة المرأة لمباريات كأس الأمم الأوروبية في الأماكن العامة: «من غير المناسب أن يشاهد الرجال والنساء مباريات كرة القدم معًا في صالات السينما.. الرجال عندما يشاهدون مباريات كرة القدم يهتاجون، وفي بعض الأحيان يتلفظون بألفاظ نابية أو يطلقون النكات القذرة، الأكرم للمرأة ألا تشاهد مباريات كرة القدم مع الرجال، وعلى النساء أن يشكرن الشرطة على ذلك». الحركة النسائية تطورت مع نهاية عام 2013، إذ دشنت مجموعة من الناشطات صفحة على موقع «فيس بوك» يطالبن بضرورة حضورهن للمباريات مستخدمين هاشتاج #IRWomenStadium، وهي من اتخذت من التنكر وسيلة للتسلل إلى ملاعب كرة القدم، على إثر ذلك اعتقلت الشرطة السيدة نسرين أفضلي وتعرضت للضرب بسبب توزيعها للمنشورات حسب BBC. استغلالًا لذلك الحراك اجتمع الرئيس السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم، جوزيف بلاتر، برئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، ونائب الرئيس معصومة ابتكار، لبحث القضية دون الخروج بنتائج جديدة. انتظرت النساء حتى يونيو 2014، وقتها سافرت كثيرات لمتابعة مباريات منتخبن الوطني في البرازيل بنهائيات كأس العالم، وهو ما رصدته الكاميرات الناقلة للبطولة. ما سبق أثار حفيظة السلطات الإيرانية التي حظرت على النساء في طهران من حضور مباريات منتخب كرة الطائرة ببطولة الدوري العالمي، كما منعت الصحفيات من تغطية أحداثها رغم حصولهن على تصريحات مسبقة. في سبتمبر من العام نفسه أصدرت المحكمة الثورية حكمًا يقضي بحبس السيدة «جونشيش جافامي» لمدة عام، إثر محاولتها حضور مباراة لكرة الطائرة للرجال حسب «لوموند» الفرنسية، مشيرة أنها قضت 41 يومًا في الزنزانة الانفرادية وفق رواية عائلتها. لكن بعد شهرين فقط أفرجت السلطات عنها بكفالة مالية بلغت 35 ألف دولار، بعد إدانات واضحة من المنظمات الدولية على رأسها «العفو الدولية» التي قالت عن الحكم «إنها لفضيحة أن تسجن هذه المرأة الشابة لمجرد أنها قالت بشكل سلمي إن الإيرانيات ضحية تمييز». أعاد الرئيس السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم «بلاتر» دعوته إلى السماح للإيرانيات بدخول الملاعب في مقال منشور بمجلة FIFA الأسبوعية في مارس 2015، وقال فيها: «هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، من هنا فإن مناشدتي للسلطات الإيرانية هي: افتحوا استادات كرة القدم في البلد أمام النساء». بعد يومين من مناشدة «بلاتر» أعلن الاتحاد الإيراني أنه يدرس السماح لدخول السيدات للملاعب، لكن لـ«الأجنبيات فقط» حسب المنشور بـCNN. الطريف أن إيران خلال الفترة نفسها قدمت أوراقها لاستضافة بطولة كأس الأمم الآسيوية 2019، ليتم استبعادها لعدم مساواتها بين الجنسين في حضور المباريات ويؤول التنظيم إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. قبل مباراة كرة الطائرة بين إيران والولايات المتحدة، عام 2015، أبدت الرابطة الرياضية استعدادها إلى السماح بدخول السيدات لمؤازرة المنتخب الوطني. كما أعلنت نائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة والأسرة، شهندخت ملاويردي، للصحفيين أن عددًا قليلًا من النساء، وبشكل أساسي من عائلات اللاعبين، سيسمح لهن بالدخول إلى المباراة، لكن رجال الدين انتفضوا من جديد معبرين عن احتجاجهم على تلك الخطوة، حتى تم التراجع عنها. نتيجة المنع المتكرر لتواجد النساء في صالات كرة الطائرة أصدرت منظمة «هيومن رايتس واتش» بيانًا طالبت فيه الاتحاد الدولي للعبة إلى منع إيران من استضافة أي مسابقة على أراضيها: «إن مسؤولي الكرة الطائرة الإيرانية أخلفوا بوعدهم ولم يتيحوا تذاكر الدوري للنساء». بالعودة إلى كرة القدم، فوجئت السلطات بحضور 8 نساء لإحدى مباريات الدوري الإيراني وهن متنكرات في زي رجالي في فبراير الماضي، ما استدعى إلقاء القبض عليهن وتقديمهن إلى المحاكمة، وهو ما تزامن مع صدور فتوى للمرشد الأعلى علي خامنئي بحظر ركوب الدراجة على النساء حتى «لا يجذبن انتباه الذكور». رغم النوايا الحسنة للرئيس حسن روحاني وحكومته تجاه إعادة النساء للمدرجات، ووقوف رجال الدين في وجههم، دعاه قائد المنتخب الإيراني مسعود شجاعي إلى اتخاذ القرار، خاصة بعد التأهل إلى بطولة كأس العالم بروسيا 2018. وقال اللاعب، حسب المنشور بالوكالة الألمانية «د.ب.أ»، هذا الأسبوع: «لا بد أن يجدوا طريقة تسمح للنساء بالحضور إلى الملاعب في المستقبل»، وهو ما أيده فيه اللاعب الإيراني المعتزل علي كاريمي الذي صرح: «الملايين من النساء الإيرانيات يرغبن في مشاهدة المباريات ومشاهدة الفرق المفضلة لديهن في الاستادات، وهذا يجب أن يكون متاحًا».

مشاركة :