غيب الموت فجر أمس، رئيس حزب «طليعة لبنان العربي» النائب اللبناني السابق، البعثي العراقي عبدالمجيد الرافعي، فطوى بموته صفحة حافلة بالعمل السياسي والحزبي وقبله الطبي. فهو «طبيب الفقراء» الذين أعطوه أصواتهم في مدينة طرابلس في الانتخابات النيابية في العام 1972 فخرق بها لائحة الزعيم الطرابلسي الرئيس الراحل رشيد كرامي، بل إن الأصوات التي نالها (17517 صوتاً) جعلته يتقدم على أقرب منافسيه الرئيس كرامي بـ543 صوتاً. نائب لدورة واحدة لكنها أبقته على مقعده البرلماني حتى العام 1992، هو من مواليد طرابلس، درس الطب في سويسرا، ومارس المهنة ابتداء من منتصف الخمسينات ما قربه من الناس. وكان تظاهر في أيار (مايو) 1941 للمرة الأولى تأييداً لثورة الضباط الوطنيّين في العراق في وجه الإنكليز. بعدها بسنتين شارك في تظاهرة الاستقلال في طرابلس، وقتل الفرنسيون أمامه أحد أصدقائه وأصابوا صديقه أمين هاجر في ذراعه اليسرى. وفي العام 1957 حضر أول اجتماع بعثي. وكان عضواً في الحركة الوطنية التي أسسها الزعيم كمال جنبلاط وشارك في اجتماعاتها. شغل منصب عضو قيادة قومية لحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق، ثم الأمين القطري لحزب البعث. هاجر من لبنان قسراً عام 1983 بعد معركة إخراج ياسر عرفات من طرابلس التي قادتها القيادة السورية بالتنسيق مع الأحزاب اللبنانية والتنظيمات الفلسطينية الموالية لها، واحتلت حركة «التوحيد الإسلامي» منزله وقتلت عدداً من المنتمين الى حزبه. واستقر في العراق في ظل نظام حزب البعث الحاكم كونه أمين سر الحزب - فرع لبنان. وتنقل بين بغداد وباريس إلى أن وقعت حرب 2003 وبعد إطاحة نظام الرئيس صدام حسين عاد الرافعي إلى لبنان ليستأنف نشاطه السياسي المناهض للنظام السوري. وإذ نعاه حزبه أمس، توالت المواقف المعزية بالراحل، وأبرزها من رئيس دولة فلسطين محمود عباس الذي قدم تعازيه الى عائلة الفقيد. وقال عنه الرئيس السابق للحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي: «مناضل عربي تشبث بما كان يراه حقاً، تميز بالصفات الوطنية والإنسانية والعطاء المستمر، فأحبه الطرابلسيون لقربه منهم وتفانيه في خدمتهم. وخلال الأحداث المؤلمة واضطراره الى مغادرة لبنان، لم يبخل يوماً في مساعدة الجميع عبر تأمين فرص العمل لأبناء مدينته وتوفير المنح الجامعية للمئات، إضافة الى جعل بيته مفتوحاً للبنانيين في عاصمة العباسيين». وقال رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة: «صاحب تاريخ نضالي طويل في دفاعه عن لبنان وحريته واستقلاله وسيادته وعن العروبة المستنيرة من أجل تحقيق النهوض العربي. تعرض لشتى أنواع الاضطهاد، ما زاده صلابةً في التمسك بمبادئه. أحب طرابلس وبادلته حباً بحب». ووصفه وزير العمل محمد كبارة بـ«السياسي المحنّك، استشرف كثيراً من المراحل الصعبة وحذّر منها». وقال رئيس «لقاء الاعتدال المدني» مصباح الأحدب عنه: «أعظم قامات العروبة في طرابلس، رجل التضحيات المميزة وطبيب الفقراء والمساكين، عرفوه بالشجاعة والتواضع والأخلاق النبيلة». وقال عنه توفيق سلطان «قامة وطنية انسانية كبيرة». ورأت منسقية طرابلس في «تيار المستقبل»، أن برحيله «تفقد طرابس سياسياً صلب الموقف في دفاعه عن حقوق الناس، وطبيباً يفيض بإنسانيته في مداواة آلامهم وأوجاعهم».
مشاركة :