مراقبون يرون أن الحكومة تعمدت تضييق هامش الحركة أمام قوى المعارضة للتخلص من صداعها السياسي.العرب أحمد جمال [نُشر في 2017/07/13، العدد: 10690، ص(2)]المتنفس الوحيد القاهرة - بدأ البرلمان المصري إجازة صيفية تمتد حتى 5 أكتوبر المقبل، ما أفقد قوى المعارضة داخله منبرا مهما، كانت تستخدمه للتعبير عن مواقفها ضد ممارسات الحكومة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وخسر هؤلاء كيانا مكنهم من عرض مواقفهم المعارضة للحكومة، بعد أن توارى دور الكثير من القوى السياسية، جراء الضعف الذي انتابها خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، وضعف قياداتها وعجزها عن أن تكون رقما مهما في المعادلة السياسية. وساهم تقليص الحركة في الشارع المصري، بموجب قانون التظاهر، في انخراط قطاع كبير من الشباب في التعبير عن وجهات نظرهم حيال تصورات الحكومة وإجراءاتها التقشفية عبر مواقع التواصل الاجتماعي فقط. وسببت توجهات الحكومة نحو سن تشريعات جديدة لمعالجة بعض القضايا في تضييق الخناق على قوى المعارضة، التي وجد بعضها مجالا في قاعات مجلس النواب، وبعد بدء العطلة الصيفية لم يعد أمام هؤلاء فضاء حقيقي للتعبير عن مواقفهم بشأن السياسات الحكومية. برأي البعض من المراقبين أن الحكومة تعمدت تضييق هامش الحركة أمام قوى المعارضة للتخلص من صداعها السياسي، ونجحت من خلال الكتلة المحسوبة عليها في مجلس النواب (كتلة دعم مصر) في تمرير مجموعة من القوانين تسببت في قصقصة أجنحة المعارضة داخل البرلمان وخارجه. المرحلة التي تمر بها مصر حاليا تميل فيها السياسة في الداخل إلى ما يشبه الموت أو الخفوت، عكس التوقعات السابقة التي ذهبت إلى أنها ستشهد حراكا إيجابيا يمكن أن يفرز نخبا جديدة تتناسب مع طبيعة التحديات التي تواجهها مصر. وفي الوقت الذي تشهد فيه السياسة الخارجية انتعاشا لافتا، ونجحت القاهرة في تصويب الكثير من المسارات العربية والإقليمية والدولية، دخل سياسيون وأحزاب ونشطاء شباب مرحلة حرجة من التكاسل والإحباط، أعادت للأذهان صورة الأوضاع التي كانت عليها البلاد خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك. وأرجع البعض من المراقبين هذه الحالة إلى افتقاد مصر لنخبة سياسية قوية ومعارضة تستطيع كسب احترام الشارع، الذي انصرف عنها وانخرط في همومه الاقتصادية التي تزايدت في الآونة الأخيرة وأصبحت السياسة بالنسبة إليه بابا للرفاهية يصعب دخوله بإرادته أو دونها. وقال متابعون لـ”العرب” إن توجهات الحكومة والنخب التي تدور في فلكها لعبت دورا في الوصول إلى حالة الخواء السياسي، بتصوير من يمارسها في العلن أو الخفاء وكأنه ضد المصلحة الوطنية، وساهم الخوف أو ما يوصف بـ”فوبيا الإخوان” في تكريس مفهوم “كل من يعارض الحكومة يندرج ضمن مؤيدي المتطرفين والإخوان”. وأوضح عمار حسن الخبير في علم الاجتماع السياسي لـ”العرب” أن حالة الخمول تأتي في سياق اجتماعي وإعلامي وقانوني تستحيل معه ممارسة الحقوق السياسية. وشبه حسن، الكثير من الممارسات الحالية بما كان شائعا قبل اندلاع ثورة يناير، خاصة أن حملات التشويه طالت العديد من الرموز التي عبرت عن آرائها باستقلالية. وقال جورج إسحاق عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، لـ”العرب”، “الحكومة بنت خططها في التعامل مع القوى المعارضة على الظروف الأمنية التي تواجهها البلاد، وضيقت الخناق على المجال العام بحجة مواجهة الإرهاب”.
مشاركة :