قبل ساعات من إعلان نتيجة الثانوية العامة يتوتر الوالدان بشدة، الأعصاب مشدودة والكل يقف على أطراف أصابعه، إلى أن يدق جرس الهاتف بشكل مفاجئ ليرفع الأب السماعة: «أنا متولي الخولي.. سيادة وزير التربية والتعليم شخصيا.. نجيبة!.. مالها نجيبة بنتي؟.. إيه طلعت الأولى على الثانوية العامة!»، لتخرج ابنته من الغرفة مسرعةً حتى أخبرها: «جبتي 101%»، لترد: «بس!». على هذه الشاكلة جسدت الفنانة ياسمين عبد العزيز شخصية «نجيبة متولي الخولي» طالبة الثانوية العامة في فيلم «الثلاثة يشتغلونها»، وهي من تحرص على حفظ دروسها من الألف إلى الياء واحتلت صدارة التريب في كافة مراحلها التعليمية، حتى أحرزت نسبة تجاوزت الـ100% في الثانوية العامة.فيلم الثلاثة يشتغلونها بطولة ياسمين عبد العزيز هالة فاخر صلاح عبد الله رجاء الجداوي لطفي لبيب محمد لطفي إخراج علي إدريس الظاهرة التي بدأ منها الفيلم تواجدت على أرض الواقع منذ سنوات، إذ يتمكن العديد من الطلاب من إحراز نسبة 100% فأعلى، هو أمر يسعد بكل تأكيد أسرهم، لكن البعض يصيبه الذهول من هذا الرقم القياسي. في هذا العام حاولت وزارة التربية والتعليم التصحيح من الأوضاع الخاطئة بالثانوية العامة، وبدأت خطواتها بتطبيق نظام «البوكليت» في الامتحانات، وهو الذي يتضمن تركيز إجابات الطلاب في نفس ورقة الأسئلة في مساحة محدودة، إلى أن تغير الوضع المتعارف عليه في السنوات السابقة، وانتهت ظاهرة «نجيبة متولي الخولي». مساء أمس عقد الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، مؤتمرا صحفيا بديوان عام الوزارة أعلن فيه نتيجة الثانوية العامة، وقال: «تعاون جميع أجهزة ومؤسسات الدولة معا أدى لضبط العملية التعليمية وتقليل نسب الغش ووقف تسريب الامتحانات، ما انعكس على انخفاض نسبة المجاميع المرتفعة»، قبل أن يفاجئ الحضور بالكشف عن اختفاء ظاهرة حصول الطلاب على 100%. كذلك أشار إلى أن نسبة الحاصلين على مجموع من 95% إلى أقل من 100% هي 10.98%، منخفضةً عن عام 2016 التي وصلت المسبة فيها إلى 15.88%، وهو بدوره ينعكس على انخفاض نسب القبول بالجامعات». عدم حصول أي من الطلاب على مجموع بنسبة 100% أو أكثر مفاجأة حملتها نتائج الثانوية العامة في العام الجاري، وهو ما اعتبره الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي، أمر جيد. وقال «مغيث»، في تصريح لـ«المصري لايت»، إن إحراز الطلاب في السنوات السابقة لنسب تصل إلى 100% يعود إلى بعض التدخلات الإدارية التي كانت تتم من قبل رؤساء الكنترولات، من خلال توجيه تعليمات للمصححين بـ«عدم القسوة» عند توزيع الدرجات، حتى يزيح المسؤول عن كاهله تهم التقصير في أداء خدمته تجاه الطلاب في حال تردي درجاتهم. ورأى الخبير التربوي في عدم وصول أي من الطلاب إلى تلك النسبة فائدة، حددها في «العودة إلى الوضع الطبيعي»، مفسرا جملته: «هو عبارة عن منحنى جرسي إن مجموعة قليلة تبقى في القمة، ومجموعة كبيرة في الوسط، ومجموعة صغيرة في القاع». على أساس ما سبق، توقع «مغيث» انخفاض نسب القبول بكليات القمة العام الجاري، من واقع انخفاض أعداد المتفوقين وانخفاض مجموع درجات الطلاب، نافيًا أن يكون الامتحان بنظام البوكليت هو السبب الرئيسي في كسر ظاهرة الـ100%: «اعتقد لأن شاومينج ما نجحتش السنة دي، ويبدو إن كان في أشكال من الضبط والربط ما خلتش العيال تغش». وأشار إلى أن انخفاض نسب مجموع الطلاب خطوة للعودة إلى الحالة القديمة: «زمان الـ60% كانت بتدل على إن الطالب ذكي»، قبل أن يستدرك: «النسب بتاعت زمان مش هنوصل لها بأوضاع طبيعية، دي عايزة وقفة سياسية ووزير التعليم والمجلس القومي للتعليم ومستشاري المواد يطوروا طرق التدريس».
مشاركة :