رئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، خلال أول زيارة له إلى واشنطن منذ توليه منصبه، في أغسطس/ آب الماضي. وخفضت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي تولى السلطة في 20 يناير/ كانون ثانٍ الماضي، حجم هذه المساعدات، ضمن ميزانية عام 2018، من 85.5 مليون دولار إلى 54.6 مليون دولار. وحذر الشاهد الذي تواجه بلاده صعوبات أمنية واقتصادية، من هذا التخفيض معتبرا أنها خطوة "تبعث برسالة سلبية إلى التنظيمات الإرهابية بشأن قدرات القوات الأمنية والعسكرية التونسية وجاهزيتها"، وفق تصريح في واشنطن، التي اختم زيارته لها الأربعاء. وبلغ حجم المساعدات الأميركية الموجهة لدعم الديمقراطية والأمن والتنمية الاقتصادية في تونس منذ عام 2011 أكثر من 900 مليون دولار، فيما بلغ رأس مال صندوق تونس أميركا لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في تونس، 80 مليون دولار، عام 2016، حسب مساعد وزير التجارة الأميركي، أرون كومار، خلال مشاركته في مؤتمر الاستثمار "تونس 2020"، بالعاصمة تونس في نوفمبر تشرين الثاني. وشهدت تونس ثورة شعبية أواخر عام 2010، أطاحت في العام التالي بالرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي (1987-2011)، ونجت تونس من انتكاسات شهدتها دول عربية أخرى عقب ثورات مشابهة، حيث تتمسك الأطراف السياسية التونسية الفعالة باحترام العملية الديمقراطية، وتداول السلطة عبر الانتخابات. وخلال زيارته للعاصمة الأميركية، التقى الشاهد على حدة مع كل من وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس ووزير الخزانة ستيفن منوشين ومايك بينس نائب ترامب. وجدد بينس خلال محادثات مع الشاهد في البيت الأبيض دعم الولايات المتحدة للتجربة التونسية، التي اعتبرها "مثال نجاح في المنطقة"، وفق الصفحة الرسمية لرئاسة الحكومة التونسية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك". وأكد "أهمية جهود تونس في الحرب على الإرهاب ومقاومة التطرّف، وثمن برامج الإصلاحات الهيكلية، التي أطلقتها الحكومة التونسية في المجال الاقتصادي، والمضي في تركيز المؤسسات الديمقراطية". كما شدد الشاهد من جهته على أن "تونس ملتزمة بحربها على الإرهاب، والقضاء على التطرف". وتقاتل القوات الحكومية التونسية جماعات مسلحة متشددة، تشن من آن إلى آخر هجمات على أهداف عسكرية وأمنية ومدنية، انطلاقا من مناطق جبلية ما أسقط قتلى وجرحى بينهم مدنيون تونسيون وأجانب. وضع تونسي هش ووفق مدير مركز دراسة الإسلام والديمقراطية (مقره واشنطن)، رضوان المصمودي، فإن زيارة الشاهد للولايات المتحدة كان لها "هدف رئيسي، حيث تواصل مع صنّاع القرار الأميركي، محاولا إقناعهم بعدم التخلّي عن تونس، التي تشهد وضعا هشّا، رغم الإنجازات التي حققتها خلال السنوات الأخيرة". وأوضح المصمودي أن زيارة الشاهد كانت ضرورية لـ"الدفاع عن مصلحة تونس وصورتها، وللحصول على أكبر دعم ممكن". واعتبر أنه "من غير المعقول أن يتم خفض المساعدات بينما كان من المنتظر زيادتها؛ فالتجربة التونسية قد تفشل إذا تراجعت المساعدات الأميركية، وهو ما لا يخدم مصلحة الأميركيين أيضا". وأردف قائلا إن "الأميركيين مقتنعين بأهمية التجربة التونسية وبنجاحها؛ لأنّه لا يمكن القضاء على تنظيم داعش دون إعادة الأمل إلى الشباب في حياة أفضل بحرية وكرامة، ودون بديل آخر غير الأنظمة الاستبدادية الفاشلة (في المنطقة)". وفي تعليقه على تصريحات المسؤولين الأميركيين الإيجابية عند استقبالهم لرئيس الحكومة التونسية، اعتبر المصمودي أن مثل هذه التصريحات "غير جديدة، ولكن يجب أن لا تبقى في المستوى النظري والعاطفي". وتزامنت زيارة الشاهد لواشنطن، والتي رافقه خلالها كاتب دولة (مساعد وزير) وخمسة مستشارين، مع احتفال تونس والولايات المتحدة الأميركية بالذكرى 220 لإرساء العلاقات الدبلوماسية بينهما. واعتبر الرئيس السابق لغرفة التجارة التونسية الأميركية، ولجمعية الصداقة التونسية الأميركية، منصف الباروني، أن هذه الزيارة توفرت لها "مقومات النجاح، من حيث تركيبتها ووقتها وبرنامجها"، مشددا على أنها كانت "زيارة عمل بعيدة عن البروتوكول والمجاملات". ولم يستقبل الرئيس الأميركي الشاهد، بينما استقبل الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما (2009-2017)، رئيس الحكومة التونسية الأسبق، مهدي جمعة، عام 2014. وهو ما علق عليه الباروني بقوله إن "الأميركيين يدركون مكانة الشاهد، باعتباره رئيس جهاز تنفيذي، ولذلك جرى تجاوز الجوانب البروتوكولية التقليدية". وختم بالإعراب عن توقعه أن تكون "نتائج زيارة الشاهد لواشنطن "إيجابية وناجحة، لأنّها توجهت إلى ثلاثة مستويات، وهي الكونغرس، باعتباره صاحب القرار المتعلق بالدعم المالي والعسكري والأمني، ورجال الأعمال والمؤسسات لتعريفهم بالفرص المتاحة في تونس، وأخيرا مكاتب الدراسات الإستراتيجية الموجهة لسياسات الإدارة الأميركية".
مشاركة :