بيروت/ شربل عبود/ الأناضول من المتوقع أن يؤدي القانون الجديد للانتخابات، الذي أقره البرلمان اللبناني منتصف يونيو/ حزيران المنصرم، أن يعيد ترتيب خريطة التحالفات السياسية، المنقسمة بين معسكر "14 آذار"، بقيادة تيار المستقبل (سني)، المعادي لنظام بشار الأسد في سوريا، وتيار "8 آذار"، بقيادة حزب الله (شيعي) الداعم لـ"الأسد". وأهم النقاط التي تجعل من تغير "خريطة التحالفات" أمرا شبه حتمي، أن القانون الجديد يتبنى "النسبية"، التي نادى بها حزب الله وحركة أمل (الشيعيين)، والتي تسمح للأحزاب الصغيرة بالتواجد في البرلمان المقبل، على خلاف قانون الستين السابق الذي يعتمد على نظام المحصاصة الطائفية (الأكثرية)، والذي كانت تدعمه أحزاب مسيحية، ويعتبر القضاء (تقسيم إداري) دائرة انتخابية، الفائز بالمرتبة الأولى فيه يفوز بمقعد الدائرة. ومع إعلان القوى السياسية اللبنانية الاتفاق على قانون جديد للانتخابات البرلمانية، وتحديد موعد إجرائها في مايو/أيار 2018، بدأ المرشحون والأحزاب والتيارات السياسية الإعداد للمعركة الانتخابية، التي تأتي بعد تسعة أعوام عن آخر انتخابات شهدها لبنان، لكن أبرز ما في هذه الاستعدادات هي التحالفات السياسية التي ستشهدها، خصوصاً وأن الوضع السياسي اختلف خلال هذه الفترة (2009-2018). وفي هذا الإطار قال مصدر سياسي مطلع للأناضول، فضل عدم الكشف عن نفسه، أن "عمل الماكينات (الآلات) الانتخابية سينطلق بشكل فعال وعلى صعيد واسع بدءاً من مطلع 2018، أي قبل حوالي خمسة أو ستة أشهر من موعد الانتخابات". وأضاف "الأحزاب بدأت الآن بجس نبض الشارع لمعرفة توجهات الناخبين في الاستحقاق المقبل، وبالنسبة للتحالفات فمن الواضح أن مختلف المكونات السياسية ستنتظر لمعرفة توجه الناخبين عبر استطلاعها للشارع عن قرب، قبل أن تحيك تحالفاتها في المناطق والدوائر الانتخابية". من ناحيته، يرى الكاتب الصحافي والمحلل السياسي داني حداد، في حديث للأناضول، أنه "بعد إقرار قانون الانتخابات ستهدأ الأحزاب حتى الخريف، وسيمضي الصيف بهدوء لتنطلق بحلول الخريف الاتصالات بينها". وبالنسبة للتحالفات السياسية، يلفت "حداد"، النظر إلى أن "القانون الجديد يفرض نفسه على التحالفات، خصوصاً وأنه وفي ظل هذا القانون، بات من مصلحة كل حزب أن يكون له مرشحيه، وسنرى خريطة جديدة من التحالفات ناتجة عن تغير القانون من أكثري إلى نسبي، وعن سقوط تحالفي 8 و14 آذار". وعن صورة هذه التحالفات في انتخابات 2018، يقول "حداد": "هناك تحالفات تلغي تحالفات أخرى، مثلاً التحالف بين التيار الوطني الحر (تيار رئيس الجمهورية ميشال عون/ مسيحي ماروني)، وحزب الله، لا يمكن أن يسير مع تحالف بين التيار الوطني الحر، والقوات اللبنانية (برئاسة سمير جعجع/ مسيحي ماروني معادي لنظام الأسد)". ويضيف أنه "وفق المعلومات، فالتيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، سيكونان في لوائح منفصلة في كافة المناطق، والتحالف الأقرب إلى المنطق سيكون بين التيار الوطني الحر وحزب الله، في بعض الدوائر، وبين التيار الوطني الحر، وتيار المستقبل (برئاسة رئيس الوزراء سعد الحريري)، في دوائر أخرى". وفي هذا الصدد يوضح حداد، أنه "في (قضاء) زحلة (البقاع/ شرق)، مثلاً على التيار الوطني الحر، أن يختار بين التحالف مع حزب الله، أو مع تيار المستقبل، وهذا أمر غير محسوم بعد، وبرأيي سيبحث كل حزب عن فرص أكبر للربح قبل صوغ تحالفاته". ويشير إلى أنه "في هذه الانتخابات لن يكون هناك من محظور، فمثلاً تيار المردة (برئاسة سليمان فرنجية)، والقوات اللبنانية، أعلنا أن التحالف بينهما صعب لكن ليس مستحيلاً، طبعاً يبقى هناك بعض التحالفات المحظورة كتحالف القوات اللبنانية مع حزب الله، أو تحالف تيار المستقبل مع وزير العدل السابق أشرف ريفي (قيادي منشق عن تيار المستقبل، فرض نفسه كزعيم سني في مدينة طرابلس شمالي لبنان، بعد الانتخابات المحلية في مايوأيار 2016)". ويلفت المحلل السياسي اللبناني إلى أن "الأنظار ستكون متجهة الى دائرة "البترون، زغرتا، الكورة، بشري"، ذات الغالبية المسيحية (شمال)، والتحالفات ستكون لها أهمية في هذه المنطقة، لأن المعركة الانتخابية فيها هي مؤشر للانتخابات الرئاسية المقبلة. وتابع "هناك ثلاثة مرشحين أساسيين فيها هم: جبران باسيل (وزير الخارجية الحالي ورئيس التيار الوطني الحر)، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية (ماروني داعم لنظام الأسد)، والكل ينظر الى الاستحقاق الانتخابي في هذه الدائرة من باب الرئاسة، خصوصاً وأن الدائرة مسيحية صرفة". وأقرّ مجلس النواب اللبناني، في 16 من يونيو/ حزيران الماضي، قانونا انتخابيا جديدا يعتمد أساس النسبية، كما مدّد المجلس مهامه حتى مايو/ أيار 2018 (موعد الانتخابات المقبلة). وتتم الانتخابات وفق القانون النسبي، في 15 دائرة انتخابية، مع صوت تفضيلي على أساس القضاء. وقانون النسبية يتم فيه توزيع المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية على القوائم المختلفة حسب نسبة الأصوات التي حصلت عليها كل قائمة في الانتخابات. وفي السابق كانت تُجرى الانتخابات اللبنانية وفق قانون الستين الذي جرى إقراره في 1960، ويعتمد التصويت وفقًا لتقسيمات إدارية ومحاصصة تراعي الخصوصية الطائفية للقوى السياسية، ويعتبر القانون، القضاء دائرة انتخابية، والفوز بها بحسب نيل المرشح أكثرية الأصوات. ويضم البرلمان الحالي 128 مقعدا، موزعا على الكتل التالية: تيار المستقبل 26 مقعدا (رئاسة الوزراء)، التيار الوطني الحر 19 مقعدا (رئاسة الدولة)، حركة أمل 13 مقعدا (رئاسة البرلمان)، حزب الله 12 مقعدا، القوات اللبنانية 8 مقاعد، الحزب التقدمي الاشتراكي، برئاسة وليد جنبلاط، 7 مقاعد (يمثل الدروز). وحسب مراسل الأناضول، فإن جميع القوانين المقترحة تحترم التوزيع المعتمد منذ 1989، والذي يقوم على أن مقاعد البرلمان اللبناني الـ128 موزعة مناصفة بين المسلمين والمسيحيين وفق الحسابات التالية: 28 للسنة، 28 للشيعة، 34 للموارنة، 14 للأرثوذكس، 8 للدروز، 8 للكاثوليك، 5 للأرمن، 2 للعلويين، ومقعد واحد للأقليات المسيحية. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :