أكد خبراء قانونيون وحقوقيون أن القانون الموحد للأسرة الذي وافق عليه مجلس النواب أمس، يحقق معادلة المواطنة وفق الأطر الشرعية لكافة الأطياف التي تعيش على أرض مملكة البحرين، وسيعمل لدى إقراره وتطبيقه على استقرار المجتمع، ورفع مكانة مملكة البحرين لتصبح من الدول التي يحتذى بها في تطبيق مفهوم المواطنة ضمن إطار قانوني ينظم العلاقات الأسرية.ووصف القانونيون والحقوقيون في تصريحات لوكالة أنباء البحرين «بنا»، القانون الموحد للأسرة بـ«التاريخي وإحدى حلقات المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة».وأشاد أستاذ القانون الدكتور سلمان الزياني بأثر القانون على الاستقرار الأسري، ومدى ملاءمته للحالة البحرينية وقدرته على معالجة المعضلات الشرعية، قائلاً: في اعتقادي أن قانون الأسرة الموحد يعد من أهم القوانين التي تنظم العلاقات والحقوق الأسرية، حيث إنه يهدف إلى دعم واستقرار الأسرة البحرينية بشكل خاص بكافة أطيافها، ويكفل حفظ الحقوق ومراعاة الواجبات الأسرية وذلك استنادًا إلى أحكام الشريعة الإسلامية ووفق ما تضمنته الضوابط والأحكام الشرعية في كلا الفقهين السني والجعفري، وبما يكفل مراعاة الخصوصيات فيهما في المختلف بشأنه، وبما يسهم في تعزيز دور الأسرة في تنمية الوطن، وهذا بدوره سيرسخ الوحدة الوطنية.ووصفت العضو السابق بمجلس الشورى المحامية رباب العريض إقرار مجلس النواب لمشروع قانون الأسرة الموحد بالتاريخي في مملكة البحرين، لافتة إلى أن القانون الذي سعى إليه المجتمع لأكثر من عقد من الزمن وبدعم جلالة الملك المفدى وإيمانه بأهمية هذا القانون الذي سيرى النور بإذن الله قريبًا.وأكدت العريض أن هذا القانون سيكون له تأثير كبير على فئة مهمة من المجتمع البحريني وهي الطائفة الجعفرية، لافتة إلى أن القانون سبق وأن صدر في قسمه الأول للطائفة السنية، وكانت له نتائج إيجابية على أرض الواقع خاصة، مع إقرار مراقبة محكمة التمييز لمدى تطبيق هذا القانون، وأضافت: القسم الثاني وفق المنظور الموحد سيكون له تأثير قوي على الاستقرار التشريعي.وأشارت المحامية الشيخة سلوى آل خليفة إلى أن القانون يعد من أبرز المكاسب التي حققها المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وتلك التي حققها المجلس الأعلى للمرأة برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، ليصبح القانون الدعامة الأساسية لاستقرار الأسرة البحرينية والمجتمع بشكل عام.وقالت الشيخة سلوى آل خليفة إن القانون يهدف إلى دعم استقرار الأسرة البحرينية بكافة أطيافها، ويعمل على كفالة حفظ حقوق المرأة، ومراعاة الواجبات الأسرية استنادًا إلى أحكام الشريعة الإسلامية ووفق ما تضمنته الضوابط والأحكام الشرعية في كلا الفقهين السني والجعفري في القواسم المشتركة، وبما يكفل مراعاة الخصوصيات فيهما، في المختلف بشأنه، وهو الأمر الذي يسهم في تعزيز دور الأسرة البحرينية في تنمية الوطن.من جانبها قالت المحامية هدى راشد المهزع الرئيس السابق لجمعية المحامين البحرينية، إن الشكر واجب إلى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لإصدار أمره السامي بتشكيل لجنة شرعية لمراجعة مشروع قانون الأسرة تضم علماء الدين من الطائفتين الكريمتين، ويأتي بعد ذلك الشكر إلى الجهود الحثيثة لتلك اللجنة على سرعة إنجاز القانون، ولا يمكن إجحاف الدور الرئيسي للمجلس الأعلى للمرأة الذي كان القلب النابض للمشروع، إلى أن وصل للمجلس التشريعي وحظي بمناقشة مستفيضة ووافية بمجلس النواب تؤكد على رقي القانون ومواده، وتؤشر إلى حرص السادة النواب على إنهاء معضلة استمرت لسنوات طويلة.وأشارت المهزع إلى أن القانون يضع أصحاب مهنة المحاماة أمام واقع جديد يبشر بإنهاء معاناة الكثير من الأسر البحرينية، حيث كانت الأمور في السابق تعتمد على اجتهادات العلماء من الطائفتين، في الكثير من الحالات الأسرية، لكن مع اتضاح الصورة ووضع أطر لتلك العلاقة والحالات الناشئة عنها، وضمن مواد متفق عليها من أهل الدين والقانون، سيعمل وبلا شك على تعزيز الحقوق الشخصية للأفراد، وإبراز مملكة البحرين كدولة يحتذى بها في إقرار تشريعات ترسخ مفهوم المواطنة مع مراعاة الاختلافات المذهبية لمواطنيها.ونوهت المهزع إلى أن القانون سيحتاج إلى المزيد من التفسير والاجتهاد عند تطبيقه عمليًا على واقع القضايا المنظورة في المحاكم، وهو ما يضع السادة المحامين أمام مسؤولية البحث والتدقيق وإفراز ما يمكن إدخاله من تعديلات مستقبلاً في مواد القانون.وأوضح عضو المكتب التنفيذي الدائم لاتحاد الحقوقيين العرب المستشار عبدالجبار الطيب أن موافقة مجلس النواب على مشروع قانون الأسرة الموحد يعكس حرص المجلس على تحقيق أكبر قدر ممكن من الاستقرار للأسرة وتسكين قواعد قانونية لتنظيم العلاقة الزوجية التي تمثل حجر الزاوية في نشوء المجتمعات وتطورها وهو ما عكسه الدستور البحريني حين نص في المادة 5 على أن من مقومات المجتمع الأساسية الأسرة كونها (أساس المجتمع وقوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحفظ القانون كيانها الشرعي...).وأكد الطيب أن هذا المشروع بقانون قد حظي باهتمام واسع بدءًا من جلالة الملك المفدى ومرورًا بالمجلس الاعلى للمرأة وعدد من الوزارات المعنية وايضًا مؤسسات المجتمع المدني وما كان ذلك إلا تبيانًا واقعيًا لأهمية استقرار الاسرة البحرينية، وانتصارًا للحمة الوطنية ومكافحة الطائفية التي حاول البعض الزج فيها حتى في التشريعات التي من المفترض أن توفر تنظيمًا وحماية للجميع مع مراعاة الخصوصيات.وأضاف: بهذا يكون هذا المشروع ونتمنى له الصدور يمثل منجزًا مهمًا وأساسيًا من منجزات المشروع الإصلاحي لجلالة ملك البلاد المفدى، كما ويعد أيضًا دليلاً على حالة التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في سرعة إنجازه والتوافق عليه.من جانبه وصف الناشط الحقوقي عطية الله روحاني، القانون بالجدير بالاحترام، وقال «إن الإجراءات القانونية الأسرية التي تم بحثها في مجلس النواب محل تقدير من منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية، لأن الهدف الأسمى من هذا القانون هو وحدة الأسرة البحرينية»، وأضاف: افتقدنا في السنوات الماضية وجود هذا الإطار التشريعي اللازم لاستقرار الأسرة البحرينية، وقد دعت إليه الكثير من المنظمات الحقوقية وذوو الصلة بالقانون من السادة المحامين.وشدّد روحاني على أن هذا القانون لم يكن ليمرر إلا بعد الأمر الملكي السامي من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه، بتشكيل لجنة من العلماء في الشريعة والقانون تضم كافة المذاهب لوضع مواد القانون، وقال: نرى أن القانون الموحد للأسرة البحرينية سيحفظ الكيان الأسري، وبهذا القانون يمكن القول بأنه تم حل ما نسبته 80% من المشاكل الأسرية، وبإذن الله سيتولى المشرع السير في تطوير القانون بما يظهر خلال الممارسة العملية له، حيث تضمن مشروع القانون 141 مادة تطرقت لكافة المشكلات القانونية التي تعتري العلاقة الأسرية، ما بين الزواج والولادة والنسب والنفقة والطلاق والخلع والحضانة، وتلك في مجملها حددت الحقوق والواجبات في الأحوال الشخصية لكلا الجانبين، وذلك في إطار مناسب ودقيق لحل تلك المسائل.وأشار روحاني إلى أهمية الاتفاق بين الطرفين في النزاع الشرعي، لافتًا إلى أن القانون يمنح مرونة وحرية في التطبيق على كافة المشكلات المعقدة ولجميع الطوائف، وقال إن القانون سيؤتي ثماره لاشتماله على إجماع علماء الطائفتين، خاصة مع معاناة العديد من الأسر لانعدام الحلول في الماضي لمعضلات معقدة، معربًا في الختام عن شكره لأعضاء مجلس النواب ولجنة علماء الشريعة التي عملت على وضع مواد القانون.
مشاركة :