إعداد: إبراهيم باهوجميعنا يعلم فوائد التكنولوجيا الحديثة في حياتنا المعاصرة، إلا أن لاستخدامها آثاراً سلبية، خاصة تلك الأجهزة والأنظمة التي نتعامل معها بشكل يومي، والعديد من الباحثين والعلماء يؤكدون أنها يمكن أن تغير حياتنا وعاداتنا القديمة وشخصياتنا نحو الأسوأ، والمدهش في الأمر أن كل ذلك يحدث بسرعة مذهلة ومن دون أن نشعر بأننا ربما نكون في مستنقع نكاد نغرق فيه. برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة انتشار الأخبار الكاذبة على مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. وقد يرى الكثيرون أن ذلك لا يؤثر على حياتنا، إلا أن ذلك غير صحيح. ففي بحث أجراه الأمريكي سام واينبرج من جامعة ستانفورد العريقة، أكد فيه أن لهذه الأخبار تأثيراً كبيراً، فهي تضللنا وتجعلنا تائهين عن معرفة الحقيقة.وكان الباحث أجرى اختباراً على أشخاص بأعمار مختلفة، لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم تقييم مصداقية المعلومات على إحدى صفحات الإنترنت، وتبين أن 80% من المشاركين فشلوا في معرفة الأخبار الصحيحة من الكاذبة.قدرات عقلية أقلمن جانب آخر ربما لا يوجد شخص في العالم لا يستخدم محرك البحث العملاق «جوجل»، الذي أصبح جزءاً لا نستطيع الاستغناء عنه لدى استخدامنا للإنترنت، لكن هل سألتم أنفسكم مدى تأثيره على طريقة عمل عقولنا في حفظ ومعالجة المعلومات؟. ففي دراسة أجرتها جامعات كولومبيا وهارفارد ووسكنسن، أكد الباحثون أن «جوجل» يغيّر فعلياً الطرق التي تتعامل بها عقولنا في معالجة المعلومات والمحافظة عليها وتجعلنا نتذكر المعلومات بشكل أقل.وفي سياق متصل كشفت دراسة كندية حديثة أجراها عدد من الباحثين في جامعة ووترلو، أن الهواتف الذكية تدفعنا نحو الكسل. وأكدت أن الأشخاص الذين يملكون قدرات عقلية كبيرة لا يقضون وقتاً طويلاً في استخدام الهواتف الذكية، ولا يضيعون ساعات طويلة في تصفح هواتفهم، على عكس الأشخاص الذين يملكون قدرات عقلية ضعيفة، حيث أصبحت الهواتف الذكية سبباً في شعورنا بالكسل، فأي شيء يقف أمامنا نلجأ إلى الهاتف لحلها في ثوان معدودة دون أن نبذل أي مجهود عقلي للتفكير فيها، فالبحث عن المعلومات على الإنترنت يقلل من الفضول وحب التعلم. وكانت الدراسة أجريت على نحو 660 شخصاً، حيث تمكن الباحثون من تحليل قدرات الدماغ المختلفة والمهارات المعرفية، جنباً إلى جنب مع المهارات اللفظية والكتابة والحساب، بجانب مطالبة المشاركين في الدراسة بكتابة عاداتهم اليومية في استخدام الهاتف الذكي، وأظهرت نتائج الدراسة وجود صلة واضحة بين الوقت الذي يمضى في استخدام الهاتف والمهارات المعرفية والاستعداد للتفكير بطريقة تحليلية.تغيير أنماط النوميسبب استخدام الهاتف الذكي أو الجهاز اللوحي أو الحاسوب المحمول تغيير أنماط نومنا، وفقاً لعلماء في كلية الطب في جامعة هارفارد، الذين وجدوا أن أطوال موجات معينة من الضوء يمكن أن تثبط الميلاتونين، وهو الهرمون الموجود في الدماغ والذي يساعد على النوم.وبحسب العلماء فإن معظم الناس في الولايات المتحدة، وكندا، وبريطانيا، واليابان، يستخدمون الكمبيوتر أو اللاب توب أو الجهاز اللوحي في الساعة التي تسبق النوم. وبحسب تشارلز سيزلر، أستاذ طب النوم في كلية الطلب في جامعة هارفارد: «لقد حول الإنسان نفسه من الناحية البيولوجية، وبالتالي لم نعد نستطيع النوم في وقت أبكر».تحديد الموقع والاتجاهاتمن الآثار السلبية للتكنولوجيا على حياتنا أن استخدامنا لنظام تحديد المواقع «جي بي إس» يعطل أجزاء من دماغنا عن العمل، وأظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون في كلية لندن الجامعية، أن تشغيل جهاز الملاحة عبر الأقمار الصناعية «GPS» يعطل جزءاً في الدماغ مسؤولاً عن تحديد الموقع والاتجاهات.وأجري مسح لدماغ 24 متطوعاً، استخدموا محاكاة لحي في وسط لندن، وركزوا على المنطقة المستخدمة للذاكرة والملاحة في الدماغ، وقشرة الفص الجبهي المسؤولة عن التخطيط وصنع القرار.وعندما تجول المشاركون في الحي دون استخدام برنامج الملاحة، أظهر المسح ارتفاعاً في إشارات الدماغ العصبية لكلتا المنطقتين عندما وصل المشاركون إلى شوارع جديدة، وعندما استعانوا بتوجيهات نظام الملاحة توقفت الإشارات العصبية.وبحسب ما جاء في نشرة «جورنال سيل ريبورت»، وجدت البحوث أنه حتى في أقل الحركات وحين وجود عدة خيارات يقوم العقل بعمل حسابات بديلة لكل خيار، مثل محاولة قطع الشارع أو تغيير مسرب السيارة على سبيل المثال.وأظهر البحث حول خيارات الملاحة، المنشور في «جورنال نيتشر كوميونيكاشن»، أنه كلما زادت الخيارات الملاحية أظهر الدماغ نشاطاً أكبر.فعند الوصول إلى شارع معين تلتقي فيه سبعة شوارع أخرى، أظهرت المنطقة المسؤولة عن الملاحة نشاطاً أكبر، في حين أن الوصول إلى شارع بنهاية مغلقة أظهر نشاطاً أقل في المنطقة ذاتها.توجيه ورعاية الصغاروجد باحثون من جامعة ميشيجان الأمريكية، أن تقنيات الاتصال الحديثة التي يستخدمها الآباء لها أثر سلبي بالغ على سلوكيات الطفل، وخاصة سرعة التوتر والغضب، وسهولة شعور الطفل بالإحباط، وظهور المزيد من علامات فرط النشاط.وبحسب الدراسة التي نشرتها مجلة «تشايلد ديفيلوبمنت» اختصرت تكنولوجيا الاتصالات الحديثة من الوقت الذي يقضيه الآباء مع الأبناء، وأثّرت سلباً على نوعيته نتيجة كثرة انقطاع التواصل مع الطفل والانشغال بالمحادثات على شبكات التواصل الاجتماعي.وأظهرت نتائج الدراسة أن انقطاع تواصل الآباء مع الأبناء بسبب الهواتف الذكية يحدث ل 48 بالمئة من الآباء 3 مرات على الأقل في اليوم، بينما يحدث انقطاعان لهذا التواصل يومياً ل 24 بالمئة من الآباء، ويحدث انقطاع واحد يومياً ل 17 بالمئة من الآباء.وتبين للباحثين أنه كلما زادت انقطاعات التواصل بين الآباء والأبناء بسبب الانشغال بالرد على الهواتف الذكية زادت المشاكل السلوكية لدى الأطفال، وكانوا أكثر ميلاً لسرعة الانفعال وفرط النشاط، إلى جانب تعطّل وظائف وأدوار الأمومة والأبوة في توجيه ورعاية الصغار.
مشاركة :