عائلات فرت من مدينة الرقة تحلم بلم شملها بعدما فرقها الجهاديون

  • 7/14/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

عين عيسى (سوريا) (أ ف ب) - خلال أربع سنوات، لم يسمع محمد الحسن شيئاً عن ابنه الجندي في الجيش السوري الا مرة واحدة، حين وجه عبر الراديو تحية الى العائلة التي كانت محاصرة في مدينة الرقة، معقل تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا. لا تتوقف معاناة هذا الرجل الستيني عند هذا الحد، اذ انقطع تواصله مع ابنه الثاني وهو ايضاً جندي في الجيش السوري منذ العام 2013. ولم يتمكن من رؤية ابنتيه المتزوجتين وفاء ونورا المقيمتين في مدينة الحسكة (شمال شرق) منذ العام 2014. وقبل ثلاثة أشهر، تمكن محمد مع زوجته نظيرة وبقية افراد اسرتهما من الفرار من مدينة الرقة الى مخيم للنازحين في مدينة عين عيسى الواقعة على بعد اكثر من خمسين كيلومترا عن الرقة. ومنذ وصولهما الى المخيم، لا يحلم الوالدان الا برؤية أولادهما الاربعة سالمين. أمام خيمة باتت منزلهما، تقول نظيرة، في الخمسينات من العمر، لوكالة فرانس برس "لا نعرف اذا كانوا احياء أم اموات" قبل أن يضيف زوجها ان الاولاد لا يعرفون ايضاً "ان كان أهلهم قد ماتوا". وانقطعت أخبار الشابين منذ العام 2013، عندما سيطرت فصائل معارضة على مدينة الرقة. وكانت بذلك أول مركز محافظة في سوريا يخرج عن سلطة النظام. وبعد أقل من عام، تمكن تنظيم الدولة الاسلامية من السيطرة على المدينة، وبات يتحكم بكافة مفاصل الحياة فيها. ومنذ ذلك الحين، لم يتمكن الوالدان ايضاً من رؤية نورا ووفاء اللتين تزوجتا قبل بدء النزاع في العام 2011 وانتقلتا للسكن في مدينة الحسكة الواقعة بمعظمها تحت سيطرة الاكراد. ومع وصول المعارك الى اطراف مدينة الرقة، فرّ محمد مع زوجته وخمسة من أولاده وعدد من الاحفاد على متن دراجات نارية من حي المشلب، أول الاحياء التي سيطرت عليها قوات سوريا الديموقراطية في مدينة الرقة. وتركت العائلة خلفها كل شيء. واذا كان محمد قد بقي خلال السنوات الماضية على اتصال بابنتيه قبل ان ينقطع التواصل قبل ثمانية أشهر، فإن الأمر مختلف كلياً في ما يتعلق بولديه. - "داعش يراقبنا"- ويقول "لم أسمع صوتهما منذ خمس سنوات" مضيفا "كان داعش يراقبنا ويقول لنا +اذا حاولتم الاتصال بهم فأنتم تتصلون بالنصيرية"، وهي تسمية يطلقها التنظيم على ابناء الطائفة العلوية التي يتحدر منها الرئيس السوري بشار الاسد وعلى الموالين له. ويقاطعه أحد اصدقائه ابو سمير (اسم مستعار) ليوضح "المرة الوحيدة التي سمعنا فيها خبراً عن ابنه سامي كانت حين وجه تحية لوالده عبر الراديو". يهز محمد رأسه ايجاباً قبل ان يضيف "خنقنا الدواعش". ويوضح في ما يتعلق بابنتيه "كنا نتواصل عبر الانترنت، لكن آخر مرة تحدثت اليهما كانت قبل ثمانية اشهر. لا اعرف عنهما شيئاً اليوم وهما لا تعرفان اننا في المخيم". ويقتصر توفر الانترنت في الرقة على مقاه معدودة بعدما قطع تنظيم الدولة الاسلامية الخدمة عن المنازل والمحال منذ فترة طويلة. وازداد الوضع سوءا منذ اطلاق قوات سوريا الديموقراطية حملة "غضب الفرات" لطرد تنظيم الدولة الاسلامية من الرقة في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وتمكنت تلك القوات واثر معارك عنيفة من دخول المدينة في السادس من حزيران/يونيو، وباتت تسيطر على احياء عدة وتتقدم في اخرى ابرزها المدينة القديمة. وتقول نظيرة وهي ترتدي عباءة سوداء وتغطي رأسها بحجاب ابيض "حرمنا الدواعش" منهم" في اشارة الى اولادها. ومنذ وصولهما الى مخيم عين عيسى الذي يؤوي حالياً وفق المشرفين عليه سبعة الاف نازح، يحاول الزوجان الحصول على اذن خروج للتوجه الى الحسكة التي تقع على بعد 180 كيلومتراً. تحت أشعة شمس حارقة وحرارة تلامس الخمسين احياناً، تسلك نظيرة يومياً طريقاً ترابية من خيمتها الصغيرة حتى مقر ادارة المخيم، املاً في الحصول على اذن بالخروج. ورغم انها تتلقى وعوداً ايجابية لكن المشرفين على المخيم يكررون الاشارة الى ان لائحة الراغبين بالخروج طويلة. وتتطلب مغادرة الزوجين المخيم حصولهما على اذن رسمي وطلب تسهيل مرور نحو الوجهة المحددة، موقعاً من قوات الأمن الكردية (الاسايش) التي تنتشر حواجزها على طول الطريق. ودعا مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية في تقرير مطلع هذا الاسبوع الجهات المسؤولة عن المخيمات الى زيادة هامش حرية تنقل النازحين من الرقة الذين غالباً ما يطلب منهم الحصول على كفيل محلي للتنقل خارج المخيم. - "ربما تزوج" - لا تقتصر معاناة رائدة (27 عاما)، ابنة محمد ونذيرة، على فقدان التواصل مع شقيقيها وشقيقتيها فحسب، بل ايضاً مع زوجها الجندي الذي لا تعرف شيئاً عنه منذ خمس سنوات. وكانت المرة الاخيرة التي رأته فيها قبل شهر من ولادة طفلهما الصغير عصام (خمس سنوات). وتقول رائدة التي تغطي راسها بحجاب يظهر منه شعرها الاشقر "لم اسمع شيئاً عنه منذ ان دخل الجيش الحر الى المدينة وبعده داعش". ووجدت هذه الشابة نفسها قبل خمسة أعوام مسؤولة عن تربية عصام وشقيقه فيصل (10 سنوات) وشقيقته فرح (سبع سنوات). وتوضح انها لم تكن تتخيل يوماً أن بكرها فيصل، ذو الشعر البني الفاتح، سيغدو "المحرم" الذي يرافقها في كل تحركاتها خارج المنزل، بعدما منع تنظيم الدولة الاسلامية خروج النساء الا برفقة ذكر من اقاربهن. وفي محاولة لتقصي اي أخبار عن زوجها، دأبت رائدة على سؤال المنشقين عن الجيش عنه. وتقول "قبل نحو سنة، تعرف احدهم على صورته وقال لي انه قد يكون تزوج".ربى الحسيني © 2017 AFP

مشاركة :