الشارقة:محمدو لحبيبمن الغريب أن تحتفي رواية برواية، أن تكتب قصة لتخلّد أخرى وتستعرض عذابات أبطالها وهم يواجهون الإهمال والرفض الذي يصل إلى حد ترصد حياتهم نفسها لاغتيالها. هذا بالضبط ما حاول الروائي كالوس زافون أن يجسده في روايته «ظل الريح» والتي صدرت في طبعتها الإسبانية سنة 2011، وترجمت إلى لغات عديدة من بينها اللغة العربية، حيث ترجمها معاوية عبد المجيد، وصدرت عن دار نشرمسكيلياني سنة 2016.تبدأ أحداث الرواية من صيف عام 1945، حين يذهب الورّاق سيمبري بابنه دانيال، الذي يبلغ من العمر عشرة أعوام، إلى مكان يدعى مقبرة الكتب المنسية في مدينة برشلونة الإسبانية. هناك في ذاك المكان تُخبأ الكتب التي توصف بأنها سيئة الحظ ومظلومة بالإهمال والنسيان، لكن الشرط الذي يصنع كل إثارة الرواية، هو أن كل من يطلع على سر تلك المقبرة، عليه أن يتبنى كتاباً منهاً ويتعهده بالرعاية حتى آخر يوم في حياته. ويقع اختيار الطفل دانيال على رواية مجهولة تدعى «ظل الريح» لكاتب مغمور يدعى خوليان كاراكس، ويبدأ الطفل بسرعة في إدارك اللغز الكبير الذي يقف خلف تلك الرواية وكاتبها، فينطلق في رحلة كشف محفوفة بالمخاطر تستهلك طفولته وجزءاً من شبابه.ورغم أن رواية «ظل الريح» من الحجم الكبير حيث تزيد صفحاتها على الخمسمئة صفحة، إلا أنها حظيت بقراءات عديدة على مواقع مراجعات الكتب، وكانت الآراء حولها مكرسة لكل الدهشة و الإثارة التي حفلت بها عوالمها الغرائبية، فهذه إحدى القارئات تكتب عنها قائلة: «ظل الريح تعتذر عن رداءة زوربا اليوناني، بل إنها تعتذر عن كل الكتب الرديئة كلها، وهي مكتوبة بعناية تجعل لكل صفحة منها قيمة على حدة، هي رواية من الوزن الثقيل جدًا، مكتوبة بذكاء فائق، تجمع ما بين الرومانسية والرعب والجريمة لتصنع مزيجاً مدهشاً بحق».ويصف قارئ آخر مدى روعة هذا العمل الروائي وكيف أنه يفصح عن جودته دون عناء بفضل أسلوب الكاتب الخاص فيقول: «لن تحتاج أن يقول لك أحد هذا كتاب جيد وهذا رديء؛ الكتاب الجيد تعرفه بنفسك عندما تصحو من ذهولك بأسلوبه، ثم تكتشف نفسك في الصفحة ال77، أسلوب كارلوس زافون قريب جداً من أسلوب ماركيز، لكنه برأيي أفضل، ولو بقي على هذه الوتيرة في الكتابة فأعتقد أنه سيتفوق على ماركيز في يوم من الأيام». بعض القراء اختار الثناء أيضاً على مترجم الرواية إلى اللغة العربية، والذي من وجهة نظرهم قام بعمل فريد من نوعه حيث رجع في ترجمته للرواية إلى أربع نسخ مكتوبة باللغات الإسبانية والإيطالية والفرنسية والإنجليزية، وصنع من ذلك نموذجاً للمقارنة بين المعاني، مما جعل النسخة العربية لا تقل روعة وإحكاماً عن باقي النسخ في اللغات الأخرى، وعن هذا يقول أحد القراء: «الترجمة فن ولسيت مجرد تحويل نص من لغة إلى أخرى، لا، إنها استيعاب النص وتشرُبه، والبحث وراء المقاصد والمعاني، حتى يتم الوصول إلى اللفظ في قمته والذي يحقق الغاية ويوصل الصورة بأدق أشكالها».
مشاركة :