أصبحت موضة أن نسمع المدافعين عن ترمب يكذبون التقارير عن التقاء نجل ترمب الأكبر بمحامٍ روسي كان قد وعد بتسليمه معلومات تضر بموقف منافسة أبيه على منصب الرئاسة هيلاري كلينتون. ربما تكون قد سمعت التيمة الموسيقية الثانية، فأعضاء الحزب الديمقراطي مهووسون بالكرملين. لكن لم يحدث شيء يُذكر نتيجة لنشر الروس لصحن القاذورات حتى بعد أن نشر نجل ترمب جميع مراسلاته عن هذا الأمر على الملأ. فمهما حدث، لم يكن ذلك مخالفاً للقانون.ورغم أنه من المرجح أن يكون ذلك صحيحاً، فإن هذا الطرح يفتقر إلى نقطة أهم، فرسائل البريد الإلكتروني التي تسلمها دونالد الابن من الموزع الموسيقي روب غولدستون الذي كان قد وعد بتسليمه «مستندات ومعلومات روسية رسمية من شأنها الإضرار بموقف هيلاري» ربما لم تتعدَّ كونها محاولات من الموزع لكسب ود المرشح الرئاسي الجمهوري. لكن محاولات غولدستون الناجحة لترتيب لقاء يجمع الدائرة المقربة من الحملة الانتخابية والمحامي القريب من الكرملين أسهمت في تناثر الشائعة.وحسبما أشار إليه كاتب صحافي فإن كثيراً من الدعاوى المقامة ضد ترمب ومستشاريه لم تكن أكثر من تخمين، وينقصها الدليل، فإنني، على العكس، أرى في ذلك نقطة تحول حرجة. فمن الآن ولاحقاً، يجب علينا عدم تمييع القضية أكثر من ذلك.فبعد شهر أو أكثر من اجتماعه في 9 يونيو (حزيران) 2016 مع نتاليا فسلنتسكايا، إحدى العاملات في الكرملين، ظهر نجل الرئيس في قناة «سي إن إن» ليؤكد أن المزاعم بشأن روسيا مفبركة وليست سوى أخبار كاذبة. لكن هذا المنحى لم يعد مجدياً.فالحل الأنسب الآن أمام الرئيس هو المكاشفة الكاملة. علي الرئيس أن يصارحنا بجميع تفاصيل أسلوب إدارة حملته الانتخابية واتصالاتها بروسيا. ولو كان هناك اختراق للبريد الإلكتروني، حينها يتعين على الرئيس الاعتراف بذلك.وفي حال صح ذلك، على الديمقراطيين الانتباه، إذ إن أحد عناصر عملية الاختراق الروسي التي لا يدركها البعض هو أنها تستهدف بث بذور الفرقة في الجسد السياسي الأميركي لدفع الناس إلى الشك في انتخاباتنا الديمقراطية. ولنتذكر أن عملية السطو على أجهزة الكومبيوتر الخاصة بـ«لجنة الانتخابات الوطنية»، التي نفذها قراصنة الإنترنت الروس بدأت عام 2015.وبحسب شهادة المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي في مارس الماضي، كان القراصنة على درجة من الخبث، إذ تركوا أدلة وآثاراً دلت المحققين على أن روسيا هي المصدر.ولذلك، يجب مقاومة عملية الإغراء بالهجوم والانقضاض التي شعرت بها الأحزاب، والتي جعلتها تبالغ في القضية في مواجهة الرئيس. ولسوء الحظ، سار كثير من الديمقراطيين في الطريق المعاكس، فالسيناتور تيم كين الذي كان رفيقاً لكلينتون في الانتخابات، صرح، مؤخراً، بأن الرسائل الإلكترونية التي تبادلها نجل ترمب ربما تكون دليلاً على الخيانة، فيما ذهب عضو مجلس النواب سيث ملتون عن ولاية ماساتشوستس أبعد من ذلك بالقول: «إن لم تكن تلك الرسائل دليل خيانة، فما هي الخيانة إذن؟!».على النائبين كين وملتون الرجوع للدستور للتأكد من صحة ما يقولانه. فتعريف الخيانة محدد وينحصر في مساعدة العدو أو التواطؤ معه في وقت الحرب. الآن اتضح أن نجل الرئيس كان يتطلع إلى قبول معلومات كان أحد الأشخاص وعده بها في إطار جهود الحكومة الروسية لمساعدة حملة والده. في الحقيقة، لا يُثبت ذلك ما ساقه الحزب الديمقراطي عن ترمب، لكنه يكذب الأعذار والإنكار ويكشف التعتيم الذي أصر عليه الرئيس وأنصاره.لقد وصلنا إلى نقطة يتحتم فيها على الرئيس أن ينقي سيرته، فإن لم يفعل، فسوف يكون متواطئاً مع المؤامرة الروسية التي جلبت العار للانتخابات التي ساعدوه على الفوز بها.* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»
مشاركة :