شهوة «تنظيم الحمدين» للسيطرة وبسط النفوذ بلا كوابح ومحددات أخلاقية ولا مبادئ أو استراتيجية سياسية تقوم عليها. أينما استطاع التنظيم والنظام «الشيطاني» أن يجد موطئ قدم تجده في تلك الأماكن المركزية وذات الثقل السياسي والاهتمام الكبير في الطاولة العربية كما في غزة والأراضي الفلسطينية أو هناك في صحاري دارفور السودانية ومالي في غرب أفريقيا، ناشطاً في استغلال حوجة المجتمعات الفقيرة ومتحالفاً ومسيطراً على الأنظمة الضعيفة، مستخدماً تنظيمات ومنظمات «تمنع الاقتراب والتصوير» عن كل ما لا ينتمي إلى تنظيم «الإخوان» وغيره من التنظيمات المتطرفة والإرهابية لتعمل على تجنيد المتطرفين ودعمهم لزعزعة استقرار البلدان. ولعل النشاط القطري والدور المحرض الذي لعبه تنظيم الحمدين في قطاع غزة جعل سكانه الآن يعيشون أسوأ فترة في حياتهم، بعد رفض حركة حماس عبر أكثر من وسيط للمثول للقرارات التي تدفع باتجاه الوحدة الوطنية والذهاب لانتخابات رئاسية وتشريعية، وتمكين حكومة الوفاق الوطني من عملها في غزة والتمهيد للانتخابات. وبات القطاع الآن أقرب إلى سيناريو الفوضى بعد ضيق الحياة على الفئة الكادحة وعلى فئة الموظفين في نفس الوقت، إذا فلتت الأمور بشأن التنازع على غزة. وبشأن ما ينتظره سكان قطاع غزة، قال المحلل السياسي طلال عوكل، إنه لم تعد الأفكار والنصائح والمبادرات والاقتراحات والصراخ والشكوى والتحذير يفيد في شيء، أو يحرك لدى أصحاب القرار قيد أنملة، فالصراع مفتوح. دور مشبوه بدوره، تساءل المحلل السياسي أكرم عطا الله، عن كيفية فهم عودة السفير القطري محمد العمادي لغزة وإعلانه عن مشاريع بعد انسحابه الهادئ قبل أسابيع وتصريحه بأن غزة تنتظرها أيام صعبة، كان هذا التصريح الأخير والذي تبعه وقف المشاريع القطرية في قطاع غزة بما فيها مبنى السفارة مكان مهبط الرئيس الراحل أبو عمار. وفيما لم يذهب عطا الله بعيداً للإجابة عن التساؤلات التي طرحها بشأن الدور القطري في القطاع وما يهدف إليه يتداول الشارع الغزي الذي حاولت جماعة «الإخوان» ممثلة في حركة حماس إلى الدفع به للخروج في مظاهرات لدعم الدوحة، على نطاق واسع الكثير من المعلومات عن ما تقوم به المنظمات المدعومة من قطر وفي مقدمتها «قطر الخيرية» من تجنيد لصالح تنظيم الإخوان وبقية التنظيمات المتطرفة بينما تعمل الحكومة القطرية وبوضوح على تحريض حماس لشق الصف الفلسطيني. وهنا قال المحلل السياسي: «الحقيقة القائمة أن وضع غزة يزداد اختناقاً فقد انقطعت الكهرباء لأكثر من عشرين ساعة، والمعبر مغلق بلا أمل، وهنا تظهر أم الحقائق أن المجتمع ينهار هنا، وإن الحصار لم يرتفع بل تم تشديده، وإن كل المشاريع والوعود ليست أكثر من كلام عابر أو حبر على ورق، وليس هناك مصالحة ولن تتم ولا تغيير في مكانة غزة». تحريض وخذلان وأشار إلى أن المغامرة السياسية والاصطفاف غير الذكي في لعبة السياسة أعادتنا للوراء لنعود للمطالبة بما كان قائماً من تنقيط. وتابع:«عندما كتبت ذات يوم ابتعدوا عن مصر وشأنها وإن أصغر فلسطيني أهم من كل الإخوان في العالم أمطرونا بانتقادات والآن يعودون بنا لنقطة الصفر، كأن إدارة الشعوب تحتمل التجريب، ليس هكذا يديرون سياسة وليس هكذا تصلب الشعوب على الخشبة». ويقول العديد من سكان القطاع إن قطر استغلت «حركة حماس» لتنفيذ أجندتها ضد مصر ولم تقدم لها شيئاً في المقابل وتركت السكان يرزحون تحت نار الفقر والحاجة. وربما نجد المبرر لقطر لمحاولة البحث عن دور في القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب الأولى ولكن المستغرب والذي دعا الكثير من المراقبين للتعبير عن دهشتهم هو الدور الذي لعبته قطر في إقليم دارفور السوداني وذاك الذي تقوم به في صراع جمهورية مالي في الغرب الأقصى للقارة الأفريقية، ويقول رئيس حركة تحرير السودان المتمردة مني اركو مناوي إن قطر استغلت حوجة أهل الإقليم وجندت العديد من أبنائه للعديد من التنظيمات المتطرفة والإرهابية. إلى جانب أنها مسؤولة عن استجلاب العديد من المقاتلين الأجانب وإحلالهم مكان أهل الإقليم، ومضى مناوي يقول: إن الدوحة مسؤولة مسؤولية مباشرة عن العديد من المجازر التي ارتكبت في الإقليم فقد تأكد لنا بالأدلة الدامغة أنها متورطة في تقديم كل الدعم العسكري من آليات ثقيله ومدفعيه..الخ.. إضافة إلى الدعم المالي المباشر، وتقوم دولة قطر بتقديم الدعم المالي تحت غطاء منظمة قطر الخيرية والتي يقيم مديرها في نيالا تحت حراسة مشددة. زعزعة استقرار إضافة إلى ذلك تقوم منظمة قطر الخيرية ببناء القرى الجديدة لإيواء المتطرفين وتدريبهم في تلك المناطق لأنها بعيدة عن الأعين وتصعب مراقبتها إضافة إلى أنها مناطق ذات طبيعة ممتازة وحكومة قطر تعرف أنها تشرف على اغتيال السودانيين الأبرياء من سكان المنطقة ليحل بدلاً عنهم المتطرفون الذين تريد حركات الإسلام السياسي أن تدربهم لينطلقوا في أفريقيا وبعض الدول العربية لتغيير الأنظمة فيها. وقال مناوي إن قطر تستخدم دارفور لزعزعة الاستقرار في ليبيا ودعم المجموعات المتطرفة فيها. وقال مناوي قطر كان عليها بدلاً من إنفاق هذه الأموال في قتل الأبرياء أن تحولها إلى بناء معسكرات تليق ببني البشر وتبني لهم المدارس والمستشفيات وتوفر لهم المياه النقية للشرب بدلاً من أن تدفعها إلى زعزعة استقرار البلدان. وفي خضم قتال القوات الحكومية والفرنسية في مالي لاستعادة مناطق سيطرت عليها جماعات متطرفة في شمال البلاد عام 2013، كانت قطر تدعم هذه الجماعات ضد «أصدقائها» الفرنسيين، أملاً في نفوذ لها بالدولة الواقعة غرب أفريقيا. ولم تكن التحركات القطرية في مالي خافية على أحد، خاصة الفرنسيين الذين تساءلوا عن الدور الذي تلعبه الدوحة في شمالي البلاد الخاضع لسيطرة المسلحين المتطرفين. واتهمت زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني مارين لوبان والنائبة عن الحزب الشيوعي ميشيل ديمسين قطر بدعم المتطرفين في شمالي مالي لوجستيا. وقالت لوبان في بيان «إذا كانت قطر تعارض التدخل الفرنسي في مالي، فهذا لأن هذا التدخل يهدد بتدمير أكبر حلفاء الدوحة من المتطرفين». وكانت لوبان ترد بذلك على دعوة أمير قطر في حينها حمد بن خليفة آل ثاني بالحوار مع ما وصفهم بالإسلاميين في مالي. «الصديقة» تمول الإرهاب وظهرت أول الاتهامات ضد قطر بدعم المجموعات المتطرفة في مالي عام 2012، في مجلة «لوكانار أنشينيه» واسعة الانتشار في مقال بعنوان «صديقتنا قطر تمول الإسلاميين في مالي». ونقلت المجلة عن مصدر بالمخابرات الفرنسية قوله، إن «حركة أنصار الدين التابعة للقاعدة، وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا، والانفصاليون الطوارق، تلقوا جميعاً أموالاً من قطر». وقال عمدة مدينة غاو شمالي مالي سادو ديالو في مقابلة مع راديو «آر تي أل» الفرنسي إن «الحكومة الفرنسية تعرف بشكل قاطع من يدعم الإرهابيين». وأضاف:«قطر، على سبيل المثال، تواصل إرسال ما تسمى بالمساعدات والغذاء كل يوم إلى مطارات غاو وتمبكتو». وكانت غاو قد سقطت بالفعل في يد المتطرفين، مما يعني أن المساعدات ما هي إلا دعم لوجستي لهؤلاء المسلحين. الطوارق يفضحونها وأكدت تصريحات أخيرة للأمين العام للحركة الوطنية لتحرير أزواد، بلال آغ شريف هذه التقارير، قائلاً في حوار مع صحيفة الرياض نشر السبت: «كانت لنا ملاحظات قوية على جهات محسوبة على دولة قطر لعلاقتها بتنظيمات إرهابية في منطقة أزواد بين عامي 2012 و2013 وذات أجندة بعيدة عن الأهداف السياسية والاجتماعية للشعب الأزوادي». وأضاف: «نقلنا توجسنا من هذا الدور الخطير لمسؤولين قطريين، لكن لم نلاحظ تفاعلاً منهم. نفط الساحل وذهبه وتحدثت كثير من التقارير الاستخباراتية الفرنسية عن دعم قطر للجماعات الإرهابية شمالي مالي وطموحاتها الإقليمية وأطماعها في نفط الساحل بعد إسقاط نظام معمر القذافي في ليبيا من خلال ميليشيات تدعمها الدوحة. ونقلت مجلة «لو أكسبريس» في ديسمبر 2013 عن الخبير الإقليمي مهدي لازار قوله، إن علاقة قطر الجيدة بسلطة إسلامية شمالي مالي سيتيح لها استغلال موارد الذهب واليورانيوم في البلاد، إضافة إلى الاستثمار في تطوير إمكانيات النفط والغاز، وأوضح أن ما تفعله قطر في مالي هو امتداد لما فعلته في مصر وليبيا وتونس.
مشاركة :