يعقد اليوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي دعي إلى باريس لإحياء ذكرى حملة الاعتقالات التي طالت عددا كبيرا من اليهود عام 1942، لقاء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمرة الأولى، سيختبر خلاله مواقفه حول النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين وإيران.وغادر نتنياهو إسرائيل في أوج توتر بعد هجوم أدى إلى مقتل شرطيين إسرائيليين أول من أمس في البلدة القديمة بالقدس وإلى إغلاق باحة المسجد الأقصى. وترك رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يخضع لتحقيقين قضائيين، متاعب تتراكم، خصوصا في إطار قضية فساد مرتبطة بشراء غواصات ألمانية تطال أقرباءه.وتثير زيارة نتنياهو إلى فرنسا لإحياء الذكرى الـ75 لحملة فال ديف، التي تعد من أسوأ فصول التاريخ المعاصر لفرنسا، استياء البعض الذين يرون في ذلك «خلطا في الأمور»، أو استخداما لليهود الفرنسيين «أدوات». وفي هذا السياق قال «الاتحاد اليهودي الفرنسي للسلام» إنه «صدم» بدعوة مسؤول إسرائيلي إلى مراسم إحياء ذكرى «جريمة محض فرنسية ضد الإنسانية»، كما احتج الحزب الشيوعي الفرنسي أيضا، معتبرا نتنياهو «لا يحمل رسالة سلام».وبعد انتهاء مراسم هذه المناسبة يتوقع أن يجري نتنياهو محادثات ثنائية مع ماكرون، علما بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يزر فرنسا منذ المسيرة الكبرى ضد الإرهاب بعد الاعتداء الذي استهدف صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية الساخرة، ومحلا لبيع أطعمة يهودية في يناير (كانون الثاني) 2015.وسيشكل هذا اللقاء فرصة لرئيس الوزراء الإسرائيلي لاختبار محاوره حول نيات فرنسا بشأن الدور الذي تنوي لعبه في الملف الإسرائيلي - الفلسطيني. وبهذا الخصوص قال الخبير في القضية الفلسطينية بول شانيولو: «حول النزاع الإسرائيلي الفلسطيني ما زال الموقف غامضا إلى حد ما».وكان ماكرون الذي استقبل في الإليزيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قد أكد مجددا دعم فرنسا لحل الدولتين، وإدانته الاستيطان الإسرائيلي، وهما المحوران التقليديان للسياسة الخارجية الفرنسية في هذا الملف.لكنه لم يكشف عما إذا كانت فرنسا تنوي إحياء المبادرة الفرنسية التي أطلقها سلفه فرنسوا هولاند، التي تدعو إلى معالجة دولية للنزاع. وقد نظم في يناير 2017 مؤتمرا دوليا حول الشرق الأوسط مثيرا بذلك غضب إسرائيل.وأضاف شانيولو موضحا أن «نتانياهو سياسي شرس، ويريد التأكد من أن فرنسا لن تتدخل أكثر من ذلك»، مذكرا بأن الرئيسين السابقين نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند «أملا في بناء علاقات جيدة مع نتنياهو لكنهما فشلا بسرعة».ونشر الخبير الإسرائيلي زئيف سترنهيل عمودا في صحيفة «لوموند» بعنوان «ماكرون كن حازما مع نتنياهو»، يدعو فيه باريس إلى «تحمل مسؤولياتها».ولم تستأنف المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية منذ فشل الوساطة الأميركية في ربيع 2014، وقد تراجعت حدة النزاع لكن الانفجار يبقى خطرا قائما.من جانبه، قال سفير فرنسا السابق في إسرائيل إيلي بارنافي لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه «يجب أن تتولى فرنسا وأوروبا هذه القضية. قد تكون هناك فرصة نظرا للوضع الذي يشهده البيت الأبيض حاليا وخطط (الرئيس الأميركي) دونالد ترمب التي تبقى غامضة ومبهمة».وكان الرئيس الأميركي قد أثار شكوكا في التزام الولايات المتحدة حل الدولتين. لكنه أكد خلال زيارة لإسرائيل والأراضي الفلسطينية في مايو (أيار) أن السلام ممكن، من دون أن يضيف أي تفاصيل.
مشاركة :