بيروت - أثار تواتر الأخبار عن عزم الجيش اللبناني تنفيذ عملية عسكرية واسعة ضد مسلحي تنظيمي جبهة النصرة والدولة الإسلامية في بلدة عرسال الواقعة على الحدود اللبنانية ـ السورية، مخاوف سنة لبنان من مغبة توريط الجيش اللبناني في معركة هي في الحقيقة مجرد "اجتياح إيراني" للبلدة. لكن الكثير من التطمينات حول الأدوار الرسمية للجيش وعدم عزمه التورط في بعض الأحداث العرضية التي تخص أطرافا سياسية بعينها لا الدولة بدأت تخرج للعلن. وذكر الخبير العسكري اللبناني، العميد المتقاعد "ناجي ملاعب"، أن "أجندة حزب الله المرتبطة بحلف معين وتحالفات المعارضة السورية، لا علاقة لها بالدولة اللبنانية ولاسيما مؤسستها العسكرية التي تؤكد النأي بنفسها عن هذه التحالفات وتحصر مهامها في سياق تأمين استقرار لبنان والحفاظ عليه وحفظ الأمن القومي اللبناني". وأضاف أن "كل ما قام به الجيش اللبناني في السابق لم يكن إلا محض عمليات استباقية سواء في المناطق الحدودية أو في الداخل اللبناني، كما قام بمهمات ناجحة جرت بالتعاون مع قوى التحالف الدولي مكنته من الحصول على معلومات ساعدت في منع وقوع عمليات إرهابية". ونفى ملاعب أن تكون هناك خطط لشن عملية عسكرية في بلدة عرسال معتبرا أن "هناك جهات (لم يسمها) تحاول توريط الجيش في معارك ما، الجيش ليس معنيا بمعارك في الداخل السوري، الجيش معني فقط بالدفاع عن القرى اللبنانية، وهو ما يقوم به بشكل ثابت ودائم". ويقصد الخبير العسكري بذلك حزب الله الذي أعلن الأسبوع الماضي أن مسألة قيام الجيش اللبناني بحملة عسكرية في عرسال ومحيطها مسألة وقت، مثيرا بذلك موجة استياء كبيرة في لبنان وخاصة الأوساط السنية التي حذرت من القيام بمثل هذه العملية في ظل الوضع الأمني والسياسي الدقيق في البلاد، معربة عن خوفها من استهداف طائفي تنفذه المليشيات الشيعية ضد الأهالي السنة في البلدة. و لعرسال حدودا طويلة مع سوريا، وقد استقبلت عشرات الآلاف من النازحين السوريين وهي تعتبر جيبا سنّيا في منطقة شيعية يسيطر عليها حزب الله. وينتشر قرابة ألفي مسلح سوري من تنظمي جبهة النصرة والدولة الإسلامية في جرود بلدة عرسال الحدودية اللبنانية (شرق) مع سوريا. وفي نهاية يونيو/ حزيران الماضي، نفذ الجيش اللبناني مداهمات داخل مخيمات اللاجئين السوريين قرب عرسال، في عملية وقعت خلالها أربع تفجيرات انتحارية. وتم توقيف 350 لاجئا، بينهم مسلحين. وشهدت عرسال، في أغسطس/آب 2014، معارك استمرت أياما بين الجيش اللبناني ومسلحين من "جبهة النصرة" والدولة الإسلامية قدموا من سوريا، وانتهت بإخراج المسلحين من البلدة، لكنهم لجؤوا إلى التلال الجرداء للبلدة، وهي تلال خالية من السكان ومعروفة بجرود عرسال، وانضمت إليهم مع تقدم القوات النظامية السورية في ريف دمشق مجموعات مسلحة أخرى. وفضلا عن القلق اللبناني من العملية العسكرية المرجحة للجيش اللبناني في عرسال، تبدي واشنطن قلقها من المسألة في رهانها على دعم المؤسسة العسكرية الرسمية بعيدا عن حزب الله الذي يعتبر ذراعا عسكرية وسياسية لطهران. وترى واشنطن حسب بعض المراقبين أن شن مثل هذه العملية التي جاءت بإيعاز من حزب الله ستدعم سياسة إيران في سوريا في ظل مساعيها والسيطرة على كل منطقة الحدود اللبنانية ـ السورية في تتمة لمشاريعها التوسعية في المنطقة بعد أن عبدت الطريق على الحدود العراقية السورية في وقت سابق.
مشاركة :