تقول إحصائية مثيرة للاهتمام إنه لو تمكن مانشستر يونايتد من الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا الموسم المقبل، وهذا أمر مستبعد، فإنه سيكون «أطول» فريق يفوز بالمسابقتين، بمعنى أن مجموع أطوال لاعبيه سيكون أكبر من أطوال لاعبي أي فريق آخر. ويصل متوسط طول لاعبي مانشستر يونايتد إلى 188 سم، مقابل 182 فقط للاعبي فريق تشيلسي الفائز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، 180 سم للاعبي فريق ليستر سيتي المتوج باللقب الموسم قبل الماضي. وعلى مستوى بطولة دوري أبطال أوروبا، وصل فريقان فقط لـ182 بالكاد في المتوسط، وهما فريق تشيلسي الفائز باللقب عام 2012 وفريق بايرن ميونيخ العملاق بقيادة المدير الفني يوب هانكس الفائز باللقب في العام التالي. ولا يوجد سبب يجعلنا نتوقع انضمام مانشستر يونايتد لهذين الناديين، لكن في حال تحقيقه لذلك فسيكون هذا بمثابة انتصار للفرق صاحبة البنية الجسدية القوية. في الحقيقة، لا يعد هذا شيئا مفاجئا، حيث لا يخفى على أحد أن جوزيه مورينيو يحب اللاعبين ذوي البنية الجسدية القوية، ويبدو أن لديه هاجسا مزمنا على نحو متزايد ويعمل دائما على أن يحيط نفسه باللاعبين ذوي الأجساد الكبيرة وكأنه ملك فرعوني يحيط نفسه بالحراس الأقوياء! والآن، لا ينقص مورينيو سوى لاعب واحد أو اثنين لكي يتمكن من إشراك فريق كامل يزيد طول كل لاعب من لاعبيه عن 182 سم، وهو شيء لم يحدث بالتأكيد في جميع الدوريات الكبرى، وكأنه يبحث عن الأدوات اللازمة لبناء حائط. وبالنسبة لموسم الانتقالات الصيفية الحالي، تعاقد مورينيو مع لاعب واحد ضخم البنية، وربما يتعاقد مع آخرين. ولعل الشيء المثير للاهتمام هو أن هناك تقارير تربط نجم توتنهام هوتسبير إيريك داير، قوي البنية أيضا، بالانتقال إلى «أولد ترافورد»، وهو أمر لا يزال يبدو غير محتمل، لكن من منظور محايد قد تكون هذه الصفقة مناسبة لجميع الأطراف. لا يريد توتنهام التخلي عن خدمات اللاعب، لكن 50 مليون جنيه إسترليني يعد مبلغا كبيرا بالنسبة للاعب لا يعد الخيار الأول في مركزه بالنادي الذي يلعب له حاليا. وعلاوة على ذلك، قد تكون هذه الصفقة جيدة لداير، الذي تعلم كثيرا من المدير الفني لتوتنهام ماوريسيو بوكيتينو، ويملك الكثير من المقومات الكبيرة مثل الذكاء والانضباط التكتيكي والخططي، والقدرة على التحرك في المكان المناسب. ويحصل داير على تعليمات محددة بدقة شديدة من بوكيتينو، لكن لنتخيل العادات السيئة التي قد يكتسبها من مورينيو، الذي يكدس لاعبي خط الوسط المدافعين في وسط الملعب، والذي سيتعامل مع داير، الذي يصل طوله إلى 188 سم، على أنه لبنة في حائط الصد، ويكفي أن نعرف أن مورينيو هو من دفع بكاسيميرو في تشكيلة ريال مدريد لأول مرة، وهو من أتى بتياجو موتا من جنوة وجعله يفوز بدوري أبطال أوروبا، وهو الذي حول جون أوبي ميكيل من مهاجم سريع إلى مدافع من الطراز الأول. وبالإضافة إلى ذلك، سيكون انتقال داير إلى مانشستر يونايتد مفيدا للغاية بالنسبة لمورينيو، لأنه سيكون بمثابة قوة بدنية هائلة تضاف إلى الفريق الذي يعمل المدير الفني على بنائه خلال العام الثاني له في «أولد ترافورد». وهذه هي الطريقة التي يعمل بها مورينيو، والتي مكنته من بناء فريق قوي للغاية مع تشيلسي خلال ولايته الأولى مع الفريق اللندني، وبناء فريق قوي لإنتر ميلان الإيطالي قاده للحصول على لقب دوري أبطال أوروبا. وحتى الفريق الثاني لتشيلسي، والذي ضم فابريغاس وهازارد وكوستا، كان هو الفريق الأطول في مسابقة الدوري الإنجليزي الممتاز في نهاية الأسبوع الافتتاحي للموسم الذي فاز خلاله الفريق باللقب. وإذا نظرنا إلى الوراء سنجد أن الاتجاه العام ثابت إلى حد كبير، حيث إن اللاعبين الكبار على مستوى الصفوة لا يكونوا من ذوي الأطوال الفارعة. ولم يكن متوسط طول لاعبي أول فريق يفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز يزيد على 182 سم، وهي النسبة نفسها تقريبا لآخر ثلاثة فرق فائزة باللقب. وكان متوسط أطوال لاعبي آخر أربعة فرق حاصلة على لقب دوري أبطال أوروبا لا تزيد على 183 سم. لكن يبدو أن مورينيو لا يتعاقد إلا مع اللاعبين طوال القامة، ويكفي أن نعرف أن الصفقات الكبرى التي عقدها في مانشستر يونايتد حتى الآن كانت مع روميلو لوكاكو (190 سم)، وزلاتان إبراهيموفيتش (195سم)، وفيكتور لينديلوف (188سم)، وهنريك مخيتاريان (187 سم). ويبدو أنه لا يثق كثيرا في مخيتاريان، فهل هذه مجرد مصادفة؟. ومع ذلك، لا يعد الشيء الذي يريده مورينيو من هؤلاء اللاعبين أقوياء البنية واضحا للجميع، لأن طول القامة لا يعني بالضرورة القوة والشراسة، وخير مثال على ذلك أن لاعبي فريق مانشستر يونايتد في موسم 1993-1994 بقيادة المدير الفني القدير السير أليكس فيرغسون كانوا قصار القامة لكنهم كانوا أقوياء للغاية. لكن مورينيو يريد استغلال اللاعبين طوال القامة من الناحية الفنية والخططية، حيث يعمل على الفوز بالالتحامات الثنائية وفصل خطوط الفريق المنافس عن بعضها البعض واستغلال الألعاب الهوائية والكرات الثابتة. وفي الحقيقة، يجيد مورينيو استغلال هذه الأمور جيدا. هذا مجرد حديث الآن، وقد لا يرحل داير عن توتنهام هوتسبير، وقد يبنى مورينيو خطته على لاعب مهاري مثل خوان ماتا، الذي يبدو هادئا للغاية حتى في أكثر الدقائق إثارة وتوترا في المباريات. وفي ظل التقارير الكثيرة التي تتحدث عن انتقالات اللاعبين في فترة الانتقالات الحالية، لا يزال حلم بناء فريق يزيد متوسط طول لاعبيه عن 6 أقدام مجرد احتمال. ومع ذلك، قد لا يكون هذا أمرا سيئا، لأن مانشستر يونايتد كان دائما ما يتسم بالقوة والشراسة إلى جانب المهارة والفنيات العالية، بداء من جيل دنكان إدواردز، وحتى فريق النادي في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، وصولا إلى جيل إريك كانتونا، الذي كان يتميز بالقوة البدنية الهائلة والفنيات العالية في الوقت نفسه. وفي الحقيقة كانت هناك حالة من الجدل المستمر على مدى السنوات القليلة الماضية بشأن الطريقة التي يلعب بها مانشستر يونايتد. قد تبدو الرغبة في تكوين فريق من اللاعبين طوال القامة وكأنها خطة مدروسة من قبل إدارة النادي، لكن الهدف منها على أي حال هو البحث المستمر عن الفوز والانتصارات والبطولات.
مشاركة :