القاهرة: «الخليج»ربما لم يخطر ببال الشاب المصري أحمد سعيد الفقي، وهو يتسلم شهادته الجامعية فى الشريعة والقانون، أن الأيام سوف تلقي به إلى تلك التجربة التي سوف تجعله داخل دائرة الضوء، وهو الذي لم يتجاوز عامه الخامس بعد الثلاثين وربما لم يخطر بباله أيضاً أن تنهال عليه عروض من كبريات الشركات، لتنفيذ مشروعه الذي بدأه قبل نحو عامين، وكان يستهدف من خلاله تصميم وتنفيذ سيارة صغيرة، تنافس عربات «التوك توك» تلك «الركشا» الهندية التي انتشرت فى مصر خلال السنوات العشر الأخيرة على نحو غير مسبوق؛ بسبب سهولة حركتها في الحواري الضيقة، وعلى الطرقات بين القرى والأحياء في مختلف المحافظات.وفي ورشته بضاحية الهرم، يواصل الفقي عمله، غير مكترث بالعديد من الإجراءات الروتينية التي كان من شأنها أن تخنق حلمه، في إنتاج سيارة شعبية، إذا ما فكر في أن يدور بفكرته على الجهات المعنية بالتصنيع في مصر، إلا أنه قرر بدلاً من ذلك أن يشرع في التنفيذ فوراً، بما تمكن من ادخاره من مبالغ بسيطة على مدار أكثر من خمسة عشر عاماً، قضاها متابعاً لعالم السيارات.عربة صغيرةلا يحبذ الفقي كثيراً الحديث عن حياته الخاصة، لكنه ينظر بفخر إلى مشروعه الذي طالما حلم به، وهو يتحقق يوماً بعد آخر، بعدما تمكنت ورشته الصغيرة من إنتاج أكثر من عشرين سيارة في وقت وجيز، وطرحها في معرض خاص للبيع، بعد استيفاء الإجراءات المطلوبة التي يقول عنها بفخر: «سوف تنافس سيارات «التوك توك»، التي باتت تملأ شوارع مصر، وربما تقضي عليها خلال سنوات قليلة، لو قدر لهذا المشروع أن يكبر، وأن تتوافر له مقومات المنافسة والنجاح».ويروي الفقي قصته مع السيارة الصغيرة، قائلاً: «أحلام الشباب لا تعرف المستحيل، وقد بدأت العمل في صيانة السيارات منذ فترة، عبر الورشة التي امتلكها في منطقة الهرم، التي تحظى بسمعة جيدة، نظراً لدقة العمل بها، وقد بدأت فكرة تطوير «التوك توك» تختمر في رأسي منذ فترة، فهي في النهاية مركبات غير آمنة، ولا تتحمل العمل الشاق، وشرعت في تطويرها لتتحول إلى عربة صغيرة تتسع لركاب أكثر، وتحظى بمعدلات أمان ورفاهية أكبر، ويتم تنفيذها بخامات مصرية خالصة».تصل نسبة المكونات المحلية لسيارة الفقي الجديدة نحو 85% من مكوناتها الأساسية، وتبلغ قوتها حسبما يؤكد 300 سي سي، ما يجعلها أكثر كفاءة من مركبات «التوك توك» التي يتم استيرادها من الهند، ويقول: «راعيت في التصميم اشتراطات جديدة أيضاً، فهي ذات عادم صديق للبيئة، وخضعت لاختبارات شاقة، تجعلني أقبل فحصها من كبار المتخصصين في مجال صناعة السيارات؛ لأنهم لن يجدوا فيها عيباً فنياً واحداً».تبني المشروعلم تحل عملية الترخيص المعقدة زبائن كثر من أن يقبلوا على تقديم طلبات شراء سيارة الفقي الجديدة، وهو يقول عن ذلك: «تظل مشكلة التراخيص هي العقبة الوحيدة أمامنا، واقترحت لحلها أن يتم منح هذه السيارة ترخيصاً بالسير المحلي، لضبط الأمور، وللقضاء على فوضى مركبات «التوك توك» التي تجري في شوارع أحياء القاهرة والقرى البعيدة دون ضابط».لا يتجاوز سعر السيارة التي نفذها أحمد الفقي ثلاثين ألف جنيه مصري، ويعلق قائلاً: «رغم تمتعها بمعدلات أمان ورفاهية أكبر، تتميز أيضاً بكونها اقتصادية للغاية في استهلاك الوقود، وتتسع لستة أفراد يجلسون في وضع مريح».الفكرة الجديدة، التي تناقلت أنباءها العديد من المحطات الفضائية، دفعت أحد الشبان المصريين العاملين بالخارج، إلى العودة لمصر، والدخول في شراكة مع الفقي، فقاما بإنشاء معرض صغير لعرض السيارات الصغيرة المنتجة، والشروع في تطوير الورشة التي تقوم بإنتاجها، بحثاً عن أمل لا يزال يراوح مكانه، في أن تتدخل الدولة بما تملكه من قوة، في تبني المشروع ودعمه، خصوصاً أن جميع قطع السيارة مصرية، باستثناء المحرك فقط، وهو مشروع يعيد من جديد مشواراًَ كانت مصر قد بدأته في ستينات القرن الماضي، باتجاه تنفيذ سيارة محلية خالصة.
مشاركة :