طرابلس - رفض رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح الثلاثاء قطعيا مبادرة رئيس الحكومة المدعومة من الامم المتحدة فائز السراج ووصفها بأنها محاولة لنيل الشرعية والابقاء على المجلس الرئاسي لأطول فترة ممكنة. لكن المبادرة أو "خارطة الطريق" التي تضمنت الدعوة الى انتخابات برلمانية ورئاسية في مارس/آذار عام 2018، قوبلت بدعم وتشجيع من قبل جماعة الاخوان المسلمين في ليبيا التي اعتبرتها "متوافقة مع الاتفاق السياسي" الذي وقعته الاطراف الليبية في مدينة الصخيرات المغربية قبل حوالي سنتين. وقال صالح في بيان ان ما قدمه السراج "مجرد محاولة لنيل الشرعية التي لم يحصل عليها بالطرق القانونية عبر نيل الثقة من مجلس النواب". واضاف رئيس مجلس النواب الليبي إن المبادرة "محاولة أيضا لتعديل الإعلان الدستوري (الدستور المؤقت الذي يحكم البلاد منذ عام 2011) ومحاولة لإبقاء المجلس الرئاسي غير الشرعي أطول فترة ممكنة". كما اكد أن "المجلس الرئاسي جسم غير شرعي وفقاً للإعلان الدستوري ولم يحصل على الثقة من مجلس النواب الليبي ويعمل بالمخالفة للدستور المؤقت وليس لديه صفة قانونية تعطيه حق توجيه دعوة للانتخابات أو طرح مبادرة ما في هذا الشأن". وأضاف أن "مجلس النواب الليبي هو السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد وهو صاحب الاختصاص في الدعوة للانتخابات"، مشيرا الى ان "هذه المبادرة لا تحمل أي سُبل لحل الأزمة ولا إمكانية لتنفيذها". ويتبع الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر لمجلس النواب. وتمكن الجيش مؤخرا من استعادة مدينة بنغازي، ثاني كبرى مدن ليبيا من سيطرة جماعات اسلامية متشددة. وتتوسط الامارات لإنهاء الازمة الليبية. واستضافت في ايار/مايو الماضي لقاء بين السراج وحفتر اتفقا خلاله على العمل من أجل حل الأزمة. وزار حفتر الامارات الاسبوع الماضي واجرى مباحثات مع ولي عهد ابوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وذلك بعد ايام قليلة من اعلان التحرير الكامل لمدينة بنغازي من الجهاديين بعد اكثر من ثلاث سنوات من المعارك الدامية. وبدأ حفتر في 2014 عملية الكرامة العسكرية لاستعادة بنغازي معقل الثورة الليبية التي أطاحت في 2011 بنظام معمر القذافي. وبعد الثورة، سقطت المدينة في أيدي الجماعات المتطرفة وباتت مسرحا لمعارك شبه يومية بين القوات الليبية المسلحة والمجموعات المتشددة، أسفرت عن تدمير أحياء بأكملها. ويكسب قائد الجيش الوطني الليبي أرضا منذ العام الماضي وسيطر على عدد من موانئ النفط الرئيسية وتقدم في حملة طويلة ضد خصوم يقودهم إسلاميون في شرق ليبيا. وفي تقدم الجيش والقوات المتحالفة معه باتجاه الغرب في الشهور الأخيرة اشتبك مرارا مع خصوم متحالفين مع حكومة الوفاق الوطني حول موانئ النفط وفي منطقتي سبها والكفرة الصحراويتين بالجنوب. ودعا السراج السبت إلى وقف لإطلاق النار ودمج تدريجي للكيانات البرلمانية المنافسة المتمركزة في طرابلس وفي شرق ليبيا. من جانبه أعلن محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين في ليبيا ترحيبه بمبادرة السراج. وقال صوان في منشور عبر صفحته الشخصية على فيسبوك إن "جوهر المبادرة يتوافق مع ما جاء في الاتفاق السياسي". وفي 17 ديسمبر/كانون الأول 2015 وقعت أطراف النزاع الليبية في مدينة الصخيرات المغربية اتفاقًا لإنهاء أزمة تعدد الشرعيات في البلاد تمخض عنه مجلس رئاسي لحكومة "الوفاق الوطني" ومجلس الدولة (غرفة نيابية استشارية) إضافة إلى تمديد عهدة مجلس النواب في طبرق (شرق) باعتباره هيئة تشريعية. ودعا صوان إلى "مناقشة وتطوير مبادرة السراج خاصة فيما يتعلق بالآلية والأساس التشريعي الذي ستقام على أساسه الانتخابات التي تضمنتها المبادرة". وغرقت ليبيا في صراع بعد الانتفاضة التي أطاحت بالزعيم الليبي معمر القذافي قبل ست سنوات. وأدت الانتخابات السابقة التي أجريت في البلاد في 2014 إلى تشكيل حكومتين وبرلمانين متنافسين في طرابلس وفي الشرق وكلاهما تدعمه تحالفات فضفاضة من جماعات مسلحة. ومنذ وصوله إلى طرابلس في مارس/آذار من العام الماضي يكافح السراج لتشكيل حكومة فاعلة أو لكبح فصائل مسلحة قوية. ووصلت الأحوال المعيشية لأسوأ أوضاعها جراء أزمة حادة في السيولة وانقطاع متكرر للكهرباء والمياه وتدهور الخدمات العامة.
مشاركة :