قبل أسبوع اتهمتني مجموعة مراقبة وسائل الإعلام المناصرة لإسرائيل بتهمة لا أساس لها وهي أن مؤيدي إسرائيل مسؤولون عن التمييز وجرائم الكراهية والاستبعاد السياسي للأميركيين العرب. ولأن هذه المسألة مهمة جدًا بالنسبة للأميركيين العرب، ولأن بعض الجماعات المتشددة المؤيدة لإسرائيل ترفض الاعتراف بدورها في الإضرار بمجتمعي، فإنني مضطر للرد مع ذكر بعض الأمثلة التي تمثل مجرد غيض من فيض من أعمال التشهير المؤلمة والتمييز والاستبعاد والتهديدات والعنف. منذ اللحظة التي بدأ فيها الأميركيون العرب في التنظيم والدفاع عن القضايا التي عقدناها، واجهنا هجمات، ومقاومة وحملات ضغط من منظمات المجتمع اليهودي الرئيسية لاستبعادنا من الاجتماعات الحكومية، والمشاركة مع الائتلافات والحملات السياسية. كما قاموا بتشويه سمعتنا ووصفونا بعدة مصطلحات منها «الدعاة العرب»، و«المجتمع الوهمي»، و«خليقة البترو دولار»، ممونو معاداة السامية، وغيرها من المصطلحات. وجاء أول لقاء مباشر مع الإقصاء في عام 1978. حينما تمت دعوتي إلى البيت الأبيض من أجل اجتماع المائدة المستديرة للقادة العرقيين مع نائب الرئيس مونديل. وبعد بضعة أيام تلقيت مكالمة من البيت الأبيض لإبلاغي بأنهم تلقوا شكاوى من جماعات يهودية مفادها أن عربيا مؤيدًا للفلسطينيين كان في الاجتماع، فتم استبعادي. وفي أواخر عام 1979، استضافت حملتي الفلسطينية لحقوق الإنسان مؤتمرا وطنيا كبيرا ضم سبعة أعضاء من الكونغرس، كبار القادة السود، والعديد من الشخصيات من منظمات السلام والعدل. وعلى الرغم من التغطية الإخبارية الوطنية البارزة التي حظي بها هذا المؤتمر، فقد وصفت إحدى الصحف المؤيدة لرابطة الدفاع اليهودية في نيويورك هذا الحدث بعنوان بارز في الصفحة الرئيسية بـ«الاجتماع السري لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي يخطط للإرهاب». واستمرت هذه التهديدات – عن طريق البريد والهاتف – وتم إبلاغ السلطات بذلك. ثم في عام 1985 قُتل أليكس عودة المدير الإقليمي لـلجنة مكافحة التمييز الأميركية – العربية للساحل الغربي في تفجير قنبلة أثناء دخوله مكتبه. إن أعمال العنف والتهديدات بالعنف ضد المنظمات العربية الأميركية ليست سوى جزء من صورة أكبر للتمييز والتحرش والتخويف. يمكننا توثيق العديد من حالات التمييز السياسي النشط ضد الأميركيين العرب، بما فيها إدراج الناشطين السياسيين الأميركيين والمتحدثين العرب الأميركيين في القائمة السوداء، والجهود الرامية إلى تشويه القادة والمنظمات العربية الأميركية بوصفهم «أنصار الإرهابيين». كل هذه الأفعال والممارسات تخلق مناخا يشجع المعارضين للأميركيين العرب على الوصول إلى الدرجة التي رأينا فيها تصاعد معارضة البعض لتشمل أعمال عنف ضد الأميركيين العرب ومنظماتهم. وطوال فترة ثمانينات القرن الماضي، تمت إعادة تبرعات ومساهمات العرب الأميركيين. ففي عام 1984 تمت إعادة المساهمات التي تبرع بها أعضاء مجلس إدارة مستشفى «سانت جود البحثي للأطفال» لمصلحة حملة مونديل. وعام 1988 رفض المرشح الرئاسي للحزب الديموقراطي مايكل دوكاكيس تأييدنا. وطلب مني اثنان من القادة السياسيين الوطنيين، وهما ديفيد دينكينز، الذي تولى منصب عمدة مدينة نيويورك، وإد زي شاو الذي شغل مقعدا في مجلس الشيوخ في كاليفورنيا، أن أثني العرب الأميركيين عن الإسهام في حملاتهم، معللين ذلك بخوفهم من رد الفعل العنيف من قبل المجتمع اليهودي. على الرغم من هذه العقبات، فإننا واصلنا بمساعدة مجموعة من القادة الشجعان مثل جيسي جاكسون، ورون براون، وبيل كلينتون في طريقنا إلى التيار الرئيسي. فقد رحب بِنَا جاكسون في حملتيه الرئاسيتين. كما رحب رئيس الحزب الديموقراطي رون براون بالعرب الأميركيين، رغم تحذيرات بعض المانحين اليهود بأنهم سيسحبون الدعم للحزب. لكن لا تزال هناك مشاكل عالقة. ففي عام 1992 رفضت حملة كلينتون مشاركة الأميركيين العرب. وفي ذلك العام اجتمعت مع المدير القانوني للجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية «أيباك»، الذي عمل أيضا مستشارًا قانونيا لحملة كلينتون، وقال لي: «نعلم أنك تحاول الدخول في الحملة، لماذا يجب أن نسمح لك بذلك.. اتركنا وشأننا». وقد هزني هذا العداء الواضح والمكشوف ما دفعني إلى التوجه إلى براون، حيث وضعنا معا إستراتيجية قادتني في نهاية المطاف إلى الالتقاء بالسيناتور جو ليبرمان، الذي رغم خلافنا معه، كان عادلاً ونزيها وأعرب عن غضبه إزاء هذا التصرف. وفي اليوم التالي، تمت دعوتنا للانضمام إلى الحملة. في حين أن سنوات كلينتون التي شكلتها اتفاقات أوسلو والتزام الرئيس الشخصي بالعدالة، غيرت الديناميكية السياسية للأميركيين العرب، استمرت المشاكل مع بعض الجماعات اليهودية التي لا تزال تحاول استبعاد العرب الأميركيين وتشويه سمعة أولئك الذين كانوا في مناصب حكومية. ومع ذلك لم ترد التهديدات الرئيسية من المجموعات الرئيسية، لكن من الأطراف ومن مجموعة من الكيانات الممولة من أمثال شيلدون أديلسون وروبرت شيلمان اللذين قاما بتلطيخ الأميركيين العرب والآن، المسلمين الأميركيين. وبعد أحداث 11 سبتمبر ألقي القبض على ثلاثة رجال، وتمت محاكمتهم وإدانتهم بتهمة التهديد بقتلي وأسرتي وتدمير مكتبي. وخلاصة القول أن الاتهام الذي يفيد بأن مؤيدي إسرائيل مسؤولون جزئيا عن حالات التمييز، وجرائم الكراهية، والاستبعاد السياسي للأميركيين العرب، لا يمكن نكرانه. فالتاريخ حقيقي جدا والألم عميق جدا. والعار على أولئك الذين لا يستطيعون الاعتراف بالتاريخ والألم. د. جيمس زغبي رئيس المعهد العربي- الأميركي في واشنطن
مشاركة :