انتقل المدافع الإنجليزي الدولي كايل ووكر من نادي توتنهام هوتسبير إلى مانشستر سيتي مقابل 50 مليون جنيه إسترليني. في الحقيقة، يعد هذا المقابل المادي كبيرا للغاية وغير منطقي، رغم أننا لا نقلل من قيمة ووكر، الذي ربما كان أفضل ظهير أيمن في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي. ربما يعود السبب وراء ارتفاع المقابل المادي لتلك الصفقة إلى تغير الدور الذي بات يلعبه الظهير الأيمن. وكان النجم الإيطالي ولاعب ومدرب تشيلسي سابقا جيانلوكا فيالي يقول إن الظهير الأيمن يكون دائما أسوأ لاعب في الفريق، لأنه يُترك وحيدا عندما يتقدم المدافعون الجيدون إلى خط المنتصف وينتقل اللاعبون الموهوبون من الناحية الفنية إلى الأمام. أما اللاعبون الذين يلعبون في مركز الظهير الأيسر فلديهم قيمة نادرة لأنهم يلعبون بالقدم اليسرى، ولذا يكون الوضع مختلفا بالنسبة لهم، وهو ما يتجلى في حقيقة أن أول أفضل ثلاثة مدافعين في العالم من حيث القدرات الهجومية كانوا يلعبون ناحية اليسار، وهم نيلتون سانتوس، وجياسينتو فاشيتي، وسيلفيو مارزوليني. لكن لم يعد هذا صحيحا الآن، حيث أصبح المدافعون الآن، حتى في حال الاعتماد على أربعة مدافعين في الخط الخلفي، يكلفون بواجبات هجومية، وهو ما يعني أنه لا يتعين على المدافع أن يتسم بالسرعة والقوة والصفات الدفاعية فحسب، ولكن يتعين عليه أن يملك المهارة التي تمكنه من المرور من لاعبي الفريق المنافس ولعب كرات عرضية. ويستطيع ووكر القيام بكل كذلك - حتى لو كان البعض في توتنهام يعتقدون أن كيران تريبير، الذي كانت دقة تمريراته أفضل من ووكر بنسبة 50 في المائة في المباراة الواحدة خلال الموسم الماضي، هو أفضل ممر للكرات. وبعد فشل مانشستر سيتي في التعاقد مع البرازيلي داني ألفيش - الذي يتميز بأنه لاعب من طراز عالمي، علاوة على أن قيمة صفقة انتقاله أقل بسبب انتهاء عقده مع يوفنتوس الإيطالي - تعاقد مانشستر سيتي مع ووكر، الذي لا يملك نفس خبرات ألفيش ولا مهاراته وقدراته، لكنه يتميز بأنه يملك خبرة اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز. ويشكك البعض في قدرة ووكر على القيام بالدور الدفاعي في وسط الملعب الذي يطلبه المدير الفني لمانشستر سيتي جوسيب غوارديولا دائما من ظهراء الجنب في فريقه، وهو الأمر الذي قد يجعل المدير الفني الإسباني يعود للعب بالطريقة التقليدية المعتادة في الخط الخلفي، لكن الشيء المؤكد هو أن ووكر سيكون إضافة قوية لمانشستر سيتي. لكن ذلك لا يفسر بالطبع وصول قيمة انتقال اللاعب إلى 50 مليون جنيه إسترليني قابلة للزيادة بعد إضافة بعد الحوافز والامتيازات الأخرى. ربما تكون هذه هي طبيعة سوق انتقالات اللاعبين، لكن هذه السوق قد وصلت إلى مرحلة من العبث والجنون، وكان ووكر أحدث الصفقات المرتفعة للغاية خلال الصيف الجاري، حيث انتقل روميلو لوكاكو مقابل 75 مليون جنيه إسترليني، وألكسندر لاكازيت مقابل 53 مليون جنيه إسترليني ومحمد صلاح مقابل 37 مليون جنيه إسترليني وجوردان بيكفورد مقابل 30 مليون جنيه إسترليني. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: كم عدد المستشفيات والمدارس التي يمكن تمويلها بالراتب الأسبوعي لأي لاعب من هؤلاء، وكيف يفسر المؤرخون لمجتمع يعاني من إجراءات التقشف منذ سبع سنوات انتقال لاعب من ناد لآخر مقابل 50 مليون جنيه إسترليني؟ في الحقيقة، تعد هذه القيمة كبيرة للغاية بالنسبة للاعب في السابعة والعشرين من عمره ولم يسجل سوى خمسة أهداف فقط. ربما يكون هذا دليلا على أن كرة القدم لم تعد تعترف بأن الأهداف وحدها هي التي تحدد قيمة اللاعبين، لكن ووكر ليس من فئة اللاعبين الكبار مثل ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، أو حتى لاعبين مثل ستيوارت بيرس أو ستيف نيكول. ولم يشارك ووكر سوى في 27 مباراة دولية، ورغم أنه أصبح الخيار الأول الآن في مركز الظهير الأيمن في المنتخب الإنجليزي، لكن قبل عام من الآن كان من الطبيعي أن يفضل المدير الفني للمنتخب الإنجليزي آنذاك روي هودجسون اللاعب ناثانيل كلاين في هذا المركز. ورغم ذلك، أصبح ووكر الآن هو أغلى مدافع في تاريخ كرة القدم. ويبدو أن حالة من الجنون قد أصابت الدوري الإنجليزي الممتاز، الذي أصبح يضم الآن أغلى خمسة مدافعين في تاريخ كرة القدم: ووكر وجون ستونز وديفيد لويس وإلياكيم مانغالا ولوك شاو. ويعود السبب وراء تلك المبالغ المالية الطائلة إلى عائدات البث التلفزيوني التي يحصل عليها كل ناد من الأندية العشرين التي تلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز والتي تجعلها تأتي ضمن قائمة مجلة «فوربس» لأفضل 30 ناديا في العالم من حيث العائدات السنوية. ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الشيوخ القادمين من منطقة الشرق الأوسط ورجال الأعمال الكبار وصناديق التحوط التي تملك أندية الدوري الإنجليزي الممتاز ترى أن 50 مليون جنيه إسترليني لا يعد مبلغا كبيرا. ولم تعد الأندية تعتمد بشكل أساسي على العائدات التي تحصل عليها من تذاكر حضور المباريات، كما كان الأمر في السابق. عندما كسر نادي ميدلسبره حاجز الألف جنيه إسترليني عندما تعاقد مع ألف كومون من سندرلاند عام 1905، كانت هناك ردود أفعال قوية للغاية آنذاك، لكن هذا يبدو مضحكا الآن، بعدما تعاقد مانشستر سيتي مع ووكر مقابل 50 مليون جنيه إسترليني.
مشاركة :