ظلت قطر من أكثر الدول نشاطاً خلال ما يسمى «الربيع العربي»، وقد دعمت على نطاق واسع الانتفاضات العربية بتغطية إعلامية واسعة النطاق على قناة الجزيرة، التي تتخذ من الدوحة مقراً لها، فضلاً عن الدعم المالي والدبلوماسي والمادي للأطراف الفاعلة. وفي كثير من الأحيان كانت قطر تقدم دعمها للجماعات الإسلامية، مثل جماعة الإخوان المسلمين، إلى الحد الذي تولد فيه نوع من العلاقة المباشرة والحميمية بين الاثنين. - في كثير من الأحيان كانت قطر تقدم دعمها للجماعات الإسلامية، مثل جماعة الإخوان المسلمين، إلى الحد الذي تولد فيه نوع من العلاقة المباشرة والحميمية بين الاثنين. - بعد الثورة التونسية، ذكر الغنوشي في مقابلة مع صحيفة «العرب»، أن قطر كانت «شريكاً» في ثورة تونس، وليس أقلها بسبب تغطية الجزيرة. - الفهم الدقيق للحركات الإسلامية السياسية في العالم العربي يشير إلى أن قطر نادراً ما عملت حصرياً مع «الإخوان المسلمين»، بل هي تعمل وفقاً لمنطق «نحن نعلم أن ذلك يحدث ولكن ليس هناك دليل». ومن الواضح أن هناك روابط مهمة وواضحة بين قطر و«الإخوان»، واستضافت قطر منذ فترة طويلة واحداً من أكثر رجال الدين تأثيراً، وهو يوسف القرضاوي، وزودته بمنصة على قناة الجزيرة، حيث زادت هذه المنصة من نفوذه بشكل كبير. كما دعمت دولة قطر بقوة حكومة محمد مرسي، التي قادها «الإخوان» في مصر، بعشرات المليارات من الدولارات والغاز الطبيعي المسال. مجموعة إقليمية وقد استضافت قطر مجموعة من المنفيين، إضافة إلى صفوف «الإخوان»، وقادة منظمة التحرير الفلسطينية، مثل زعيم حركة المقاومة الإسلامية «حماس» السابق، خالد مشعل، الذي ظل مقيماً في قطر منذ عام 1999، وكان الزعيم الشيشاني السابق، زاليمخان يانداربييف، قد عاش في الدوحة منذ عام 1999، إلى أن اغتاله الروس في عام 2004. ومن بين «الضيوف» عمر بن لادن، ابن زعيم تنظيم «القاعدة» الراحل، أسامة بن لادن. ويقيم في قطر الكثير من أفراد عائلة الزعيم العراقي الراحل صدام حسين، والدعاة الإسلاميين المثيرين للجدل، بمن في ذلك الكندي بلال فيليبس، والرئيس الموريتاني السابق، معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، وأسرته، منذ أغسطس 2005، والزعيم السابق للجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر، عباسي مدني، ورجل الدين الليبي البارز، علي الصلابي. وتشير استضافة قطر لأفراد هذه المجموعة الإقليمية إلى تسامحها مع المنفيين، بغض النظر عن خطورتهم. إن الفهم الدقيق للحركات الإسلامية السياسية في العالم العربي يشير إلى أن قطر نادراً ما تعمل حصرياً مع «الإخوان المسلمين»، إذ تعمل قطر وفقاً لمنطق «نحن نعلم أن ذلك يحدث، ولكن ليس هناك دليل»، ويفترض على نطاق واسع أن قطر تدعم زعيم حزب النهضة التونسي، راشد الغنوشي. التأكيدات الجريئة للعلاقات التمويلية بين اثنين يؤكدها تقرير صدر في أغسطس 2012 عن محكمة المدققين التونسيين، الذي أثار أسئلة مدروسة حول مصدر تمويل «النهضة». سحب السفير وبصرف النظر عن الروابط المالية المفترضة، هناك اتصالات شخصية بين الاثنين، فقد ظل الغنوشي يتردد على الدوحة على مر السنين، وجمعته إحدى زياراته مع القرضاوي، ليتحدثا أمام جمهور غفير، كما كان الغنوشي متحدثاً منتظماً على قناة الجزيرة. والواقع أن ظهوره إلى جانب شخصيات تونسية معارضة آنذاك، من بينها المنصف المرزوقي، على قناة الجزيرة في عامي 2000 و2001، أدى إلى سحب السفير التونسي في قطر. بعد الثورة التونسية، ذكر الغنوشي في مقابلة مع صحيفة «العرب» أن قطر كانت «شريكاً» في ثورة تونس، وليس أقلها بسبب تغطية الجزيرة. وأثار أعضاء آخرون في حزب النهضة عاصفة من الانتقادات، خلال اقتراحهم أن يحضر الأمير القطري السابق، الشيخ حمد، افتتاح الجمعية التونسية الوطنية الجديدة في عام 2011. وساعد صهر الغنوشي، رفيق عبدالسلام، على تعزيز العلاقات بين البلدين، بعد أن صار وزيراً للخارجية في تونس، وكان قد عمل من قبل رئيساً للبحوث في مركز الجزيرة للدراسات في الدوحة. استثمارات كبيرة أدت زيارات متعددة رفيعة المستوى بين البلدين إلى تقديم قطر دعماً اقتصادياً واستثمارات كبيرة لتونس، وفي البداية، تعهدت قطر بتقديم قروض بقيمة 500 مليون دولار - تضاهيها تركيا ـ ولكن أكثر مما قدمه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مجتمعين. وقد استثمرت قطر أيضاً مليارات عدة من الدولارات في قطاعات الاتصالات، والبنوك، والسياحة، والهيدروكربون التونسية، إضافة إلى توفير 20 ألف فرصة عمل للتونسيين في قطر. ويبدو أن بعض الداعمين القطريين سعى أيضاً إلى شراء إحدى الصحف التونسية الشعبية الجديدة (التونسية)، التي أنشئت بعد سقوط الرئيس السابق، زين العابدين بن علي. ومن المؤكد أن هناك صلات قوية بين «النهضة» و«الإخوان المسلمين»، لكنهما ليسا المجموعة نفسها. حدث الشيء نفسه في ليبيا، حيث وجهت قطر دعمها إلى هذا البلد من خلال رجل الدين، علي الصلابي، وشقيقه، اللذين لا ينتميان إلى «الإخوان المسلمين»، على الرغم من ارتباطهما مع هذه المجموعة، وفي الواقع، عندما حاول الصلابي الاتحاد مع جماعة الإخوان الليبية «الرسمية»، رفضت طلبه. وعلى هذا الأساس، وفّرت قطر، منذ أواخر الخمسينات من القرن الماضي، منصة مريحة ومستقرة ومرحبة، يستطيع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أن يقيموا فيها بأمان، ويجندوا من يريدون تجنيده في صفوفهم. وتركز جماعة الإخوان المسلمين داخلياً، لكنها ظلت تركز بلا هوادة في أماكن أخرى. وفي «الربيع العربي»، وجهوا الدعم إلى جماعات معينة، غالباً ما تكون مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين. ديفيد روبرتس محاضر في قسم الدراسات الدفاعية في كلية كينغز لندن.
مشاركة :